حصار الأزمات يغلق آلاف الشركات ويفاقم أزمة البطالة ويهدد بانهيار وشيك لمفاصل الاقتصاد المحلي.
 
حذّرت الهيئات الاقتصادية اللبنانية من انهيار وشيك للقطاع الخاص، وسط تصاعد المخاوف من تفاقم الشلل الذي أصاب كافة مفاصل الاقتصاد المحلي دون استثناء.
 
وقال رئيس الهيئات محمد شقير، الذي يتقلد منصب وزير الاتصالات، إن “القطاع الخاص الذي يمثل ثلاثة أرباع المجتمع ينهار الآن مثل حجارة الدومينو، كما أن الاقتصاد الحقيقي والقطاعات الإنتاجية تحتضر، بينما لا توجد مبادرات جدية”.
 
وأبدى شقير في بيان نشرته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية تخوفه من مسلسل التراجعات التي تصيب كافة مفاصل الاقتصاد المحلي دون استثناء، معتبرا أن هذه الأزمة العميقة والخطرة لم يمرّ بها لبنان بتاريخه.
 
وتأتي هذه التحذيرات بالتزامن مع بدء الحكومة مناقشة موازنة العام المقبل، والتي يرجح أنها ستكون الأكثر تقشفا في تاريخ البلاد مع احتمال فرض ضرائب جديدة وتقليص خطوط الدعم.
 
وأعلنت الهيئات الاقتصادية رفضها لزيادة الأعباء الضريبية على المؤسسات، وطالبت بإلغاء “الضرائب الجائرة”.
 
كما دعت الحكومة لأن تكون لديها الجرأة في الدخول على الملفات الأساسية ذات التأثير السلبي الكبير على الوضعين المالي والاقتصادي للدولة واتخاذ إجراءات جذرية لمعالجتها.
 
وأشارت إلى أن القطاع الخاص ساعد الدولة والاقتصاد من خلال الزيادات الضريبية الهائلة، التي فرضت عليه منذ العام 2017.
 
وترى الأوساط الاقتصادية اللبنانية أن العلاج الحقيقي يكمن في إعادة هيكلة القطاع العام وخفض نفقاته، فضلا عن وقف التهريب وإنهاء الاقتصاد غير الشرعي ومعالجة ملف الكهرباء ومكافحة الفساد.
 
وتحمّل الأوساط الشعبية الطبقة السياسية المسؤولية بشأن تدهور الأوضاع وعدم القيام بالعلاجات الفعلية خصوصا لجهة إصلاح القطاع العام والكهرباء.
 
وأثار نقص السيولة النقدية وخاصة الدولار في السوق اللبنانية مؤخرا قلق أوساط الأعمال من تفاقم الأزمة بشكل أكبر في الفترة المقبلة نتيجة القيود المفروضة على عمليات السحب من البنوك خشية الانزلاق في منحدر تآكل احتياطات المركزي، والتي أجبرت بعض الشركات إلى إيقاف نشاطها مؤقتا.
 
وتشير البيانات الرسمية إلى أن سوق العمل اللبناني تضرر بدوره وبدأ منذ أشهر طويلة بالدوران في حلقة مفرغة، في ظل الأزمات الاقتصادية الخانقة، التي أجبرت الآلاف من الشركات على إغلاق أبوابها بسبب الصراعات السياسية.
 
وتظهر الأرقام أن أكثر من 2200 شركة ومؤسسة لبنانية أغلقت أبوبها خلال العام الماضي، في وقت أعلنت فيه وزارة المالية أن 3250 مؤسسة ومحلا تجاريا تقدمت بالتصريح حول توقفها عن العمل.
 
ويقول محللون إن الأزمة المالية مع فقدان السيولة النقدية من العملة الصعبة أجبرت أعدادا أكبر من الشركات على وقف نشاطها بشكل كامل أو الاضطرار إلى تسريح الآلاف من الموظفين والعمال.
 
وفي غياب أي أرقام رسمية حول عدد الذين خسروا وظائفهم، أشارت تقديرات إلى أنهم أكثر من 4750 موظفا وعاملا.
 
وتعتبر البطالة أزمة غير مستجدة في لبنان، لكنها مستمرة في التفاقم في ظل الحالة الاقتصادية التي وصل إليها البلد الذي يعتبر أحد أكثر الدول مديونية في العالم.
 
ويقول البنك الدولي إن 23 ألف فرد يدخلون سوق العمل اللبناني سنويا، وأن الاقتصاد يحتاج لاستيعابهم عبر توفير أكثر من 6 أضعاف عدد الوظائف الموجودة أساسا.
 
وأشار إلى أن متوسط صافي فرص العمل التي كانت متاحة بين العامين 2004 و2007 قد بلغ 3400 وظيفة  فقط.
 
ويواجه لبنان أزمة اقتصادية في تصاعد الدين العام، بالتزامن مع تراجع اقتصادي حيث بلغ العجز في موازنة العام الماضي 6 مليارات دولار.
 
ووفق وزارة المالية فقد بلغ الدين العام في الربع الأول من العام الحالي نحو 86.2 مليار دولار، ما يشكل نحو 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
 
وتعوّل الحكومة على تنفيذ مجموعة من الإصلاحات التي كانت تعهدت بها في مؤتمر سيدر للمانحين لدعم الاقتصاد اللبناني الذي نظمته فرنسا في أبريل من العام الماضي.
 
وتضمن المؤتمر تعهدات مالية تتجاوز 11 مليار دولار كهبات وقروض لمساعدة بيروت على تنفيذ مشاريع للاستثمار والنهوض بالبنية التحتية في مختلف القطاعات.
 
ويأمل الشباب اللبناني في أن تكون الوعود بتوفير 900 ألف فرصة عمل من خلال برنامج الحكومة لإعمار البنية التحتية الذي حمله لبنان إلى مؤتمر سيدر، فرصة حقيقية لبناء مستقبلهم.