تدور رحى العجلة الحكومية لإنجاز موازنة 2020 مرّة كل 24 ساعة، في محاولة لتطمين «مجتمع سيدر» ان الجدية سمة التعامل مع المطالب ايذاناً بإطلاق حركة تمويل مشاريع البنى التحتية في بيروت وباقي المحافظات، كل ذلك تحت وطأة حراكات واضرابات، وتوجسات، وتعقيدات تتناول توفير السيولة بالدولار الأميركي في مجالات الاستيراد والتجارة، فضلاً عن رفع التداعيات السلبية لسيف العقوبات عن رقاب المودعين والمصارف والشركات ورجال المال والأعمال، وصولاً إلى دفع الأقساط المدرسية والجامعية بالعملات الصعبة.
 
مجلس الوزراء يعود إلى الاجتماع في جلسة رابعة حول أرقام الموازنة، بعد جلسة نيابية شكلت صدمة لجهة التوتيرات والمطالبات بتجاوز حدود المالية العامة، إلى جانب الأعراف الدستورية، والايحاء بأن صلاحية استرداد مشاريع القوانين، تعود إلى مرسوم جمهوري يصدر عن الرئاسة الأولى، في ما يشبه العودة إلى ما قبل الطائف، أو الانقضاض على صلاحيات السلطات العامة بموجب الاتفاق الذي صار دستوراً.
 
وفي إطار التحضيرات لمتابعة تفاهمات سيدر، تعقد اللجنة الوزارية للاصلاحات المالية والاقتصادية أوّل اجتماع لها في السراي الكبير، بعد تأليفها، يسبق اجتماع لجنة الكهرباء، وكلا الاجتماعين يسبقان جلسة مجلس الوزراء بعد الظهر.
 
مجلس الوزراء
 
وفي السياق، انهى مجلس الوزراء درس المواد القانونية في مشروع موازنة العام 2020 وخصص جلسته امس لبدء مناقشة أرقام المؤسسات الرسمية، انطلاقا من موازنات رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب ورئاسة مجلس الوزراء ووزارات الدولة، فيما علمت «اللواء» ان رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل، عرضا بعض الافكار والمقترحات في البنود الاصلاحية وعددها لا يتجاوز الخمسة، على ان تعقد جلسة عند الرابعة من عصر اليوم لاستكمال البحث، يسبقها اجتماع عند الحادية عشرة قبل الظهر للجنة الوزارية الموسعة المكلفة درس البنود الاصلاحية الواردة في الاوراق التي قدمتها بعض الاطراف، والتي تضم كل مكونات الحكومة.
 
وذكرت مصادر وزارية ان الجلسة طالت لاكثر من ٤ ساعات لأنها تتعلق بدرس ارقام موازنات عدد من الادارات الرسمية، وتم التطرق الى ماتضمنته ورقتا «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» من مقترحات اصلاحية لخفض النفقات والعجز وزيادة الواردات واصلاح الادارات والمؤسسات العامة.
 
وفي المعلومات ان وزير الصناعة وائل أبو فاعور اعتبر ان وزارات الدولة خرق لاتفاق الطائف، وان بعض وزارات الدولة تتعدّى على صلاحيات بعض الوزارات، ورد عليه وزير شؤون النازحين صالح الغريب، وكاد السجال يتطور، لكن الرئيس الحريري تدخل معتبرا ان الموضوع يحتاج إلى تفكير، مشيرا إلى ان وزراء الدولة في الماضي كانوا وزراء سياسيين اما اليوم فقد أصبحوا وزراء تكنوقراط ولديهم عمل، وأضاف مؤكدا انه لا خرق للدستور لأن العرف يمر بقانون رغم عدم وجود ملاكات لوزارات الدولة.
 
اما المعلومات الرسمية التي اذاعها وزير الإعلام جمال الجراح فقد تحدثت عن ثلاثة قرارات اتخذها مجلس الوزراء، بينها تكليف وزير المالية بالتنسيق مع وزيري الطاقة والمياه والاتصالات اعداد تُصوّر عام يهدف إلى توفير كلفة استخدام الطاقة الكهربائية والاتصالات في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة، وتكليف وزيرة الطاقة للتنمية الإدارية بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا اعداد تُصوّر يهدف إلى توحيد استعمال أنظمة المعلوماتية المستخدمة في الإدارات والمؤسسات العامة وصيانتها.
 
وقضى القرار الثالث بتكليف وزير المالية اعداد تُصوّر عام يهدف إلى تخفيض كلفة أعمال التنظيفات والمواد الاستهلاكية في الإدارات الرسمية والمؤسسات.
 
الى ذلك، اوضح وزير الشؤون الاجتماعية ريشار قيومجيان لـ«اللواء» ظروف نقل 35 مليار ليرة من موازنات مؤسسة الاسكان الى وزارة الشؤون، فقال: ان الوزارة سبق وطلبت دعما ماليا لعدد من الجمعيات ذات المنفعة العامة التي تُعنى بذوي الحاجات الخاصة والرعاية الاجتماعية، لانها شارفت على الافلاس، وقد ايد مطلبنا هذا الرئيس نبيه بري وجرى اقرار نقل الاعتماد في جلسة مجلس النواب، لكن نقل هذا الاعتماد لن يضر او يؤثر على المؤسسة العامة للاسكان لأن لديها رصيد مائة مليار ليرة من موازنة 2018 لم تُصرف، ومائة مليار من موازنة 2019 لم تُصرف ايضا.ونقل هذه الاعتماد لن يمس بذوي الدخل  المحدود المنتظر الحصول على قروض من مؤسسة الاسكان طالما ان المبلغ المتوافر لديها يفوق 150 مليار ليرة.
 
عون أمام الأمم المتحدة
 
من ناحية ثانية، اعاد خطاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون امام الجمعية العامة للأمم المتحدة عصر امس وضع خريطة طريق في قضايا جوهرية تمس عمل المنظمة الدولية وهي خريطة لا تختلف عن سابقتها خصوصا في ملف النازحين  السوريين وتعارض مصلحة الأقوياء مع حق الضعفاء في عمل هذه المنظمة الدولية، لكن في خطابه امس اضاف علامات استفهام حول بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية  المعنية والتي اتهمها بالسعي الى عرقلة هذه العودة عبر الإدعاء بخطورة الحالة الأمنية وإثارة المخاوف لدى النازحين والتعاطي مع الملف وكأن «النازحين قد تحولوا الى رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول»، بحسب تعبير الرئيس عون.
 
 وقالت المصادر ان الرسالة الأخرى التي اراد الرئيس عون توجيهها في كلمته هي تلك التي تتصل بقضية فلسطين وما يعرف بصفقة القرن فضلا عن الضغوطات التي تمارسها اسرائيل ضد لبنان وهي ثوابت في مواقفه كما اوضحت المصادر، التي اعتبرت ان كلمة رئيس الجمهورية اتسمت بالشمولية قائلة ان الرسالتين من خطابه والتي تمت الإشارة اليهما وصلتا الى المكان المناسب، علماً ان الرسالة الأقوى كانت في تأكيده على ان الخروق الإسرائيلية للقرار 1701 لم تتوقف يوماً، وكذلك الاعتداءات المتمادية على السيادة اللبنانية براً وبحراً وجواً، واشارته إلى «غزو» الضاحية الجنوبية بـ«المسيرتين» الإسرائيليتين والذي اعتبره العمل العدواني الأخطر للقرار، وكذلك تأكيد التزام لبنان بالقرار 1701، الا انه أضاف على هذا الالتزام إشارة بالغة الأهمية إلى ان «هذا الالتزام لا يلغي حقنا الطبيعي وغير القابل للتفرغ، الدفاع المشروع عن النفس بكل الوسائل المتاحة»، في إشارة واضحة إلى دعم المقاومة المسلحة.
 
وكان لقاء الرئيس عون مع الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريس صباح امس يصب في اطار التعاون بين لبنان والمنظمة الدولية ومناسبة للتداول بقضايا مختلفة.كما سجل للرئيس عون كلام على الواقف مع الرئيس الأيراني حسن روحاني داخل قاعة الأنتظار دام بضع دقائق.
 
ويختتم ر ئيس الجمهورية اليوم الخميس زيارته الى نيويورك ولم تحسم مسألة  الغاء المؤتمر الصحافي المشترك الذي يعقده داخل الأمم المتحدة للحديث عن اكاديمية الأنسان للتلاقي والحوار مع العلم انه وارد لكن القرار يدرس لعدة اسباب، ومنها احتمال دس صحافيين اسرائيليين داخل القاعة.
 
أزمة شح الدولار
 
 
وإذا كان الرئيس عون ألمح في خطابه امام الأمم المتحدة إلى استعداده لاجراء مفاوضات مع النظام السوري لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، فإن المعلومات التي رافقت الكشف عن هذا الاستعداد، كشفت عن علاقة ما يعانيه لبنان من أزمات اقتصادية ومالية، باستمرار وجود هؤلاء النازحين على أراضيه، ومن هذه الأزمات أزمة شح الدولار في الأسواق والتي فاقمت الوضع المعيشي الصعب.
 
الا ان المعلومات تحدثت عن احتمال ان تسلك هذه الأزمة طريقها إلى الحلحلة، مع دخول البنك المركزي على الخط، حيث أعلن الحاكم رياض سلامة انه سيصدر تعميماً يوم الثلاثاء المقبل ينظم فيه تمويل استيراد القمح والدواء والبنزين بالدولار الأميركي.
 
وكانت معلومات كثيرة تقاطعت في الأيام الماضية حول أسباب شح الدولار في الأسواق المالية، بأن أبرزها ما كشفته مصادر مصرفية لوكالة الأنباء المركزية عن محاولات لتهريب الدولار من لبنان إلى سوريا، وان البنك المركزي استشعر منذ مُـدّة وجود مخطط لهذا الأمر، تضطلع به شبكة منظمة مؤلفة من لبنانيين وسوريين وفلسطينيين وجنسيات أخرى، مقربين من النظام السوري، تقدّم على عمليات غير سليمة عبر أجهزة الصرّاف الآلي (ATM) الموزعة في الشوارع، بحيث يتم سحب الدولارات منها بكثرة في سبيل تحويلها إلى سوريا نقداً أو عبر شراء مواد اولية وبضائع من أهمها البنزين والطحين، ويدخل معظمها الأراضي السورية مهرباً عبر المعابر غير الشرعية، والهدف من هذه العمليات مد عروق النظام السوري الاقتصادي والمالية ببعض الاوكسجين لتمكينه من الصمود في وجه العقوبات الاقتصادية المفروضة عليه من قبل الإدارة الأميركية وثانياً المضاربة على الليرة اللبنانية.
 
يُشار إلى ان معلومات كشف أمس انه يتم تهريب المحروقات إلى سوريا بكميات كبيرة، إضافة إلى الطحين، وهذا ما يفسّر مضاعفة فاتورة استيراد مادتي الفيول والبنزين لدى شركات الاستيراد للسنة الحالية بالمقارنة عن السنة الماضية 2018.
 
قانون الانتخاب
 
من جهة ثانية، وفي خطوة لافتة، بدأت اللجان النيابية المشتركة أمس، مناقشة اقتراح القانون الذي تقدمت به كتلة «التحرير والتنمية» لتعديل قانون الانتخاب الحالي، المثير للجدل، والذي كان الرئيس نبيه برّي قد أوعز إلى كتلته النيابية تقديم الاقتراح الرامي إلى اعتبار لبنان دائرة انتخابية واحدة على اساس النسبية، وتخفيض سن الاقتراع إلى 18 سنة، علماً أن هذا الأمر يحتاج إلى تعديل دستوري، وإضافة ستة نواب يمثلون بلاد الاغتراب إلى العدد الحالي المؤلف منه المجلس الحالي، وكوتا نسائية ملزمة في اللوائح الانتخابية.
 
وسبق لكتلة الرئيس برّي ان استطلعت آراء الكتل النيابية خلال جولة قامت بها لوضع ملاحظاتها على الاقتراح، منها من أيد بالمبدأ ومنها من تحفظ، ومنها لم يبد الموقف النهائي، لكن اللافت ان معظم الأحزاب والكتل المسيحية، أجمعت على النظر إلى الاقتراح بحذر كما إلى توقيت بحثه، لا بل أعلنت رفضها لمكوناته صراحة، بعد ان كانت خاضت معارك لتمرير القانون الحالي على قاعدة حسن التمثيل، ومع ذلك احال الرئيس برّي الاقتراح إلى اللجان المشتركة، وليس إلى كل لجنة مختصة بمفردها، بما يسهل مناقشة الموضوع باكراً.
 
غير ان طرح الاقتراح امام اللجان المشتركة، أعاد اصطفاف القوى المسيحية مجدداً، على غرار الاصطفاف الذي حصل أمس الأوّل في الجلسة التشريعية للاعتراض على سحب الحكومة لمشروع انمائي يعود لمنطقتي المتن وجبيل، واضيف إلى هذا الاصطفاف بنشعي بعد ان كانت خطوط الاتصال قد فتحت بين معراب وميرنا الشالوحي منذ يوم الاثنين الماضي لمنع عبور اقتراح «التنمية والتحرير» نحو الهيئة العامة وتهريبه في الجلسة العامة.
 
لجنة تحقيق برلمانية
 
نيابياً أيضاً، اعلن رئيس لجنة الاعلام والاتصالات النائب حسين الحاج حسن عن «تقديم طلب الى رئاسة مجلس النواب لتأليف لجنة تحقيق برلمانية في قطاع الخليوي، بعد ان تبين وجود مخالفات وضغوطات، علما ان لجنة التحقيق لها آليه تشكيل طبقا لمواد النظام الداخلي من 140 ولغاية 143: حيث يعود لمجلس النواب في هيئته العامة أن يقرر إجراء تحقيق برلماني في موضوع معين بناءً على اقتراح مقدم إليه للمناقشة أو في معرض سؤال أو استجواب في موضوع معين أو مشروع يطرح عليه،  تجري اللجنة تحقيقها وترفع تقريراً بنتيجة أعمالها إلى رئيس المجلس الذي يطرحه على المجلس للبت في  الموضوع، وللجنة التحقيق أن تطلع على جميع الأوراق في مختلف دوائر الدولة وأن تطلب تبليغها نسخاً عنها وأن تستمع الإفادات وتطلب جميع الإيضاحات التي ترى أنها تفيد التحقيق، و يمكن للمجلس أن يولي لجان التحقيق البرلمانية سلطات هيئات التحقيق القضائية على أن يصدر القرار في جلسة للهيئة العامة.
 
كما طلبت اللجنة عقد جلسة مناقشة للتجاوزات الدستورية والقانونية والمالية المتراكمة للشركات المشغلة لقطاع الخليوي.
 
نزاع القرنة السوداء
 
وعلى صعيد آخر، نجحت قيادة الجيش اللبناني في فرملة اندفاعة التصعيد بين الضنية وبشري، ولو مؤقتاً، على خلفية النزاع بينهما حول القرنة السوداء ومشروع بركة «سمارة» المزمع تنفيذها، بعدما أعلن الجيش عن قيام وحدات عسكرية غداً وبعده الجمعة بتنفيذ تمارين ومناورات تدريبية بالذخيرة الحيّة في منطقة القرنة السوداء، داعياً المواطنين إلى عدم الاقتراب من بقعة التمارين في الزمان والمكان المذكورين.
 
وبدا واضحاً ان قيادة الجيش لجأت إلى هذا الاجراء كون أهالي الضنية كانوا يتحضرون لإقامة صلاة الجمعة في القرنة، في حين دعا أهالي بشري لإقامة صلاة هناك، الأمر الذي كان من شأنه ان يؤدي  إلى ما لا تحمد عقباه.
 
لكن اللافت ان الأزمة تقف وراءها تيارات سياسية تسعى إلى التأجيج الطائفي بين أهالي بشري والضنية، وهي التي تغذي التصعيد والتوتر، عبر شبكات التواصل الاجتماعي وتنظيم الاحتجاجات، تارة عبر مسيرات سيّارة وتارة عبر إقامة صلاة الجمعة.
 
وفي تقدير مصادر مطلعة ان قرار وزير المالية علي حسن خليل بتسمية أربعة مساحين للمباشرة فوراً بترسيم الحدود بين منطقتي بقاعصفرين وبشري العقاريتين، من شأنه ان يضع حدا للنزاع إذا وصل إلى خاتمته المنشودة، خاصة وان القرار يُشكّل فرصة ليقدم كل طرف في المنطقتين ما لديه من وثائق وحجج يبني على الشيء مقتضاه
من جهة ثانية، نفت مفوضية الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي، ما تناقلته مجموعات «الواتس اب» وبعض وسائل الإعلام من روايات نقلا عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، تتضمن كلاماً مختلفاً عن قوى سياسية واحزاب وجهات محلية وخارجية، وصفتها بأنها من «نسج الخيال ولا تمت إلى الحقيقة بصلة»، ودعت المفوضية وسائل الإعلام إلى التدقيق بما يتم تناقله قبل إعادة نشره في هذا التوقيت المشبوه والمضمون الكاذب».