تناولت صحف عربية، بنسختيها الورقية والإلكترونية، أحدث التطورات حول الانتخابات الإسرائيلية بعدما اتخذ رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو وأبرز خصومه السياسيين، بيني غانتس، "خطوة مهمة" في اتجاه تشكيل حكومة جديدة.
 
جاء ذلك بعد اجتماع استضافه الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين بين الخصمين السياسيين. وجاءت نتيجة الانتخابات العامة، الثانية هذا العام، دون حسم للأغلبية.
 
"تفتيت المشروع الوطني الفلسطيني"
يقول سراج عاصي في العربي الجديد اللندنية: "لا يقتصر صراعنا، نحن فلسطينيو الداخل، على عقدة التخلص من نتنياهو. ولا ينبغي أن يصبح شعار إسقاط نتنياهو مبرّرا للتحالف مع مرشح لا يقل عداء للفلسطينيين عن خلفه، كما يشهد تاريخه الدموي والعدواني في الضفة الغربية وقطاع غزة، فهدفنا ليس مجرد الانتقام من نتنياهو أو معاقبته على تصريحاته العنصرية ضد الناخبين العرب، بل مناهضة عقيدة يهودية الدولة وقانون الدولة العنصرية في الداخل، ومشروع الاحتلال والمستوطنات وحصار غزة".
 
ويضيف الكاتب أن "حزب غانتس ليس حزب مركز بل حزب يميني لا يقلّ تطرّفا عن نظيره الليكود في سياسته القمعية تجاه الفلسطينيين، فقد استهل غانتس حملته الانتخابية متباهيا بقصف غزة وإعادتها إلى العصر الحجري، على حد تعبيره. ولا يملك غانتس مشروع سلام، بل تعهّد بمواصلة مشروع الاحتلال وضمّ المستوطنات في الضفة الغربية والقدس".

ويقول عريب الرنتاوي في الدستور الأردنية: "لم يتورط أي فريق فلسطيني في الكشف رسمياً وعلنياً، عن تفضيلاته بخصوص الصراع المحتدم بين بنيامين نتنياهو وبيني غانتس على رئاسة الحكومة الإسرائيلية الجديدة، في أثناء الحملات الانتخابية وبعدها ... بيد أنه ليس صعباً على المراقب الحصيف، أن يلحظ تباين هذه التفضيلات، وأن يدرك بأن تباينها نابع من اختلاف المصالح الضيقة وأولويات اللحظة لا أكثر".

ويضيف الكاتب أن "الأخطر من كل ذاك وتلك، أن بعض الفلسطينيين يكاد يتورط في اقتراح إعادة بناء برنامج جديد للحركة الوطنية الفلسطينية، مفصّل على مقاس التباينات التكتيكية بين غانتس ونتنياهو. مثل هذه المقاربة، لا تشيع الأوهام فحسب، بل وتسهم في تفتيت المشروع الوطني الفلسطيني والانخفاض بمطالبه وسقوفه، بما لا يتعدى تسهيل الحركة على المعابر أو إيصال المال لغزة، أو استرداد أموال المقاصة. مثل هذه المقاربة، ستفشل حتماً في إعادة بناء الحركة الوطنية الفلسطينية".

وفي رأي اليوم اللندنية، يقول نواف الزرو: "وفق الخطوط والمعطيات السياسية الماثلة أمامنا في المشهد السياسي الانتخابي الإسرائيلي، يمكننا القول بأن الأجندات السياسية لدول المنطقة، سواء فلسطينية أو عربية، وكذلك الأوروبية والأمريكية، كلها مرتهنة في حقيقة الأمر بالأجندة السياسية الإسرائيلية سواء الراهنة أو المستقبلية القادمة بعد الانتخابات، وهذه ليست مبالغة، فكل الأطراف المعنية وفي مقدمتهم الفلسطينيون والعرب، جمدت أجنداتها وبرامجها - إن وجدت - ونشاطاتها وفعالياتها السياسية الجادة، ورهنتها قسراً أو طواعية للمشيئة السياسية الإسرائيلية كما أرادها نتنياهو وأجلها الى ما بعد الانتخابات البرلمانية".

ويضيف الكاتب: "المذهل إذا ما توقفنا أمام البعد الاستراتيجي للمسألة، فإن كل هذه الأطراف العربية المطبعة والمتفرجة على نحو خاص أخذت تسير وتتأقلم حسب الإيقاع الإسرائيلي ووفق الأجندة السياسية الإسرائيلية، حتى دون أن تحث نفسها على وضع أجندة سياسية خاصة تشتمل على بدائل وخيارات أخرى، حال مثلاً نجح نتنياهو مرة أخرى بتشكيل الحكومة الجديدة، وحال مثلاً مواصلته برامجه الحربية والاستيطانية التهويدية".

"مبادرات جديدة"

أما عبد المنعم سعيد فيقول في الشرق الأوسط اللندنية: "إذا كان حلّ الدولتين قد وصل إلى طريق مسدود بسبب الانقسام الفلسطيني من ناحية، وهيمنة العنصرية والتوسع الإسرائيلي من ناحية أخرى؛ فإن نهاية عصر نتنياهو المطلق ربما تكون فاتحة لمبادرات جديدة تتعامل مع واقع فلسطيني مختلف داخل إسرائيل، تستند إلى قاعدة المساواة بين العرب واليهود؛ وتتعامل مع واقع إقليمي بات مختلفاً عما كان عليه في أوقات ماضية".

ويرى الكاتب أن "حكومة الوحدة الوطنية الإسرائيلية لا تعني بالضرورة أن مثل هذا الطريق سوف يكون ممهداً، فلا يوجد داخل أبيض وأزرق، وفي عقل غانتس ما يدفع في هذا الاتجاه، ولكن ما هو موجود يدور حول مفهوم الأمن، الذي كما ذكرنا قد بات واحداً من موضوعات الاعتماد المتبادل بين الفلسطينيين والإسرائيليين من ناحية؛ ومن ناحية أخرى فإنه من الموضوعات التي يوجد لدى الطرفين دوافع للتعاون بشأنها. وفي كل الأحوال، فإن أكثر الأمور صعوبة هو استمرار الأوضاع القائمة حالياً، والتي تجعل الحياة في إسرائيل قلقة، وتجعل الفلسطينيين يعيشون دون أمل في المستقبل".

ويقول هاني حبيب في الأيام الفلسطينية إن "نتنياهو كان متساهلاً حول إمكانية النظر إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية من دون أن تضم أحزاباً دينية يمينية متطرفة، ما يشير إلى أن الاجتماعات حول تشكيل مثل هذه الحكومة، عبارة عن مناورات وتآمرات أكثر منها محاولة للاقتراب من تشكيل يدرك الطرفان صعوبته، إن لم يكن استحالته، على ضوء المعادلة الحزبية والتكتلات الناجمة عن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة".

ويضيف الكاتب أن "المعادلة القائمة الآن، تكاد تشكل أساس الاستعصاء أمام تشكيل أية حكومة وليس فقط حكومة وحدة. حاز أزرق ـ أبيض على مقاعد أكثر، لكن كتلته الانتخابية أقل، حتى باحتساب الأصوات العشرة من القائمة العربية المشتركة، بينما لحزب الليكود، مقاعد أقل مع كتلة أكبر قليلاً، كما أن اشتراطات أزرق ـ أبيض لتشكيل حكومة وحدة، لا تقتصر على مسألة التناوب ومَن الأول فيه، ولكن هذا التكتل يطرح شروطاً غير مقبولة على الليكود، من بينها، حكومة علمانية تدفع قضايا الزواج المدني وفتح المصالح التجارية وتسيير المواصلات العامة أيام السبت وتجنيد الحريديين للجيش".