ألا تجد نفسك يا سيد أبي صعب عارياً عندما تمدح أنظمة الظلامية والاستبداد والطغيان في مكانٍ بعيد، وتتغافل عن من هو على مرمى حجرٍ منك؟ أم هي الاعطية في أول الأمر وآخره
 
قالت العرب قديماً: رمتني بدائها وانسلّت، وأصله أنّ امرأةً قالته عندما رمتها جارتها بما هي فيه (أي الجارة).
 
يجوز أو يطيب لمن ما زال يعتقد بأنّ للشعر هالة سماوية مقدّسة، وللأدب ألقهُ ورِفعته، وللنقد الأدبي حياديته وموضوعيّته، أن يطال الشاعر طلال حيدر ببعض اللّوم والعتب والعجب من قصيدته الرائية "الركيكة"، تلك التي ألقاها في حضرة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان، أثناء احتفال السفارة بالعيد الوطني لقيام المملكة، أمّا أن يأتيه نقدٌ لاذعٌ ومُرفقٌ بالتجريح الشخصي من قِبل من سبق له أن "امتهن" حرفة الأدب كالكاتب بيار أبي صعب في صحيفة الأخبار، فهذا لعمري مدعاة للذُّل والهوان والانحدار والخزي أضعاف المرّات من قصيدة مديح حيدر للملك السعودي وولي عهده.
 
في صحيفة "المدن" الإلكترونية نقدٌ مُخفّف لقصيدة حيدر، مع التذكير بمدحه وتبجيله لآل الأسد في سالف عصر الوصاية السورية على لبنان، ورفعهم إلى مصاف الأنبياء، ويغفل( أو يتعامى) أبي صعب عن هذه " المأثرة" للشاعر طلال حيدر  بمدحه آل الاسد، وينصرف لصبّ جام غضبه عليه لمدحه آل سعود، فلا يكتفي بنعت قصيدته بالرّكاكة، بل يصمه بركاكة روحه، ويُصعد في التجريح والشتم فيصفه بال"كشتنبجي" المتقاعد الذي خانته مهاراته، ولا ينسى أبي صعب أن تطال سهام النقد اللاذع والسخرية من كان يقف بجانب الشاعر، كالسيدة بهية الحريري "المنتصبة كتمثالٍ من الشمع إلى يساره، ويقف إلى يمينه السفير السعودي مع ابتسامة رضا "باهتة"، بعد منحه "الأُعطية"، ثم يندفع أبي صعب بالنقد اللاذع فيناشد الشاعر: ويحك، كيف تجمّعت هذه القوافي كذباب عملاقٍ على روث الدواب؟
 
 
 
بعد مرور "الأديب" أبي صعب على تاريخية المديح في سجل الشعر العربي، ينتقل مباشرة إلى رثاء الشاعر حيدر، الذي كان يوماً ما سيد البلاغة، وصاحب السّليقة الشعرية الفريدة، وريث ميشال طراد، والذي أسهم في ترسيخ "فصاحة" القصيدة العاميّة، وغنّته فيروز، فها هو اليوم يقضي على منبر سفارة السعودية في منطق أبي صعب، وأخيرا يصل ناقد صحيفة الأخبار إلى بيت القصيد، إلى السياسة، والتي يعتاش منها الكاتب، وبفضلها تحضر "الأُعطيات " الإيرانية: الشاعر حيدر، في عُرف ومنطق أبي صعب،  يشهد بالزّور لأحد " أبشع الأنظمة الاستبدادية والانحطاطية في تاريخنا العربي الحديث" كما يشهد لطاغية "جمع في فترة وجيزة كل آفات الظلامية، وجرائم الحرب، وتصنيع التكفير والخيانة القومية، وسَجن المعارضين والمعارضات(بحمد الله تعالى لم يذكر التصفيات الجسدية)، والتنكيل بالاعلاميين وقتلهم، وينهي أبي صعب مطالعته الفذّة بحقّ المملكة وشاعرها الجديد، بتصوير حيدر عارياً، بلا موهبة ولا أخلاق، ولا يغفل أن يحمله ما ستحمله الأيام القادمة من مخاطر الانحطاط التكفيري، فضلاً عن مشاريع تصفية القضية الفلسطينية. 
 
لن ندافع عن المملكة العربية السعودية ولا عن الشاعر طلال حيدر،  فهذا شأن كلٍّ منهما، لكن سؤال وحيد ومُلحّ وضروري يُوجّه للسيد أبي صعب، نائب رئيس تحرير صحيفة الأخبار، ألا يتفوّق نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا بأشواطٍ عديدة على نظام المملكة العربية السعودية في التنكيل بالمعارضين والمعارضات  ( مع فارق التصفية الجسدية لصالح آل الأسد )؟ ألا يتفوق نظام الأسد على نظام المملكة بجرائم الحرب وتصنيع التكفير وسائر الآفات الظلامية، بالإضافة للخيانة القومية، ونزيدك بيتاً من الشعر يا أستاذ أبي صعب في فضائل آل الأسد في سوريا ونظام الملالي في إيران( هؤلاء الذين تتنعّم بخيراتهم)، فبفضلهما تمّ تخريب الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في لبنان ودفعه( مع زبانيتهم طبعاً) إلى الانحدار والانهيار،  ونالت القضية الفلسطينية على  يد نظام آل الأسد ما لم تنلهُ على يد أعدائها.
 
أخيراً، ألا تجد نفسك يا سيد أبي صعب "عارياً" عندما تمدح أنظمة الظلامية والاستبداد والطغيان في مكانٍ "بعيد"، وتتغافل عن من هو على مرمى حجرٍ منك؟ أم هي "الاعطية" في أول الأمر وآخره.