إذا كانت إحالة مشروع موازنة 2020 الى الحكومة وانطلاق مناقشاتها في مجلس الوزراء تعدّ الانجاز الاوحد الذي قدّمته السلطة السياسية، وترى في هذه الموازنة الخالية من أي ضرائب، على حد تأكيد وزير المال علي حسن خليل، فرصة لخفض إضافي للعجز ولوَضع لبنان فعلاً على طريق النمو، الّا انّ اللافت للانتباه هو التشكيك الذي تُحاط به هذه الموازنة من قبل خبراء الاقتصاد في لبنان، الذين يعدونها "دون المستوى المطلوب، وقاصرة عن تأمين أي نوع من الاصلاح والانتعاش الاقتصادي".
 
وكذلك من جانب جهات دولية، منها ما هو مرتبط بـ"سيدر" ومنها ما هو مرتبط بالولايات المتحدة الاميركية، إذ انّ التقويم الاميركي لموازنة 2020، الذي أورَده ديبلوماسيون أميركيون مساء الخميس الفائت أمام ما يزيد عن 20 شخصية لبنانية، جاء انتقادياً لهذه الموازنة، ونَقَله أحد المشاركين في اللقاء لـ"الجمهورية" بِما مَفاده: "لبنان، مع الأسف، يعاني أوضاعاً استثنائية، والموازنة التي تمّ إعدادها لا ترقى الى هذا الوضع الاستثنائي في لبنان".
 
ووفق تلك الشخصية، فإنّ المشاركين في اللقاء لم يلمسوا أيّ تطمين أميركي حيال الاجراءات التي تتخذها واشنطن وطالتَ فيها بعض المصارف اللبنانية، كما لم يلمسوا ما يشير الى وجود إجراءات جديدة تطال بعض المصارف، على غرار "جمّال تراست بنك"، ذلك انّ القرار في هذا الشأن هو لدى الادارة الاميركية وحدها.
 
ولفتت الشخصية المذكورة الى انّ هناك أسئلة طُرِحت من قبل المشاركين حول العقوبات الاميركية على "حزب الله"، الّا انّ الاجوبة الديبلوماسية الاميركية عنها لم تدخل في تفاصيلها، من دون ان يعني ذلك عدم الاستمرار فيها، بل حملت تأكيداً "بأنّ لبنان يعني واشنطن كثيراً: هذا البلد نحبّه كثيراً، ونجد أنه مهم جداً بالنسبة الى الولايات المتحدة الاميركية على كل المستويات، بغضّ النظر عن صِغر حجمه".
 
وتبعاً لِما سَمِعَته تلك الشخصية في اللقاء، خَلُصَت الى الاشارة الى أمرين:
 
الأول، إنّ سلاح العقوبات التقنية والمالية، في وجه خصوم الولايات المتحدة الاميركية، هو السلاح الأمضى والأكثر فعالية من اي ضغوطات تأخذ الطابع العسكري وتتطلّب وجوداً عسكرياً أميركياً على الارض. وبالتالي، فإنّ الاولوية هي للعقوبات الاقتصادية والمالية.
 
الثاني، انّ الولايات المتحدة معنية بأصدقائها في أي منطقة في العالم، وهي على استعداد ان تقدّم لهم المساعدة حينما يحتاجونها. وفي هذا المجال، تقول تلك الشخصية: لقد سمعنا من الديبلوماسيين الاميركيين ما حَرفيّته "ما يجب ان يكون معلوماً هو اننا (الاميركيون) لسنا متزوّجين سوى مصلحة الولايات المتحدة الاميركية".
 
وأمّا حين تمّ التطرق الى الملف الايراني، فتشير الشخصية المُشارِكة الى انّ الكلام الديبلوماسي الاميركي كان لافتاً في مقاربته هذا الملف، وجاء فيه ما مفاده انّ على الايرانيين أن يقرأوا التصريحات الاخيرة لوزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو بعناية تامة، وأن يتعمّقوا فيها، لأنها هي التي تعبّر عن السياسة الحقيقية للولايات المتحدة الاميركية.