الأحزاب العربية تتحد من أجل تحسين تموقعها في الكنيست بعد خيبة أبريل
 
تحدد الانتخابات التشريعية التي تخاض في إسرائيل اليوم الثلاثاء، مصير ومستقبل رئيس الحكومة الحالي بنيامين نتنياهو الذي يواجه ثلاث ملفات قضائية متعلقة بالفساد وخيانة أمانة ستنفجر في وجهه إذا ما فقد حصانته النيابية ومنصبه على رأس السلطة في إسرائيل.
 
وتتمحور المعركة الانتخابية حول قدرة نتنياهو على رأس حزب الليكود في استقطاب كتلة ناخبة من اليمين المتطرف والأحزاب الدينية (الحريديم) لتشكيل حكومة، وإبعاد أيّ تحالفات مضادة قد تحمل بيني غانتس زعيم حزب أزرق أبيض المصنّف يسار وسط، ليشكّل حكومة تقلّص من نفوذ اليمين المتطرف، وتُقصي الأحزاب الدينية عن أيّ نفوذ في السلطة.
 
وسبق وأن وجّه غانتس انتقادات إلى الأحزاب الدينية، طارحا فرضية التحالف مع الليكود شريطة إبعاد تلك الأحزاب عن السلطة، حيث ظلت لعقود طويلة إحدى ركائزها.
 
ويقول باحثون في شؤون الشرق الأوسط أن نتيجة هذه الانتخابات قد تحدد المسار المقبل لمآلات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. ويلفتون إلى أن صفقة القرن التي تعمل عليها الإدارة الأميركية، والتي تقول واشنطن إنها ستعلن عنها بعد الانتخابات تتعلق بشخص نتنياهو الذي حظي بدعم خاص من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وبعلاقة خاصة مع مستشار الأخير وصهره جاريد كوشنر المكلّف بصياغة الصفقة الأميركية الموعودة.
 
وأعطت الاستطلاعات حزب الليكود احتمال نيل بين 31-33 مقعداً، مُتراجعاً عمّا ناله في الانتخابات الماضية، والتي بلغت 36 مقعداً.
 
ولفت مراقبون إلى أن نتنياهو يشعر بخطورة الموقف، وأنه سعى إلى الذهاب بعيداً في وعوده الانتخابية المتعلقة بضمّ مستوطنات الضفة الغربية، كما ضم غور الأردن آملاً في جذب أكبر شريحة انتخابية يمينية للتصويت لصالحه.
 
وأعلن نتنياهو عن تعهد مثير للجدل بضم غور الأردن الذي يشكّل ثلث مساحة الضفة الغربية المحتلة إذا فاز في الانتخابات. كما تعهد بفرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات في الضفة الغربية، بالتنسيق مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
 
وقضى نتنياهو الأيام الأخيرة ما قبل الانتخابات يستحثّ قاعدته اليمينية على الإقبال على صناديق الاقتراع.
 
في المقابل تخلّى غانتس عن تودّده السابق للأحزاب الدينية على نحو حسم من خلاله خياره باتجاه مخاطبة كتلة ناخبة مدنية ومعادية للأحزاب الدينية، التي تراجع إشعاعها بشكل دراماتيكي داخل المجتمع الإسرائيلي.
 
وكتب غانتس في صحيفة معاريف “سيغيّر أزرق أبيض تحت قيادتي اتجاه سفينة الدولة الديمقراطية الإسرائيلية (…) ولن يكون هناك مزيد من التحريض على الخلافات تحت شعار ‘فرِّق تسد’ وإنما العمل السريع لتشكيل حكومة وحدة”، في إشارة إلى إمكانية وضعه ليده في يد الليكود.
 
ويُتوقّع أنْ ينال تحالف غانتس بين 31-33 مقعدا، مُتراجعا عمّا ناله في الانتخابات الماضية، وبلغ 35 مقعداً، على الرغم من حداثته في الحياة السياسية.
 
ويرى محللون أن توجّهات تحالف أزرق أبيض باتت مماثلة لحزب إسرائيل بيتنا الذي يرأسه وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان لجهة النهل من الكتلة الناخبة العلمانية، ما يعني أنهما يتنافسان داخل الوعاء الانتخابي ذاته. ويُتوقَّع أنْ تحصد أحزاب اليمين مجتمعة بين 51-59 مقعدا، وأن تنال أحزاب الوسط بين 39-45 مقعداً.
 
وهذا يعني أنّه لن يكون باستطاعة أيّ من المُعسكرين تشكيل حكومة، بل سيحتاج كلا الطرفين إلى أصوات “القائمة المُشتركة” العربية أو “إسرائيل بيتنا”.
 
وقد يصبح وزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان العلماني الذي دخل المعترك الانتخابي كمنافس له صانعا للملوك في حملته “لجعل إسرائيل طبيعية من جديد”، مستهدفاً بذلك تأثير الأحزاب اليهودية الأرثوذكسية المتشددة في إسرائيل.
 
وترجح التوقعات أن يبقى ليبرمان بمثابة بيضة القبان في الحكومة المقبلة، علماً أنه كان خلف فشل نتنياهو في تشكيل حكومة بعد انتخابات أبريل الماضية، حينما تمسّك بشرط تمرير قانون التجنيد على اليهود المتدينين، وهو ما دفع زعيم الليكود إلى طلب حل الكنيست والذهاب في انتخابات جديدة.
 
وتُظهر استطلاعات الرأي اكتساب ليبرمان شعبية كبيرة بسبب حملته ضد الأحزاب اليهودية المتشدّدة التي تعتبر جزءاً مهماً من ائتلاف نتنياهو المخطط له.
 
ويتهم ليبرمان هذه الأحزاب بالسعي إلى فرض الشريعة اليهودية على السكان العلمانيين في إسرائيل، ويريد انتزاع تشريع يُنهي إعفاء اليهود المتشدّدين من الخدمة العسكرية الإلزامية.
 
 
واستخدم اليمين خطابا عنصريّا ضد عرب 48 في محاولة لصناعة أجواء كراهية تأتي بمزيد من الأصوات لتحالف نتنياهو. بالمقابل تسعى الأحزاب العربية إلى حصد مزيد من المقاعد داخل الكنيست المقبل في محاولة للتأثير داخل المشهد السياسي الإسرائيلي.
 
وتتقدّم الأحزاب العربية إلى هذه الانتخابات ضمن قائمة واحدة ينضوي داخلها مرشحو 4 أحزاب عربية. وكانت هذه الأحزاب قد خسرت في انتخابات أبريل حين تقدمت بشكل متفرق، ونالت 10 مقاعد فقط بعد أن كانت تحظى بـ13 مقعداً قبل ذلك. ويُتوقّع أنْ تحصد “القائمة المُشتركة” برئاسة أيمن عودة بين 10-12 مقعدا.
 
ويقول مراقبون أنه إذا ما ارتفعت نسبة المشاركة في الانتخابات لدى عرب 48 وتركزت على القائمة المشتركة ولم تتشتت أصواتها صوب الأحزاب الإسرائيلية الأخرى، فمن شأن ذلك أن يرفع الحصة العربية ويجعلها رقما صعبا لتشكيل أيّ حكومة مقبلة.
 
وبلغت المُشاركة في الانتخابات الماضية بلغت 67.9 بالمئة، وفي المجتمع الفلسطيني 51 بالمئة وذهبت أصوات 30 بالمئة منها لصالح الأحزاب الصهيونية.
 
ونُشرت إحصاءات تبيّن منها أن عدد المخوّلين بالتصويت يبلغ 5.8 مليون، من دون احتساب سُكّان القدس الشرقية، والدروز في هضبة الجولان، إضافة إلى إسرائيليين لهم حق الاقتراع، لكنهم يُقيمون في الخارج منذ فترة طويلة.
 
وتبلغ نسبة الناخبين اليهود 79 بالمئة، بينما تبلغ نسبة الناخبين العرب 16 بالمئة، أما نسبة غير اليهود وهم في معظمهم قادمون جُدُد فتبلغ 5 بالمئة.