تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء اليوم التي تسبق سلسلة من الاستحقاقات المحلية والخارجية، في الاقتصاد لجهة وضع موازنة العام 2020 على الطاولة، ولو على سبيل لمحة موجزة يقدمها وزير المال علي حسن خليل، على ان تحتفظ الأطراف، بدءاً من الرئيس ميشال عون، الذي سيكون له كلمة ينوه فيها بالقرار الصادر عن الأمم المتحدة بتصويت 165 دولة وامتناع إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، بالترحيب بمبادرة الرئيس عون إنشاء «اكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار» في بيروت، من زاوية ان القرار الأممي يعطي دفعاً للبنان للسير في تنفيذ هذا القرار لارساء لغة الحوار ونبذ التطرف، وحل النزاعات بالطرق السلمية، وتجنب اللجوء إلى العنف..
 
وإذ استبعدت المصادر أية تعيينات من خارج جدول الأعمال، لا سيما تلك المتعلقة بتلفزيون لبنان، توقعت سجالات وأخذاً ورداً حول بعض التعيينات المدرجة على الجدول اليوم.
 
كل ذلك، على بلبلة في الأسواق، وتسربات ونفي عن إجراءات بحق مصارف لبنانية جديدة، وفي جمعية المصارف ذلك، في ظل ترقب التطورات في منطقة الخليج، بعد الاستهداف الصاروخي لشركة «ارامكو» والاتهامات الأميركية لطهران، التي تتسمك بالنفي، وسط مشاورات دولية من أجل الرد المناسب، وان ما حصل يتعلق بوضعية النفط العالمي.
 
الموازنة حاضرة
 
وعشية جلسة مجلس الوزراء التي ستنعقد اليوم في قصر بعبدا، والتي ستبحث في جدول أعمال من 26 بنداً، يتصدره مشروع موازنة العام 2020، إضافة إلى اجراء تعيينات في مؤسستي «إيدال» المجلس الاعلى للخصخصة، ومواضيع أخرى مهمة تتعلق بالاستراتيجية المتكاملة لحماية الحدود وتعديل قانون الإيجارات وفصل البلديات عن وزارة الداخلية، أطلق رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري ووزير المال علي حسن خليل «موازنة المواطنة والمواطن» في معهد باسل فليحان التابع لوزارة المالية، مؤكداً الالتزام بإقرار موازنة العام 2020 ضمن المهل الدستورية، ولأن «كلفة القرارات التي يجب اتخاذها أقل بكثير من كلفة الأزمة ان حصلت» على حدّ تعبير الرئيس الحريري الذي لفت، خلال الحفل نفسه، إلى ان «التحديات واضحة والحلول معروفة اتفقنا عليها في مؤتمر «سيدر» مشدداً على ضرورة الانتقال إلى مرحلة التنفيذ وان لا نضيع المزيد من الوقت».
 
اما الوزير خليل فتمنى إقرار الموازنة في مجلس الوزراء في موعدها الدستوري قبل منتصف تشرين الأوّل المقبل، ما يسمح لنا بإقرارها لأول مرّة منذ عقود قبل نهاية العام الحالي وقبل بدء السنة المالية في 2020، معتبرا بأنه «اذا تمّ هذا الأمر نكون قد خطونا خطوة مهمة في الاصلاح».
 
وتوقعت مصادر وزارية ان تشهد الجلسة اليوم مناقشات دقيقة حول إجراءات التقشف في حين أكد «حزب الله» بلسان وزيره محمّد فنيش الرفض المطلق لأي زيادة على الضرائب والرسوم بما يثقل كاهل المواطن.
 
واشارت مصادر وزارية عبر لـ«اللواء» الى ان جلسة مجلس الوزراء يتوقع لها ان تشكل شارة الأنطلاق في مناقشة مشروع قانون الموازنة بعد توزيعه على الوزراء واكدت ان وروده كبند اخير على جدول الأعمال قد لا يفسح في المجال الا لعرضه كلمحة سريعة من قبل الوزير خليل  تمهيدا للشروع ومناقشته في اقرب وقت ممكن.
 
وقالت ان لرئيس الجمهورية ملاحظات على المشروع لكن ليس معروفا اذا كان سيعرضها اليوم ام لا. وتوقعت ان يتحدث الرئيس عون عن التصويت في الأمم المتحدة على انشاء اكاديمية الأنسان للتلاقي والحوار الأنجاز الذي تحقق في هذا المجال.
 
وافادت المصادر ان التعيينات المدرجة يتوقع ان تشهد بعض الأخذ والرد فضلا عن بنود الجدول مستبعدة اي تعيينات من خارج الجدول ولاسيما المتصلة بتلفزيون لبنان مع العلم انها اصبحت قريبة.
 
ورشحت بعض المصادر فرحات فرحات لمنصب الأمين العام لمجلس الخصخصة.
 
تخبط سوق المال
 
في غضون ذلك، يستمر التخبط في سوق المال بسبب شح الدولار من السوق وارتفاع سعره اكثرمن السعر الرسمي لدى الصيارفة، بينما يقف مصرف لبنان ووزارة المالية موقف المتفرج، مقابل تهديد اصحاب محطات المحروقات والصهاريج الى الاضراب بسبب فارق سعر الدولار، ما يعني انه في حال تنفيذ الاضراب المتوقع يوم الخميس ستشهد البلاد ازمة محروقات حادة, عدا عن ارتفاع الأسعار نتيجة الاعتداءات الأخيرة على منشآت «ارامكو» في السعودية.  
 
ورأى خبراء اقتصاديون ومصرفيون ان مصرف لبنان يتخذ بعض الاجراءات لزيادة احتياطه من العملة الاميركية، ما يدفعه ويدفع المصارف الخاصة الى عدم طرح كميات من هذه العملة، لكن المركزي مضطر عاجلا ام اجلا إلى ايجاد آلية طبيعية لضبط حركة السوق، الا انه مضطر حاليا للاستمرار في اجراءاته الحالية ولومؤقتا لحين بدء تنفيذ الاصلاحات المالية والاقتصادية في الموازنات المقبلة. مشيرين الى ان التحويلات المالية الى لبنان من الخارج بالدولار تقلصت بنسبة لا بأس بها، وحسب المعلومات تمكن مصرف لبنان من جمع نحو مليار و800 مليون دولار من مصارف اجنبية ولو بفوائد عالية لزيادة احتياطه بعدم صرف مليارات الدولارات على عجز الكهرباء وكلفة الدين العام خلال العام الحالي، واصدر سلسلة تعاميم لمنع المضاربة على الليرة، وقرر تخصيص كل مصرف بنسبة معينة من الدولار لمنع التفلت في تحويل الليرة الى دولار، فصارت المصارف تتشدد في التحويل من الليرة إلى الدولار لتحافظ على موجوداتها. لكن المصادر توقعت الا تستمر هذه الاجراءات طويلا.
 
وعلى خط موازا، يستمر شبح العقوبات الاميركية على «حزب الله» والمقربين منه، مخيماعلى البلاد، ومنها تسريبات ان العقوبات قد تطال بعض المصارف اللبنانبة، ماحدا جمعية المصارف الى اصدار بيان امس نفت فيه هذه المعلومات التي قيل ستطال أربعة مصارف لبنانية، وأكدت الجميعة، أن هذه الأخبار غير صحيحة ولا تمت إلى الحقيقة بصلة».
 
معامل الكهرباء
 
وعلى صعيد آخر، متصل بالموازنة والوضع المالي والاصلاحات المطلوبة لمؤتمر «سيدر»، ترأس الرئيس الحريري مساء أمس في السراي الحكومي اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة مناقشة دفاتر الشروط لتلزيم إنشاء معامل إنتاج الكهرباء في كل من الزهراني وسلعاتا، الا ان الاجتماع لم ينته إلى الموافقة على هذه الدفاتر والتي تمّ اعدادها من قبل البنك الدولي وخبراء أجانب مع وزارة الطاقة، بسبب ملاحظات عدّة تقدّم بها الوزارة أعضاء اللجنة، فتقرر على الأثر عقد اجتماع آخر يوم الاثنين المقبل لإبداء جواب وزيرة الطاقة ندى البستاني على هذه الملاحظات بعد درسها.
 
وأملت الوزيرة البستاني ان يتم في جلسة الاثنين إقرار دفاتر الشروط لمعملي الزهراني وسلعاتا، تمهيداً لاحالتها إلى مجلس الوزراء، علماً ان معاملات اجراء المناقصات قد تستغرق ثلاثة أشهر وان المباشرة بالتلزيم قد تتأخر إلى منتصف العام المقبل.
 
 
 
الحريري في باريس الجمعة
 
ولاحظت مصادر سياسية متابعة، ان الرئيس الحريري، يعطي منذ فترة ليست بعيدة أهمية للجان الوزارية المختلفة التي يرأسها بشكل شبه يومي تقريباً من أجل الإسراع في اتخاذ القرارات الأساسية من قبل الوزراء والمعنيين لاختصار الوقت ووضعها بشكل علمي ونهائي على جدول أعمال مجلس الوزراء للبت بها.
 
ولفتت إلى ان الرئيس الحريري يحرص على ان يذهب إلى فرنسا في نهاية الأسبوع الحالي متسلحاً بمشروع الموازنة الذي تدرسه الحكومة، والذي يعتبر نسخة منقحة، ولكنه أكثر «شدشدة» من موازنة العام 2019، وباعتبار ان موازنة 2020 ستكون أساسية ومفصلية لمواجهة كل التحديات التي ينتظرها البلد ومرتبطة، كما أعلن الحريري بموازنة عامي 2021 و2022 لإنقاذ الوضعين الاقتصادي والمالي.
 
معروف ان الحريري يستعد لزيارة العاصمة الفرنسية يوم الجمعة المقبل، حيث من المقرّر ان يجري سلسلة اجتماعات هامة يتوجهها بلقاء  يجمعه في قصر الإليزيه مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون.
 
وأكدت مصادر سياسية متابعة لزيارة الحريري إلى باريس لـ«اللواء» على أهمية اللقاءات التي ستعقد في باريس، وهي ستتركز على الشأنين الاقتصادي والمالي ومتابعة مقرارات مؤتمر «سيدر»، الذي يسعى لبنان للاسراع بتنفيذ التزاماته الاصلاحية  للاستفادة في اقرب وقت ممكن من المشاريع الهامة الاستثمارية  التي اقرها المؤتمر وتتم متابعتها من قبل الموفد الفرنسي السفير بيار دوكان، وسيطلع الرئيس الحريري الرئيس الفرنسي حسب ما توقعت المصادر على مختلف الاجراءات الاقتصادية والمالية التي تقوم بها الحكومة اللبنانية، خصوصا ان اجتماعا اقتصاديا كبيرا عقد برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لوضع خطة طريق اقتصادية للمرحلة المقبلة.
 
وكشفت المصادر أن الرئيس الحريري الذي كان بادر لطلب موعد مع الرئيس الفرنسي سيركز في محادثته معه ايضا على تطورات الاوضاع في المنطقة، وما جرى مؤخرا من اعتداءات اسرائيلية على لبنان، خصوصا ان فرنسا تلعب دورا محوريا بالنسبة للمفاوضات الاميركية –الايرانية، وامكانية انعكاس هذه المفاوضات على الوضع في المنطقة عموما، وعلى لبنان خصوصا، لا سيما ان المرحلة دقيقة وحساسة في ظل التطورات والاعتداءات على المملكة العربية السعودية والتي وقعت نهاية الاسبوع الماضي ومن شأنها رسم معالم المرحلة المقبلة وانعطافاتها مستقبلا.
 
اكاديمية (الحوار): تصويت ومعارضة
 
من ناحية ثانية، اعتبر الرئيس عون تصويت الجمعية العمومية للأمم المتحدة بأكثرية 165 صوتاً تأييداً للمبادرة التي كان أطلقها في العام 2017 بإنشاء أكاديمية الإنسان للتلاقي والحوار»، يعطي دفعاً اضافياً للبنان للسير قدماً في تحقيق هذه المبادرة التي تساهم في إرساء لغة الحوار ونبذ العنف والتطرف.
 
وفيما شكر الرئيس عون في كلمة وجهها مساء امس، الدول التي دعمت مشروع القرار وصوتت له، أكد أن انشاء الأكاديمية سوف يضع لبنان في موقعه الطبيعي الرائد على صعيد الحوار بين الثقافات والأديان ونشر رسالة التلاقي والتواصل بين الشعوب. واكد الرئيس عون على استمرار التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة في سبيل تعميم ثقافة الحوار ومعرفة الآخر خصوصاً على صعيد الشباب بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة وأهدافها.
 
وكان الرئيس عون تابع مباشرة من نيويورك وقائع جلسة الجمعية العمومية التي نال فيها المشروع اللبناني أكثرية 165 صوتاً، ومعارضة الولايات المتحدة وإسرائيل.
 
وبرر المندوب الأميركي معارضته للمشروع بأنه جاء مبهماً من حيث دور الأمم المتحدة في آليات الانتساب وغيرها من المواضيع الإدارية، في حين شنت مندوبة إسرائيل هجوماً عنيفاً على لبنان والرئيس عون واللبنانيين مدعية انهم لا يحترمون قيم السلام والتسامح والتعايش.
 
يذكر ان المشروع حصل على تأييد 172 دولة، فيما كان عدد المندوبين الحاضرين في جلسة التصويت 167 دولة. وقد اعربت الجمعية العامة في قرارها «عن تقديرها لما يبذله الرئيس اللبناني من جهود لتعزيز دور لبنان باعتباره مركزاً للحوار والتنوع، ولا سيما من خلال مبادرته الرامية الى انشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» ومقرها بيروت.
 
المحكمة الدولية
 
وفي تطوّر جديد يتصل بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في شباط من العام 2005، أعلنت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، انها وجهت الاتهام إلى متهم في الجريمة بالمشاركة في ثلاث هجمات أخرى استهدفت قادة سياسيين آخرين، هم الوزير السابق الياس المرّ والوزير السابق والنائب الحالي مروان حمادة والرئيس السابق للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي.
 
وأوضحت المحكمة في بيان ان قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة دانيال فرانسين قرّر توجيه تهمتي الإرهاب والقتل إلى سليم جميل عياش لمشاركته في هجمات أسفرت عن قتل وقعت عامي 2004 و2005.
 
ومعروف ان عياش (55 عاماً) واحد من أربعة أشخاص يشتبه في انهم من «حزب الله» اتهموا من قبل المدعي العام في المحكمة بالتورط في اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
 
وقالت المحكمة ان القاضي فرانسين قرّر رفع السرية عن قراره مؤكداً الاتهامات الموجهة إلى عياش، مضيفة ان «تأكيد الاتهامات يعني فتح قضية جديدة امام المحكمة».
 
وأصدر فرانسين مذكرة توقيف موجهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها، ومذكرة توقيف دولية بحق عياش، بينما احيل قرار الاتهام ومذكرة التوقيف إلى السلطات اللبنانية التي يقع على عاتقها واجب البحث عن المتهم وتوقيفه ونقله إلى عهدة المحكمة.