في تطور لافت، على خط المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، جرى تصديق القرار الاتهامي للمسؤول في «حزب الله» سليم عياش، بالتفجيرات التي استهدفت الرئيس الياس المر والنائب مروان حمادة والامين العام للحزب الشيوعي اللبناني جورج حاوي.

بحسب بيان صادر عن المحكمة، فإن قاضي الإجراءات التمهيدية في المحكمة رفع (امس)، السريّة عن قرار، صدّق فيه قرار اتهام بحق سليم جميل عياش في ما يتعلق بالاعتداءات التي استهدفت حمادة في 1 تشرين الأول 2004، وحاوي في 21 حزيران 2005 ، والرئيس المر في 12 تموز 2005.

اضاف البيان، انّه «بتصديق قرار الاتهام هذا، تفتتح قضية جديدة أمام المحكمة» وتُسند فيه خمس تهم إلى السيد سليم جميل عياش:

- مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي.

- استطراداً من تهمة المؤامرة بهدف ارتكاب عمل إرهابي، تهمة جمعية الأشرار.

- ارتكاب اعمال إرهابية.

- قتل السادة غازي أبو كروم وجورج حاوي وخالد مورا عمداً.

- محاولة قتل السيدين الياس المر، ومروان حمادة، وسبعة عشر شخصاً آخر عمداً».

وقد أصدر قاضي الإجراءات التمهيدية مذكرة توقيف موجّهة إلى السلطات اللبنانية لتنفيذها، ومذكرة توقيف دولية بحق عياش.

وقد طلب القاضي فرانسين رفع السرّية عن القرار الذي صُدّق فيه قرار الاتهام، وعن قرار الاتهام نفسه، ومذكرتي التوقيف الصادرتين بحق عياش، إضافة إلى قراره المتعلّق بطلب المدّعي العام المتعلق بتلازم القضايا.

ووفق بيان المحكمة، انّ تصديق قرار الاتهام يعني أنّ قاضي الإجراءات التمهيدية توصل إلى اقتناع، استناداً إلى المواد المؤيّدة، بأنّ المدّعي العام قدّم ما يكفي من الأدلة الأولية لملاحقة السيد سليم جميل عياش، وأنّ ثمة أسباباً تدعو للشروع في إجراءات المحاكمة. وهذا ليس حكماً بالإدانة، فالسيد عياش يُعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته بدون أي شك معقول خلال المحاكمة».

وأحيل قرار الاتهام ومذكرة التوقيف على «السلطات اللبنانية التي يقع على عاتقها واجب البحث عن المتهم وتوقيفه ونقله إلى عهدة المحكمة».

وكان سليم جميل عياش المسؤول في عمليات «حزب الله»، إتُهم مع مجموعة من رفاقه في الحزب باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

المنطقة: ترقّب

اقليمياً، الصورة ملبّدة، والمنطقة بشكل عام، في حال ترقّب ارتدادات استهداف المنشآت النفطية السعودية (ارامكو)، والآثار السلبية التي القى بها على سوق النفط العالمي، بالتوازي مع تصاعد وتيرة التهديد، والاتهامات الاميركية لايران بمحاولة تفجير المنطقة وزعزعة الاستقرار. وكان لافتاً للانتباه وسط هذه الاجواء، تراجع احتمالات انعقاد لقاء مباشر بين الرئيس الاميركي دونالد ترامب والرئيس الايراني الشيخ حسن روحاني.

ويبدو انّ باب الاحتمالات مشرّع حيال هذه التطورات. فعلى الرغم من تبني الحوثيين لاستهداف المنشآت، اكّدت واشنطن انّ ايران هي مصدر الهجوم عليها، وانّ التخطيط لاستهداف هذه المنشآت تمّ في طهران، واعلن البيت الابيض «انّ وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو سيكشف عن ادلة تؤكّد تورّط ايران في الهجوم على منشآت النفط السعودية».

واقع مفخّخ

اما على المستوى الداخلي، فإنّ الصورة على حقيقتها، تُظهر بما لا يقبل ادنى شك، انّ الواقع اللبناني مفخخ في كل مفاصله؛ العلاقات السياسية مأزومة بمعظمها، والأزمة الاقتصادية تبدو - في غياب المعالجات الجدّية وكذلك في ظل الضغوطات الهائلة والتلويح بدفعات جديدة من العقوبات، وبعضها يهدّد مؤسسات مالية ومصرفية - وكأنّها دخلت مرحلة العدّ التنازلي للانفجار الوشيك.

مجلس الوزراء

وهذا الواقع سيتناوله مجلس الوزراء في جانب من جلسته اليوم في السراي الحكومي قبل أن يقر دفعة تعيينات جديدة. حيث علمت «الجمهورية» أنّ البنود 6 و17 و18 في جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء، المخصصة للتعيينات، جرى التوافق عليها، بحيث سيتم تعيين كل من فرحات فرحات أميناً عاماً للمجلس الأعلى للخصخصة، ومازن سويد رئيساً لمجلس إدارة أيدال، واما اعضاء المجلس الخمسة فهم: علاء حمية، رنا دبليز، علي حمدان، جويل معلوف وسيمون سعيد.

 
 

الموازنة: توزيع الآلام

من جهة ثانية، يبدأ مجلس الوزراء اليوم مناقشة مشروع موازنة 2020 المُدرج كبند أخير على جدول أعماله، بعد ان نشرت وزارة المالية امس الاول المشروع الذي بيّن انّ مجموع النفقات في موازنة 2020 بلغ 24100.04 مليار ليرة مقابل ايرادات تبلغ 19009.9 مليار ليرة، ونسبة عجز مرتقبة الى الناتج المحلي الاجمالي عند 5.7 في المئة.

وتشير المعلومات، الى انه سيتمّ اليوم خلال جلسة الحكومة، توزيع مشروع الموازنة فقط على الوزراء وإرجاء المناقشة ليوم الاربعاء.

لكن ما هو لافت، انّ الخبراء الذين ساهموا في تقديم الاقتراحات لمقررات اجتماع بعبدا المالي والاقتصادي، الذي تمخض عنه اعلان حال طوارئ اقتصادية، يعتقدون انّ موازنة 2020 لن تبقى على شكلها الحالي، لأنّها لن ترضي المجتمع الدولي والجهات المانحة.

وفي تقديرات الخبراء، انّ مشروع الموازنة لن يخرج من السراي بالصيغة نفسها التي دخلها، وانه قد يجري تحميله «اجراءات موجعة» من خلال «توزيع الآلام» والشروع بفلسفة جديدة لأعداد وتعويضات نهاية خدمة الملاك العام، ومحاربة الهدر والفساد بشكل حازم، لأنّ صندوق النقد الدولي لن يتأهّب لمساعدة لبنان ما لم تأخذ الحكومة الاجراءات اللازمة. 

كنعان

وقال رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان لـ«الجمهورية»: «الموازنة هي التعبير الجدّي والعملي والوحيد من حيث الشمولية للسياسة الاقتصادية والمالية للحكومة، وللدولة بعد إقرارها في المجلس النيابي. لذلك المطلوب من الحكومة أنّ تزخّم انتاجيتها من خلال وتيرة اجتماعات عمل مكثفة واستثنائية تتناسب مع حجم التحدّيات الكبيرة المالية والاقتصادية ووفق توصيات ومقررات الحوارات الاقتصادية في بعبدا، التي يجب أن تقترن بآليات تنفيذية واضحة، وهو ما كنت قد شددت عليه شخصياً بُعيد اجتماع بعبدا الأول في 9 آب الماضي الذي شاركت فيه».

اضاف: «عشية بدء مناقشات الحكومة، أجدّد التزام لجنة المال والموازنة النيابية وجهوزيتها الكاملة لمناقشة وتدقيق مشروع الحكومة بشكل أشمل من المرّات السابقة، خصوصاً لجهة الايرادات والنفقات والاصلاحات، هذا طبعاً اذا ما تمّت إحالتها ضمن المهلة الدستورية كما وعدت الحكومة، لأنه سيكون عندئذ لدينا متسع من الوقت للقيام بواجبنا على أكمل وجه، ولن يكون المجلس النيابي تحت الضغط بوصول مشروع الموازنة قبل شهرين ونيف من بدء الـ 2020 وهذا سيكون عملاً اصلاحياً مهماً وبنيوياً ينتظره لبنان والمجتمع الدولي منذ زمن.»

وكان الحريري قد اكّد في حفل إطلاق «موازنة المواطنة والمواطن»، في معهد باسل فليحان المالي امس، «الالتزام بإقرار موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية» مشيراً الى انّ كلفة القرارات التي يجب اتخاذها أقل بكثير من كلفة الأزمة إن حصلت».

وقال: «التحدّيات أمامنا واضحة والحلول معروفة واتفقنا عليها في مؤتمر «سيدر»، والمهم اليوم أن ننتقل الى مرحلة التنفيذ ولا نضيّع المزيد من الوقت».

بدوره اكّد وزير المال علي حسن خليل، انّ «الموازنة أُعدّت في وقت صعب وإستثنائي». وتمنّى اقرارها في مجلس الوزراء قبل منتصف تشرين الاول المقبل، وقال: «اننا نشهد اليوم على إنجاز حقيقي يتجاوز الشكل للدخول في مضمون المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وجملة القرارات الصعبة يجب أن نتحمّلها لأنّ تجاهل الأمر لم يعد مسموحاً».

وعشيّة بدء دراسة الموازنة، كان موضوع «التدبير رقم 3»، محور اجتماع امني عُقد في اليرزة امس، خلص الى التفريق بين تعويض بدل الإنتقال اليومي والضمائم الحربية، وإبقاء تعويض بدل الإنتقال اليومي كما هو معمول فيه حالياً وفقاً لتدبير الإستنفار رقم 3.

أمّا في ما خصّ الضمائم الحربية، فتمّ التوصل إلى صيغة تقضي بتوزيع استفادة العناصر من هذه الضمائم بين تدبير الإستنفار رقم 3 وتدبير الاستنفار رقم 2 وفقاً لمقتضيات الخدمة. وتدبير الاستنفار رقم صفر (أي لا تدبير) لذوي الاوضاع الاستثنائية: نقاهة، سجن، مأذون داخل وخارج البلاد.

«الجمهورية القوية»

في سياق متصل، فإن التطورات المحلية والاقليمية ستكون على طاولة البحث خلال الاجتماع الذي يعقده تكتل الجمهورية القوية مساء اليوم.

وقالت مصادر «القوات اللبنانية» لـ«الجمهورية»: إنه سيكون هناك موقف مهم لرئيس حزب «القوات» الدكتور سمير جعجع من القضايا المطروحة، حيث سيتطرق لاكثر من ملف وقضية محلياً واقليمياً.

الى ذالك، علمت الجمهورية من مصادر وزارية مطلعة أنّ تفاهماً جرى على تعيين الدكتور فرحات فرحات أميناً عاماً للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة.

لغز الفاخوري

والى الواقع المفخخ، تضاف العبوة الجديدة التي زُرعت في الواقع اللبناني مع ظهور»لغز» عودة آمر معتقل الخيام عامر الياس الفاخوري الى بيروت، والذي يتفاعل يوماً بعد يوم، مولِّدا جواً انقسامياً واضحاً في المشهد الداخلي حيال هذه القضية، التي انتقلت بالامس من الشق السياسي والاعلامي، الى المدار القضائي، مع الدعاوى التي رُفعت امس ضد الفاخوري، وقد تحضر اليوم على طاولة مجلس الوزراء، وسط معلومات اشارت الى انّ وزراء «حزب الله» وحركة «امل» سيثيران هذا الامر في جلسة الحكومة اليوم. علماً انّ هذا الامر شكّل مادة بحث اساسية خلال اجتماع لجنة الدفاع النيابية، التي قررت عقد جلسة خاصة حول هذه المسألة