استجابت بسرعة النيابة العامة التمييزية، فاستدعت صحافيّي نداء الوطن لسماع أقوالهم واسماعهم ما يكفي توبيخاً وتقريعاً، وإرهابهم بما يلزم، علّهم يعودون إلى رشدهم.
 
تخضع صحيفة "نداء الوطن" هذه الأيام لملاحقة جنائية، لتجرّؤها الإفصاح في عنوانٍ بارز، بأنّ لبنان واقعٌ تحت سلطة وجبروت السيد الخامنئي الجالس على كرسيه في طهران، وينطق بإسمه ويضرب بسيفه في لبنان السيد حسن نصرالله أمين عام حزب الله اللبناني، وكأنّ الصحيفة المذكورة كشفت مستوراً، أو اذاعت سرّاً، أو اهانت مسؤولاً، كبيراً كان أو صغيرا، أو خرّبت استراتيجية دفاعية موحدة، أو كأنّ البلد ليس واقعاً بالفعل قبل القول (خطاب السيد حسن نصرالله الأخير) في قبضة حزب الله، بفضل السلاح غير الشرعي، والتنظيمات العسكرية وشبه العسكرية، واختراق الأجهزة الأمنية والقضائية والدبلوماسية والإدارية والمؤسسات العامة والبلديات، ورهن موقع الرئاسات الثلاث لصالح الحزب ومشاريعه "الحربية"، والتي توضع في نهاية المطاف في خدمة الولي الفقيه والحرس الثوري الإيراني، وِفق حسابات الصراع الجاري مع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة العربية ومحيطها.
 
 
في مجلس الوزراء يصارح وزير القصر السيد سليم جريصاتي(إن كان ثمّة من قصرٍ في بعبدا) زملائه بعزمه الضرب بيدٍ من حديد على على وجه صحيفة نداء الوطن، لتطاولها على هيبة "العهد القوي"، مُفصحاً عن نواياه "الطّيبة" بتعديل قانون المطبوعات، بحيث يسمح للقضاء بكمّ الأفواه وتكبيل الصحافيين بالاصفاد وسَوقهم اذلاء صاغرين إلى السجون بعد تكسير رؤوسهم قبل أقلامهم.
 
المضحك المبكي، أو المفجع بأنّه لم يردّ أحدٌ في مجلس الوزراء على الوزير جريصاتي ويتصدى له، وهو صاحب الباع الطويل في خنق الحريات الإعلامية عندما كان وزيراً للعدل، وما لبثت أن استجابت بسرعة النيابة العامة التمييزية، فاستدعت صحافيّي نداء الوطن لسماع أقوالهم واسماعهم ما يكفي توبيخاً وتقريعاً، وإرهابهم بما يلزم، علّهم يعودون إلى رشدهم، ويغضون البصر ويعمون البصيرة عمّا تقترفه أيادي المسؤولين الحاليين في حقّ لبنان وحقّ أبنائه ومستقبلهم.