بوسع نتنياهو المطالبة بدخول موسوعة غينيس كصاحب أطول مدة ترأس فيها الحكومة الإسرائيلية، وسيتكرس كساحر لا نظير له في تاريخ الدولة العبرية، لو تمكن من تشكيل حكومته الخامسة ولو بفارق صوت واحد عن منافسيه الذين هم أبرز جنرالات إسرائيل المعاصرين.
 

نتنياهو أو الساحر يخوض معركته المصيرية في مدى زمني محدود خمسة أيام لا أكثر، وقد فرض عليه سباق حواجز في غاية الصعوبة لو اضطر غيره لخوضه لتقطعت أنفاسه ولخرج منه في بداياته.
 

فمن غير نتنياهو يواصل السباق وهو مكبل اليدين والرجلين بأربع فضائح فساد، أقل واحدة منها كفيلة بإنهاء مسيرة أي سياسي لمجرد ارتباط اسمه بها، ومن غيره يواصل السباق الذي كان دائماً ما يفوز به رغم احتشاد قوى وشخصيات جدية في إسرائيل من أجل إسقاطه.
 

يواصل السباق ولا يفارقه التطلع للفوز به رغم حروبه المتواصلة ضد القضاء الذي يعتبر أيقونة الدولة العبرية، ورغم عداء المثقفين والكتاب والمنابر له ولزوجته المثيرة للجدل، غير أنه وقد بقي أمامه أيام معدودات كي يحظى بولاية خامسة أو يذهب إلى البيت أو السجن، يلوذ بجعبة المناديل التي دأب على استخدامها في ألعابه السحرية... غير أن هذه المناديل تبدو قليلة الفاعلية في معركته الأخيرة.
 

منديل غزة لم يعد بالكفاءة ذاتها بسبب ضيق الوقت، ومنديل الجبهة الشمالية احترق في مناورة ساذجة لعبها مع حسن نصر الله لحفظ ماء الوجه لا أكثر، أما المنديل الأخير فقد أخرجه بالأمس أي منديل ضم غور الأردن وشمال البحر الميت، فيبدو من رد الفعل الأولي أنه ورغم الهالة الإعلامية الكثيفة التي سبقته وروجت له بدا في اليوم التالي قليل الفاعلية، فاليسار واليمين تحفظا عليه باعتباره لعبة انتخابية ساذجة، وصفت بأنها ضم أصوات وليس مناطق، غير أن جعبة نتنياهو جاهزة على الدوام لإنتاج المناديل، فالساحر يحزم حقائبه لزيارة موسكو واللقاء بالزعيم الروسي فلاديمير بوتين، ورغم أن هذه الزيارة كان قد حدث مثلها وبلا فائدة في الانتخابات السابقة، فإن حاجة نتنياهو لأي منديل حتى لو كان مستهلكاً ستجعله يراهن على هذه الزيارة، فعينه على الجمهور الروسي الذي قد يقلب المعادلة لو تخلى بعض منه عن دعم ليبرمان؛ ذلك أن انتقال مقعد أو اثنين أو ثلاثة من رصيد ليبرمان الروسي إلى رصيد نتنياهو قد يحقق المعجزة، وهذا ربما يكون هو رهان المقامرة الأخيرة.
 

في إسرائيل توجس من أن الساحر الذي فرض نفسه على السياسة والقرار والتشريع لا بد أنه يخبئ مفاجأة ما، فقد برع في إنتاج مفاجآت اللحظة الأخيرة، فلو حدث ما يخشاه الإسرائيليون وعبر الساحر وجعبته ومناديله إلى سدة الرئاسة فبوسعنا تخيل إلى أي مدى تكون إسرائيل والمنطقة ضحية لألعاب ساحر.