بعد قضاء عطلة صيفية دامت نحو شهرين ونصف تخلّلها المرح، والسهر، والسفر، والتخبيص في الأكل، حان الوقت لإعادة السيطرة على زمام الأمور والاستعداد لاستقبال عام دراسي جديد بكامل النشاط والتركيز والذكاء! لكن ما الدور الذي تلعبه التغذية على هذا الصعيد؟
 

التحضير لمرحلة دراسية جديدة لا يقتصر فقط على شراء الكتب والأقلام والملابس، إنما يشمل أيضاً الاهتمام بالشقّ الغذائي الذي ثبُت علمياً أنه يملك تأثيراً شديداً على وظائف أدمغة الطلّاب.

 

وفي هذا السياق، شدّدت إختصاصية التغذية، عبير أبو رجيلي، خلال حديثها لـ»الجمهورية» على «ضرورة عدم غضّ النظر عن الوجبة الصباحية، خصوصاً وأنّ الدراسات أجمعت على أهمّيتها الفائقة لمدّ التلميذ بالطاقة اللازمة خلال اليوم ومساعدته على التركيز في الصفّ».

 

وأوصت الأهل بـ«عدم تقديم المأكولات الغنيّة بالدهون والسكر لأبنائهم، كالدوناتس والكرواسان والحلويات الأخرى، لأنها تُعرّضهم للبدانة وترفع لديهم مستوى السكر في الدم وبالتالي الإنسولين من أجل خفضه، ما يسبب جوعاً بعد فترة وجيزة من الأكل ويُعرقل القدرة على التركيز. الأفضل إذاً تزويدهم صباحاً بالمأكولات المفيدة مثل الحليب مع رقائق الذرة غير المحلّاة، أو ساندويش صغير مصنوع من الشوفان أو القمح الكامل مع اللبنة أو الجبنة والخضار».

ولفتت إلى «أهمّية التركيز دائماً على الأطعمة الصحّية التي تستهوي الأولاد، مع الحرص على تقديم لهم خيارات عدة. أمّا في حال فقدان الشهيّة صباحاً، فيُنصح الأهل بتخصيص الوقت للجلوس مع أبنائهم إلى مائدة الطعام وتناول الفطور سوياً لتشجيعهم على ذلك».

خلال الدوام المدرسي

وفي ما يخصّ الإستراحتين خلال الدوام المدرسي، دعت أبو رجيلي الوالدين «إلى إرسال مأكولات صحّية مع أولادهما، ولكن في المقابل يحب عدم حرمانهم من أمور معيّنة يحبونها، كالشوكولا أو التشيبس، إنما السماح بها باعتدال. فعلى سبيل المثال، يمكن تقديم لهم ألواح الشوكولا السوبر صغيرة (Mini Bars) المتوافرة في الأسواق، بدلاً من تلك الكبيرة المليئة بالسعرات الحرارية.

 

وبالنسبة إلى التشيبس، يُفضّل التركيز على النوع المشويّ بدلاً من المقلي واختيار أحجام الأكياس الأصغر. كذلك يمكن تقديم لهم سناكات جيّدة مثل الفشار المحضّر في المنزل بطريقة صحّية، من دون نسيان أهمّية الخضار كالجزر النيّئ، الخيار، والبندورة الكرزية، وحصّة الفاكهة التي يُستحسن أن تكون كاملة وليست على شكل شرائح بما أنّ تقطيع بعض أنواعها يُعرّضها للتلف».

 

أمّا بالنسبة إلى الكانتين في المدارس، فأسِفت خبيرة التغذية لأنّ «بعضها يبيع مأكولات تؤذي صحّة التلاميذ ورشاقتهم، مثل البطاطا المقلية والوجبات السريعة»، داعيةً إلى «التوعية إزاء الموضوع، وحثّ المدارس على تقديم مأكولات صحّية لطلّابها، خصوصاً وأنّ حصولهم على البيتزا والبطاطا المقلية ظهراً، ثمّ تناولهم وجبة أخرى لحظة عودتهم إلى المنزل يهدّدهم بالبدانة والأمراض».

ومن جهة أخرى، كشفت أبو رجيلي باقة من المأكولات الصديقة لوظائف الدماغ، والتي من المهمّ أن يحرص الأهل على تقديمها بانتظام لأولادهم:

الجوز

إنه الغذاء الأنسب للدماغ، خصوصاً وأنّ شكله شبيه تماماً به. أظهرت دراسة أميركية أنّ الأطفال الذين حصلوا على 13 غ من الجوز يومياً قد حققوا نتائج أفضل في الاختبارات مقارنةً بنظرائهم الذين لم يستهلكوه يومياً وبالكمية ذاتها. ولكن يجب الانتباه إلى كمية الجوز المتناولة لأنه نوع من الدهون، وإن كانت مفيدة، وبالتالي فهو مليء بالكالوري. لذلك يُستحسن الإكتفاء بحبّتين من الجوز يومياً.


التوت البرّي

إستناداً إلى أبحاث عدة، ثبُت أنّ التوت البرّي مهمّ جداً لتحسين الذاكرة وأيضاً تأخير فقدانها.

البروكلي

لاحظ العلماء أنّ الأولاد الذين حصلوا على جرعات كبيرة من البروكلي حصلوا على علامات أفضل في اختبارات الذاكرة. إنه يحتوي على فيتامينات ومعادن كثيرة، جنباً إلى حامض الفوليك الذي يساعد على الوقاية من الألزهايمر.

السمك

يُنصح بتناوله مشويّاً نحو مرّتين أسبوعياً، والابتعاد قدر الإمكان من السمك المقلي لأنّه يصبح مجرّداً تماماً من الأحماض الدهنية الأساسية الأوميغا 3 المفيدة جداً للخلايا العصبية في الدماغ. كذلك يُفضّل عدم إضافة المايونيز أو الطرطور إلى السمك لأنهما يقضيان على فوائد الأوميغا 3. الأفضل إذاً تقديم السمك المشويّ مع سَلطة خضار تحتوي على زيت الزيتون الذي تبيّن أنه يعزّز امتصاص الأوميغا 3.

الأفوكا

يحتوي على الدهون الصحّية التي تحمي أغشية خلايا الدماغ وتُبقيها مرنة. يمكن تقطيع الأفوكا إلى نحو 8 شرائح، والاكتفاء بتقديم شريحتين للولد تفادياً لكثرة الكالوري المخبأة فيه.

الشوكولا الأسود

يُعتبر الشوكولا من بين الحلويات الأقل احتواءً على السعرات الحرارية، بحيث إنّ كل 100 غ منه تحتوي على نحو 550 كالوري. يجب الاكتفاء بـ10 إلى 20 غ كحدّ أقصى من الشوكولا في اليوم، والتركيز على النوع الداكن بفضل احتوائه على الكاكاو وزبدته المليئين بمضادات الأكسدة التي تحسّن تدفق الدم إلى الدماغ. يُنصح بشراء أنواع الشوكولا التي تحتوي 70 في المئة على الأقل من الكاكاو.

الزعتر والزيت

إحتواء الزعتر على السمسم هو الذي يجعله يلعب دوراً فعّالاً في خلايا الدماغ، وبالتالي تعزيز القدرة على التركيز. من الجيّد تقديم ساندويش زعتر وزيت يحتوي على نسبة عالية من السمسم، مع الانتباه إلى كمية الزيت. الأفضل عدم خلط الزيت مع الزعتر لأنه يمتصه بنسبة عالية، إنما رشّ الزعتر على الساندويش ومن ثمّ إضافة إليه ملعقة كبيرة من الزيت.