عدم الافصاح عن المؤدى الحقيقي لمعنى ولاية الفقيه، بهدف اولا رد تهمة ان الحزب هو فصيل ايراني وانه يقدّم المصلحة الايرانية على مصلحة لبنان والشعب اللبناني اذا اقتضى قرار الولي الفقيه ذلك.
 
صحيح أنها ليست المرة الاولى التي يعلن فيها حزب الله عن علاقته العضوية بالنظام الايراني، ولا عن علاقته العقائدية والفكرية بولاية الفقيه، فقد اعلن سابقا انه جندي من جنوده، وان امواله وصواريخه ومعاشاته كلها من الجمهورية الاسلامية 
وبالرغم من كل هذا التصريح والاعلان الا ان مسافة من الالتباس والتوهم حرص الحزب باستمرار على خلقها والمحافظة عليها عن طبيعة العلاقة مع ايران، وهامش من التأويل كان يُصر ان يبقيها كل من يُسأل من إعلامييه والناطقين باسميه على الاعلام فيؤكدوا ( من باب " التقية " )  بأن " ولاية الفقيه " هي أمر ديني اشبه ما يكون بفكرة التقليد عند الشيعة، ولا علاقة لها لا بالقيادة ولا بالخيارات السياسية ومنها طبعا خيار السلم والحرب، وان قيادة الحزب وحدها هي المعنية بالامور السياسية والعسكرية !!! وان الارتباط " بالولي الفقيه " تشبه الى حد بعيد بارتباط المسيحيين ببابا روما ( كما كانوا يؤكدوا باستمرار ) !! ... 
 
كان مفهوما ان عدم الافصاح عن المؤدى الحقيقي لمعنى ولاية الفقيه، بهدف اولا رد تهمة ان الحزب هو فصيل ايراني وانه يقدّم المصلحة الايرانية على مصلحة لبنان والشعب اللبناني اذا اقتضى قرار الولي الفقيه ذلك، اولا لان شريحه ضخمة من جمهوره ومؤيديه الشيعة مقتنعون بلبنانيته وانه فعلا هو حزب لبناني الهوى والهوية ويدافع عن لبنان وان سلاحه هو فقط لخدمة القضايا اللبنانية ! وبالتالي فهو يعمل على ترسيخ هذه الفكرة في اذهانهم لتفادي انفضاضهم عنه كنوع من الخديعة المبررة.
 
ومن ناحية أخرى فإن خلق مساحة وهمية بينه وبين النظام الايراني كانت اكثر من ضرورة وحاجة عند الجمهور المسيحي ( العوني تحديدا )، وللاسف فقد ساهم في اخفاء هذه الحقيقة عن جماهيرهم  قادة التيار العوني انفسهم، لانه وبالعودة الى ارشيف الرئيس عون ندرك ان بإحدى كلماته كان قد حذر العونيين واللبنانيين عموما من " خطورة " ولاية الفقيه على لبنان ... الا ان هذا لم يمنع بعد تقاطع المصالح ومن اجل الوصول الى بعبدا من نسيان هذا التحذير وتخطيه 
 
 
 
يبقى السؤال هنا هو لماذا قفز السيد بكلمته يوم العاشر عن كل هذه المحاذير وما قد يستتبعها من احراجات وردود افعال، وما قد ينتج عنها بالخصوص اذا ما اخذنا بعين الاعتبار ايضا الاسلوب الذي طُرحت به القضية، بحيث لم يكتف السيد بالاعلان ان " السيد الخامنئي " هو القائد الفعلي للحزب وانه حاضر لفتح الجبهات والقتال للدفاع عن ايران اذا ما اتى امر القائد، بل ذهب اكثر من ذلك لتوصيف العلاقة بالمرشد الايراني وتشبهها تماما بالعلاقة مع الامام الحسين بن علي بن ابي طالب ( ع )، وان السيد الخامنئي هو " حسين العصر " مما احرج حتى حلفائه بحركة امل ايضا حين اخرجهم من زمرة " الحسينيين " فقط لانهم لا يؤمنون بولاية الفقيه !! 
 
اعتقد ان الجواب عن كل هذا هو اعتقاد السيد حسن بان الامور وصلت الى نقطة اللا رجوع بين الايراني والاميركي، وان مرحلة الحصار والعقوبات على ايران ومعها على الحزب صارت بمراحل لم تعد تطاق وان توجها ايرانيا ( الحرس تحديدا ) بوارد الذهاب الى المواجهة العسكرية والتصادم المباشر لان خطة " الصبر الاستراتيجي " قد فشلت تماما ، مع الاخذ بعين الاعتبار مآل الامور مع الاوروبيين، 
وهذا يعني ان المرحلة المقبلة هي مرحلة " الخيار الكربلائي " بكل ما يعنيه الامر من تضحيات وبذل ودماء وشهادة، وبالتالي فعلى اعتاب هذه المرحلة الجديدة وما ينتظره الحزب من خيارات قاتمة سوداء،  فلا قيمة ولا معنى لمراعاة مشاعر الحلفاء، لان المطلوب الان هو إفهام قواعد الحزب ان تضحياتهم وما سوف يجري عليهم من ويلات ومصائب هو يشبه ما اصاب اصحاب الحسين بكربلا فكونوا على استعداد لذلك ولو بين يد وبطلب من غير المعصوم، لان  " حسين العصر " اليوم هو السيد الخامنئي .