ماذا يحمل في جعبته؟ ما الذي سيقدمه؟ من أين سيبدأ؟ وكيف سينتهي؟ أين القرار 1701 وإسقاط الخطوط الحمر ومعامل الصواريخ وتعاظم العقوبات من ملف الحدود وترسيمها؟
 
وصل المبعوث الأميركي الخاص ديفيد شينكر الذي كُلّف من جانب الإدارة الأميركية بمُتابعة ملفّ ترسيم الحُدود البريّة والبحريّة بين لبنان وإسرائيل لاستكمال ما بدأه سلفه ديفيد ساترفيلد الذي تولى التفاوض غير المباشر بين لبنان والعدو الإسرائيلي بشأن ترسيم الحدود.  
 
والسؤال البديهي  ماذا يحمل شينكر في جعبته ، ومن أين سيبدأ؟ وهل يطرَح لبنان شروطاً جديدة بعد التطورات الأمنية الأخيرة؟ 
 
بينَ آخر زيارة قامَ بها مُساعِد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد ساترفيلد، حصل تطور لافت لم يكن في الحسبان مع العدو الاسرائيلي حيث اعتدى الأخير على الضاحية الجنوبية بطائرتين مسيّرتين، وردّت المقاومة على هذا الاعتداء بعملية في توقيتٍ بالِغ الخطورة إقليمياً، جعل جميع الأطراف يعيشون حالة طوارئ، خصوصاً في ظل التطورات المتلاحقة سلباً في سياق التوتر الامريكي الايراني وانعكاساته على الاقليم بشكل عام والنان بشكل خاص .
 
 السؤال المطروح هو من أين سيبدأ شينكر؟ تلفت المصادر إلى أن حصيلة جولات ساترفيلد لم تكُن سلبية بالمطلق، بل حصل تقدم على أكثر من جهة، خصوصاً أن إسرائيل كانت قد وافقت على بنود في الآلية التي فرضها لبنان كشرط للتفاوض، وإن عادت وتراجعت عن بعضٍ منها. كان العدو رفض توقيع التزام خطي بشأن التلازم في التنفيذ، كما عارض أن تبقى المدة الزمنية للتفاوض مفتوحة، وهي حصيلة يُمكن الانطلاق منها، فنحن لم نعُد إلى النقطة الصفر. 
 
يوم أمس التقى شينكر الحريري، على أن يلتقي تباعاً رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مع الإشارة إلى كون الأخير هو من يتولّى تمثيل الجانب اللبناني الرسمي في هذا الملف.
ماذا يحمل في جعبته؟ ما الذي سيقدمه؟ من أين سيبدأ؟ وكيف سينتهي؟ أين القرار 1701 وإسقاط الخطوط الحمر ومعامل الصواريخ وتعاظم العقوبات من ملف الحدود وترسيمها؟ ماذا عن إيران وصراعها المفتوح مع الشرق والغرب؟ أسئلة كثيرة لا عد لها وبعضها حتماً يكون بلا أجوبة، ليبقى الجواب الوحيد والأكيد حتى إشعار آخر أنّ زيارة الموفد الأميركي دايفيد شينكر تتخطى في أبعادها الأفق اللبناني الضيّق إلى ما بعد بعد الترسيم. سيما وأنّه يطأ أرض المنطقة على إيقاع دق طبول معركة الكر والفرّ بين المجتمع الدولي وطهران نووياً واقتصادياً وعسكرياً، ويصل إلى بيروت على وقع انعدام توازن الدولة اللبنانية بين بحثها المستجد عن ترسيم حدودها مع الخارج وبين بحثها المستمر عن تثبيت نقاط حدودها مع الداخل، في ظل قرار حرب وسلم متفلت من يد الشرعية واستراتيجية دفاعية ساقطة عسكرياً خارج قبضة المؤسسات الرسمية. 
 
 
المفاوضات ستبدأ منماذا يحمل في جعبته؟ ما الذي سيقدمه؟ من أين سيبدأ؟ وكيف سينتهي؟ أين القرار 1701 وإسقاط الخطوط الحمر ومعامل الصواريخ وتعاظم العقوبات من ملف الحدود وترسيمها؟ جديد من حيث توقفت. 
 
فلبنان الرسمي على موقفه لجهة تلازم الترسيم بين الحدود البرية والبحرية، وهو الأمر الذي سيتبلغه شينكر خلال لقاءاته، والذي سيستكمل بحثه أيضا في الأراضي المحتلة. في الخُلاصة، الأمل كبير بأن ينجح شنكر حيث فشل ساترفيلد، لأنّ الجميع راغب في تحقيق تقدّم، لتحضير الأجواء الأمنيّة والسياسيّة المُناسبة لعمليّات التنقيب وإستخراج الغاز والمُشتقات النفطيّة. لكن الحذر يجب أن يبقى قائمًا، ليس لأنّ شينكر يُعتبر من معسكر الصقور ضُمن الإدارة الأميركيّة فحسب، بل أيضًا وخُصوصًا لأنّ معلومات من مصادر مُختلفة بدأت تتسرّب، ومفادها أنّ إسرائيل ستستخدم ملفّ ترسيم الحُدود كورقة إبتزاز ستستخدمها في الضُغوط المُمارسة على لبنان تحت عنوان تثبيت القرار الدَولي 1701 ولمنع خرقه مُستقبلاً بطبيعة الحال حسب زعمها، وستستخدمها كذلك الأمر كما ذكرنا في ما تثيره من غبار إعلامي وسياسي في حديثها عن مصانع صواريخ تعود إلى حزب الله في أكثر من منطقة في لبنان! وفي كلّ الأحوال، إنّ الحُكم على مُحادثات شينكر لا يمكن أن يتم من جولة واحدة، بل بعد قيامه بسلسلة من الجولات على الجانبين اللبناني والإسرائيلي، الّا أن المؤكد هو أن شينكر لن يعود إلى نقطة الصفر، فمعروفٌ عنه إلمامه واطلاعه على قضايا المنطقة، ومنها لبنان، بالتفصيل، ولن يكون من الصعب عليه أن يكمل المحادثات من حيث وصلت.
 
 ولكن المحسوم ايضاً هو أن المفاوضات ستكون من حيث الشكل هذه المرة أسهل، وستخوضها واشنطن من دون ترجمة، فمبعوثها هذه المرة يتقن اللغة العربية جيداً. فهل سيتقن لغة الإقناع على ضفتي التفاوض؟