تطرّق كاتبٌ إسرائيلي إلى مسألة استقالة، جيسون غرينبلات، الوسيط الأميركي لخطّة السلام في الشرق الأوسط المعروفة إعلامياً بـ"صفقة القرن".
 
واعتبر الكاتب، ليئور لاهروس، في مقال له بصحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية، أنّ "نهاية حقبة غرينبلات السياسية جاءت مكلّلة بفشل ذريع وقطيعة غير مسبوقة بين الإدارة الأميركية والفلسطينيين"، كاشفاً أنّ غرينبلات أصبح بذلك أوّل "وسيط سلام" أميركي يفقد اتصالاته مع أحد الطرفين.
وقال الكاتب الإسرائيلي في مقاله إنّ "الفلسطينيين والإسرائيليين يودّعون غرينبلات الذي لم يقم بمهمته المطلوبة للتوسّط بينهما، وبدلاً من تهدئة الأجواء، فقد عمل على تصعيد الأزمة الناشبة"، مضيفاً أنّ "مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي أعلن عن استقالته الوشيكة من مهمته، مختلف جداً عن سابقيه من المبعوثين الأميركيين لعملية السلام".
 
وأوضح أنّ "جميع من عينتهم الإدارات الأميركية السابقة من مبعوثي السلام كانوا ذوي خبرة دبلوماسية طويلة، وأصحاب خلفية سياسية، وكانوا معروفين جيداً في دهاليز سياسة الشرق الأوسط والصراع العربي الإسرائيلي"، إلا أنّ "غرينبلات قادم من قطاع المحاماة والعقارات، بدون خبرة سياسية، أو معرفة بالمنطقة، وهو كجاريد كوشنير صهر ترامب وكبير مستشاريه تم تعيينه بالمنصب فقط، بسبب قرابته معه، حيث عمل مستشاراً قانونياً في أعماله وصفقاته التجارية، وساعده بحملته الانتخابية، وساعدته خلفيته اليهودية كثيراً في ترؤس طاقم السلام الأميركي، وهو قاسم مشترك لغالبية وسطاء السلام الأميركيين خلال السنوات والعقود الطويلة الماضية".
 
وأكّد أنّ "غرينبلات عيّن في موقعه هذا بعد فترة وجيزة فقط من انتخاب ترامب رئيساً للولايات المتحدة، وبداية حقبة دخوله البيت الأبيض، حيث أبديا جاهزية للعمل معاً، وفي أشهره الأولى التقى غرينبلات عدة مرات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وكبار مسؤولي السلطة الفلسطينية، وزار مخيّم اللاجئين، والتقى بطلاب ورجال دين فلسطينيين وإسرائيليين، وحاول التقدم بخطوات ومبادرات مشتركة بين الجانبين".
 
وأوضح لاهروس، الباحث بمعهد "ميتافيم" للسلام الفلسطيني الإسرائيلي، وخبير الشؤون الدولية بمعهد "لاونارد ديفيس" بالجامعة العبرية بالقدس، أنّ "غرينبلات ساهم بدوره في الدفع للأمام في مشاريع تحلية المياه على الصعيد الإقليمي، بالشراكة بين وزير التعاون الإقليمي الإسرائيلي تساحي هنغبي ورئيس سلطة المياه الفلسطينية".
 
واستدرك بالقول إن "هذه الصورة تغيرت فوراً بشكل حاد عقب الخطوات الأحادية التي اتخذتها إدارة ترامب تجاه الفلسطينيين منذ أواخر 2017، وتمثلت بنقل السفارة الأميركية للقدس، وتقليص المساعدات المالية، وإغلاق ممثلية "منظمة التحرير" بواشنطن، وتجاهل مبدأ حلّ الدولتين، وغيرها من الخطوات، بحيث نشأت قطيعة كاملة بين الإدارة الأميركية والسلطة الفلسطينية".
 
وأضاف أنّ "غرينبلات أصبح أوّل وسيط سلام أميركي يفقد اتصالاته مع أحد الطرفين، وبالتالي لم تعد لديه القدرة على التواصل معه، وبدلاً من استغلال موقعه للتوسط بينهما، وإقامة قنوات اتصال سرية تحوز على الثقة، فقد عمل العكس من خلال تصعيده للأزمة الناشبة مع الفلسطينيين، وزيادة فرص المواجهة الشاملة العلنية والإعلامية، وخالف ألف باء مبادئ الوساطة".
 
وأشار إلى أنّ "غرينبلات شرع بشنّ صراعات عبر "تويتر" مع مسؤولين فلسطينيين مختلفين، ونشر تغريدات مسيئة للقيادة الفلسطينية، وتجاهل كلياً مبادئ السلام، فقط اكتفى بالحديث عن حقّ إسرائيل بضم الضفة الغربية، واستهتر بالقرارات الدولية ذات الصلة، حتى جاءت الصورة التذكارية وهو يحمل المطرقة في نفق أسفل الحرم القدسي بحي سلوان، ما شكل بداية النهاية في عمله وسيطا للسلام".
 
وأكد أنّ "غرينبلات دخل لمهمته هذه ولديه العديد من وسائل التأثير، على رأسها العلاقة الشخصية الحميمة مع ترامب، وجاهزية الجانبين للتعاون الثنائي، لكن نهاية حقبته السياسية جاءت مكللة بفشل ذريع وقطيعة غير مسبوقة بين الإدارة الأميركية والفلسطينيين".
 
وختم بالقول إنه "لا أحد يعلم الأسباب الحقيقية لاستقالة غرينبلات، لكنّها شاهد جديد على غياب جدوى "صفقة القرن"، وسنرى هل تكون مغادرته عاملاً إيجابياً، أم أن كوشنير وديفيد فريدمان سيواصلان ذات الطريق البائس".