كل من الطرفين يحاول القول لسيده انه هو من يمسك بزمام المبادرة وان الاستثمار به والاعتماد عليه كورقة رابحة في بازار النزال الكبير هناك هو خيار صائب.
 
أحداث متتالية شهدناها في الاسابيع المنصرمة، بين حزب الله من جهة والعدو الاسرائيلي من جهة ثانية، كل واحدة من تلك الاحداث كانت مؤهلة لإشعال فتيل الحرب لو رغب واحد من الطرفين بذلك، بالخصوص استهداف موقع عقربا وسقوط شهدين للحزب، وما تلاه من رد كاد أن يفجر الجبهة لو كان سقط بالمقابل قتلى للعدو.
 
وبالأمس استفقنا أيضا على غارات مركزة استهدفت مجمع الامام علي بن ابي طالب في البوكمال التابع للحرس الثوري وتدمير الجزء الاكبر منه مما يعني أيضا سقوط خسائر بشرية وإن كانت مجهولة الجنسية حتى اللحظة، متزامن هذا الخبر مع خبر "اغتيال" مسؤول في حزب الله بمنطقة برج البراجنة، وعلى الضفة الأخرى كان نبأ إسقاط مسيرة اسرائيلية خراج قرية رامية الجنوبية.
 
الملفت بكل هذه التطورات المتسارعة، هو الحالة الضبابية التي تلف كل حدث، وتعدد الروايات والقصص حوله وترك الامور غارقة في مقدرة فهم الحقيقة ومجرياتها، والسماح لكل طرف من طرفي الصراع بأخذ الموضوع وتأويله بما ينسجم مع مصالحه، حتى يكاد يشعر المراقب والمتابع وكأن الاحداث تجري في عالم آخر 
 
 
فلا الهدف للطائرات المسيرة في الضاحية بات معروفا عند الجمهور، ولا سقوط قتلى أو جرحى للعدو في آلية افيفيم حسمت، واستدعاء الادلة الجنائية "الرسمية" الى برج البراجنة على غير العادة مما يعني أن التقرير الرسمي سيوصف الحادثة بالقتل عن طريق الخطأ حتما، على عكس ما أفادت به الوكالة الإيرانية التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون، أن حاطوم اغتيل في منزله.
 
كل هذا إنما يؤشر إلى رغبة عند الطرفين بعدم تدهور الامور إلى ما لا يحمد عقباها، ومحاولات تجنب الوقوع في المحظور وإن كنا نعتقد أن هذه الرغبة بالهروب الى الامام عند حزب الله هي أكثر وضوحا، بالخصوص أن كل التعدي والاستفزاز ومحاولات كسر الخطوط الحمراء إنما تأتي من جانب العدو أولا، وأن حزب الله هو بموقع الدفاع عن قواعد اللعبة المتبعة منذ ما بعد 2006 من دون محاولاته فرض قواعد جديدة .
 
من الواضح أن ما يجري بين الوكيلين ( حزب الله – اسرائيل ) هو انعكاس طبيعي لما يجري بين الاصيلين ( اميركا – ايران )، وأن كل وكيل يحاول أن يرسل بإشارات إلى موكله على انه جاهز لأن يقوم بالمتوجب عليه لحظة أن يطلب منه ذلك، وأنه على أتم الاستعداد للدخول في المواجهة الكبرى ان اقتضى الامر، 
وكل من الطرفين يحاول القول لسيده انه هو من يمسك بزمام المبادرة وأن الاستثمار به والاعتماد عليه كورقة رابحة في بازار النزال الكبير هناك هو خيار صائب، وبالتالي  فعلى ادارة ترامب ضمان نجاح نتنياهو في الانتخابات القادمة، وعلى الولي الفقيه الاستمرار بضخ الاموال لحزب الله بالرغم من الضائقة التي تمر بها ايران، هذا الى ان يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود من الحرب .