أكد وزير الثقافة الدكتور محمد داود، في كلمة القاها في اليوم الثامن من عاشوراء الذي تحييه حركة أمل - إقليم جبل عامل في ساحة الامام الصدر (القسم) في مدينة صور، انه "في مواجهة اي حماقة اسرائيلية تستهدف لبنان وانسانه وارضه وسيادته سنكون، وكما كنا دوما وكما يشهد تاريخنا المضيء وقوافل شهدائنا وجرحانا وأسرانا، طليعة المقاومين ومصداقا لما غرسه فينا امام الوطن والمقاومة. حق مقدس هو الدفاع عن الأرض والعرض وقد كرسته كل الشرعات والقوانين والأعراف ولا يمكن لأحد على الإطلاق، أيا كان أن ينكر على أهلنا هذا الحق ويمنحه لأعدائنا. شرعية الدفاع تستمد أولا وأخيرا من إرادة الشعب ومن تفويضه. وإذا ما اعتدي علينا فإننا جاهزون للالتحام كأمواج البحر ليصبح كل الشعب جيشا ومقاومة ولتصبح كل المعادلات كلنا للوطن".

كما اكد الوزير داود "التزامنا بحفظ لبنان وطنا نهائيا لجميع ابنائه، هذه مدرستنا وهذا دأبنا الذي لم نحد عنه في عز اشتداد الأزمات والتحديات"، ودعا "مجددا جميع القوى السياسية الى التجاوب مع دعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي اطلقها في ذكرى تغييب الامام الصدر ورفيقيه في النبطية لجهة المبادرة الى تنفيذ ما لم ينفذ من اتفاق الطائف".

وقد استهل وزير الثقافة كلمته بالقول: "عام بعد عام وتتوهج ثورة الحسين شمسا ليس لنورها احتجاب، وتترسخ حقيقة الدم الحسيني شعلة في كل وجدان وميراثا لكل إنسان، فالإنسان القادر على حمل شرف كلمة (الإنسانية) بكل مضامينها وأبعادها سيكون بلا شك وريثا للدم الحسيني وشريكا في الحزن الكربلائي، ما يقارب الألف وأربعمئة عام الا قليل وهذه الثورة بكل عناوينها الانسانية و الروحية و بكل قيمها النبيلة تفرض نفسها نموذجا ومثالا لكل التواقين للحرية والساعين للإصلاح الحقيقي والحالمين بالعدالة وقول كلمة الحق أمام جور السلاطين. المقام لا يتسع لحصر الأثر الشاسع الذي خلفته هذه الواقعة على مسار البشرية جمعاء ويكفي للدلالة على ذلك الأثر ما خلص إليه المهاتما غاندي إبان مجابهة الإستعمار البريطاني لبلاده: على الهند إذا أرادت أن تنتصر أن تقتدي بالإمام الحسين".

وتابع: "ولى زمان كان فيه الامام الحسين عليه السلام وآل بيته والصفوة الذين آثروا الاستشهاد بين يديه قلة فوق رمال الصحراء الحارقة ...وها زمان أصبحوا وإيانا أنهارا من البشر تجتمع روافدها من كل بيت من بيوتنا، من كل قرية وبلدة ومدينة من كل طفل وامرأة وشيخ وكبير وصغير، يتعالى نبضها ويتعاظم هديرها ليصم مسامع الطغاة في مشارق الأرض ومغاربها ، في كل زمان ومكان".

وأكمل: "إن صورة الخروج المظفر للامام الحسين هي صورة تتجاوز في أبعادها الروحية والفكرية حدود المشهد والتراجيديا التصويرية لتنقلنا إلى عمق العبرة التي تفتح الحدث على الفكرة والهدف. الكثير الكثير علمنا سيد الشهداء، ولعل أول وأبلغ ما علمنا، هو أن الثورة تبدأ أول ما تبدأ من الثورة على الاستكانة الداخلية والخضوع النفسي داخل ذات الإنسان، وتنتهي بعد ذلك عند حدود تغيير المجتمع بكل أبعاده، من خلال تغيير الأشخاص والرموز التي تدعي القيمومة عليه، علمنا الحسين أن نحب حياتنا، نعم وأن نحبها كريمة وأن نحياها كما نريد وليس كما يريدها لنا الآخرون، سواء كانوا أصدقاء أم أعداء، علمنا الحسين أن نكون تواقين الى المبادرات من أجل إصلاح شؤوننا ما استطعنا حتى وإن كانت في ذلك مخاطرة كبرى ودونه عقبات وعلمنا الحسين أن أهم ما يعطي قضايانا قيمة على الإطلاق هو ليس ما نستطيع أن نوهم الناس به وليس عدد الأشخاص الذين نستطيع أن نجمعهم حولنا إنما هو محض إيماننا الداخلي بما نفعل واستعدادنا للتضحية في سبيل ما نؤمن به، كما علمنا أن ما يبنى على باطل فهو باطل وأن الحق حق حتى ولو سحق تحت حوافر الخيول. سيسقط كل باطل ومبطل وكل فاسد ومفسد مهما علا شأنه".

وأضاف: "في رحاب هذه الثورة النابضة بالعشق والحياة والخلود ومن ساحة الامام الصدر الذي قدم من خلال قضية حركته وإيثار تلامذته في افواج المقاومة اللبنانية أمل البعد الحقيقي والرسالي لعاشوراء تعالوا اليوم نقارب عاشوراء كما قاربها سماحة الامام عندما قال "ان عاشوراء ثروة غير مستثمرة وهي تحتاج الى اعطائها الابعاد الهادفة"، عاشوراء في أبعادها تتجاوز المحنة العاطفية والمأساة البشرية، عاشوراء هي نموذج بأسبابها وتفاصيلها ونتائجها، هي تعلم الأجيال كل الأجيال و تفتح أمامهم طريق النجاة و الخلاص، فلنستثمر عناصر القوة والجرأة في عاشوراء ولنغرف من البحر الحسيني وافرا من الارادة والإصرار يعيننا على مواجهة الظلم في أوطاننا و عالمنا. فعاشوراء ليست طقسا روحيا و لا ستارة يختفي وراءها المذنبون ولا يمكن أن تكون مجرد منفس للغضب والاحتجاج، عاشوراء الحقيقية تعني بلوغ الانسان قمة الإلتزام وغاية التضحية ونهاية التقديم والوفاء والخدمة والعطاء وكل ذلك مترافقا مع أسمى مراتب العفو و التسامح والترفع وأوضح الرؤى وأشدها جلاء".

وقال: "ليس من قبيل الصدفة إذا نظرنا إلى طبيعة الأشخاص المرافقين للإمام الحسين أن نرى معه الطفل والشيخ والشاب، والمرأة والطفلة وأن نرى العربي وغير العربي والأبيض والأسمر والأسود والمسلم والمسيحي. لقد اجتمعت كل مراحل العمر وكل الألوان والطبقات الإجتماعية في جيش الإمام الذي بلغ عدده سبعين ونيف فقط مقابل الآلاف في جيش يزيد، حتى لكأن الله سبحانه وتعالى شاء أن يجعل من جيش الحسين رمزا للإنسان بعمره ولونه وديانته وقوميته ليقول بعد ذلك أن الإسلام الحق فوق كل هذه الحواجز، وما ثورة الحسين إلا لإزالة هذه الحواجز والحدود. فللصغير دور وللكبير دور وللرجل دور وللمرأة دور لا يقل شأنا وبهذا التكامل في الأدوار والمهمات فقط تنجح الثورات وتؤتي ثمارها، فالحسين خرج ليس حبا بالخروج وقاتل وحارب ليس حبا بالحرب والقتال انما خرج وقاتل صيانة للاسلام وان الساحة الحقيقية التي ولدت فيها عاشوراء هي ساحة القيم الانسانية، فالامام الحسين وشهداء ثورته هم شهداء الاصلاح فاذا ساعدنا في اصلاح أمة جده نكون قد نصرنا الحسين واذا سكتنا أو منعنا الاصلاح عن هذه الأمة نكون قد خذلنا الحسين ونصرنا من قتله".

وأكمل: "هكذا فهم الامام الصدر الثورة الحسينية و هكذا علمنا أن نترجمها سياسيا تحت قيادة دولة الرئيس بري وأن نتخذ من الأبعاد الرسالية والانسانية والوحدوية لمدرسة عاشوراء اداء وممارسة وسلوكا يوميا في كل ما يصنع فارقا في حياة الانسان وحياة الدولة والمجتمع".

وقد شارك في احياء الليلة الثامنة من عاشوراء عضو المكتب السياسي في حركة "أمل" علي رحال، المسؤول التنظيمي لإقليم جبل عامل في الحركة علي اسماعيل وأعضاء قيادة الاقليم، وفد من حركة فتح برئاسة اللواء ابو احمد زيداني، المفوض العام لكشافة الرسالة الاسلامية حسين قرياني، وفد من جمعية كشافة المهدي، وفد من جمعية رواد الرسالة الاسلامية لفيف من رجال الدين وقيادات أمنية وعسكرية ولفيف من رجال الدين وفاعليات اجتماعية وبلدية واختيارية ومواطنين.