مصدر مقرّب من حزب الله يؤكد أن الرد الثاني للحزب على إسرائيل سيكون بعد ذكرى عاشوراء تجنبا لتعريض الاحتفالات الشعبية للخطر وتحسّبًا لردّ فعل إسرائيلي.
 
تتصاعد هواجس اللبنانيين من عودة التوتر إلى الجبهة الجنوبية للبنان، مع بلوغ العاشر من محرم (الاثنين)، رغم أنه لا مؤشرات حقيقية يمكن الاستناد عليها لفرضية تفجّر التصعيد مجدّدا بين حزب الله وإسرائيل.
 
واستهدف حزب الله اللبناني في الأول من سبتمبر الجاري، آلية عسكرية شمالي إسرائيل بقذيفة مضادة للدروع، وتوعد برد ثانٍ على سقوط طائرتين مسيرتين إسرائيليتين محملتين بالمتفجرات في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث المربع الأمني لحزب الله، وقبلها بساعات قليلة مقتل عنصرين من الحزب في غارة على مبنى في بلدة عقربة بريف دمشق في 24 أغسطس الماضي.
 
وتبنّت إسرائيل تلك الغارة وقالت إنها أحبطت من خلالها مخططًا من جانب إيران ومجموعات شيعية موالية لها لشنّ هجوم بطائرات مسيرة على أهداف إسرائيلية من سوريا.
 
ورجّح مصدر مقرّب من حزب الله، أن يكون الرد الثاني للحزب على إسرائيل بعد ذكرى العاشر من محرّم (عاشوراء- 9 سبتمبر)؛ منعًا لتعريض الاحتفالات الشعبية بتلك الذكرى للخطر؛ تحسّبًا لردّ فعل إسرائيلي.
 
في المقابل يستبعد محللون أن يُقدم حزب الله على أي عملية جديدة، فهو يعتبر أنّ الردّ الأول كان كافيا لجهة حفظ ماء الوجه، وأنّ أيّ خطوة جديدة قد تفجّر حربا لن تكون لصالحه في ظل التفوّق الإسرائيلي.
 

ورغم استمرار تحليلات لم تُغلق الباب على سيناريو التصعيد، تبدو الأجواء الشعبية في لبنان مُنقسمة بين خائف من حرب عسكرية وشاكٍ من وضع اقتصادي، أشدّ وقعا من الحرب. ووفق أرقام رسمية يرزح 1.5 مليون لبناني (من أصل حوالي 6.1 مليون نسمة) تحت خط الفقر، في بلد يعاني من أزمة اقتصادية حادة، تفاقمت مؤخرًا بسبب أوضاع سياسية غير مستقرة.

وفي غياب إحصاء رسمي، تتفاوت التقديرات بشأن البطالة بين 35 بالمئة و60 بالمئة، وبلغ إجمالي الدين العام 86.2 مليار دولار في الربع الأول من 2019، بحسب وزارة المالية، في مايو الماضي.

وردًا على قذيفة حزب الله، قصف الجيش الإسرائيلي، في الأول من الشهر الجاري، بالعشرات من القذائف عددا من القرى الحدودية اللبنانية، بينها “مارون الراس”، التي تعرّضت لأكثر من 30 قذيفة.

وقال حسّان، من بعلبك، إنه لا يخشى الحرب العسكرية بقدر ما يخشى الحرب المعيشية الاقتصادية التي يعاني منها اللبنانيون “فهذه الحرب تدخل على كل بيت وتطال كل الطبقات”.

وأضاف “يمكنك أن تختبئ من القذيفة أو من الرصاصة، لكن حرب الجوع كيف يمكن الهروب منها؟!”. وهذا هو أيضًا رأي أحمد “تعوّدنا على الحروب، لكن ما نتخوّف منه هو الحرب الاقتصادية، وهي أصعب من الحرب الحقيقية، فالمشكلة مُزمنة يعجز المعنيون عن حلّها أو بالأحرى لا يريدون حلّها”.

في المقابل فإن لنانسي، نظرية مختلفة، فهي تخشى التصعيد العسكري بين لبنان وإسرائيل، ورأت أن “الحل للأزمة الاقتصادية ليس الهجرة، بل البقاء في الوطن والاعتصام بالشارع لسنوات حتى يتغيّر الطاقم السياسي الذي أوصل البلد إلى أزمته المعيشية”.

ورأى عماد، أن “كل اللبنانيين يخافون من الحرب بعكس ما يدّعون، لكن فكرة الانتصار التي يلعبها خط الممانعة هي التي تخلق هذا النوع من الادعاء عند البعض، لكن الحفاظ على الحياة هو شعور مُكتسب بالفطرة لدى البشر”.

وعبّرت زينب (9 سنوات) عن خوفها من الحرب بقولها “أخاف جدا من وقوع الحرب؛ لأنني أخاف على بلدي من الدمار”. وقالت شقيقتها بيسان (7 سنوات) إنها تخشى الحرب؛ لأنها تخاف على والدها أن يشارك بالحرب.

فسّر زهير حطب، باحث نفسي اجتماعي، عدم خوف البعض من الحرب بانتمائهم السياسي، “فاللبنانيون نوعا ما مبدعون وسياسيون ومتطرفون جدا في تعبيرهم عن موقفهم السياسي”.

وتابع حطب، “هذا الأمر يدفع اللبنانيين إلى إصدار مواقف متسرعة عشوائية غير منطقية ومن دون حسابات”. ورأى أن “اللبنانيين مدّعون نظريّا، لكن عمليّا هم أضعف من أن يأخذوا موقف تحدٍّ ومواجهة، وسيكون الهرب سيّد الموقف في حال وقوع أيّ حرب”.

واستطرد “هم يعرفون أنهم في بلد غير مؤهل للمواجهة، وليس لديه مصادر الاكتفاء الاقتصادي والخدماتي، أو مؤسسات وهيئات ووزارات تؤمّن له احتياط يساعده على المواجهة”.

وعن الحرب الاقتصادية وربطها بعدم الخوف من الحرب العسكرية، قال حطب “كلما كانت أوضاع المواطن صعبة معيشيّا يميل إلى التشدّد بمواقف بطولية، فيقول “يا أهلا بالحرب، على اعتبار أنه في الوضع الأسوأ”.

وأعلن رئيس الوزراء سعد الحريري قبل أيام حالة طوارئ اقتصادية في محاولة لمنع تكرار سيناريو اليونان التي وجدت نفسها في أزمة ديون قبل نحو 7 سنوات، وكان عليها اتخاذ تدابير تقشفيّة صارمة تحت رقابة مشددة من الدائنين.