خرجت من رحم اللغة التركيّة عبارات تزخرُ بها العاميّة اللبنانيّة، يستخدمها اللّبنانيّون يوميًّا، من دون علم بمصدرها الأصلي لدرجة أنّ البعض يعتقد أنّها جزء من اللغة العربيّة. لا تقتصرُ المصطلحات على اللغة فحسب بل تمتدّ إلى أسماء العائلات نسبة إلى المهن التي كانوا يُمارسونها خلال الخلافة التركيّة وأيضًا جرّاء تفاعل الحضارتين على الصعيدين السياسي والثقافي.
 
لكنّ العلاقات التركيّة اللبنانيّة تشهدُ توتّرًا حتى السّاعة على خلفيّة تصريحات الرئيس عون التي ركّز فيها على الحقبة العثمانيّة وما لحق اللّبنانيّين على حدّ قوله من تنكيل وهو ما ردَّت عليه أنقرة بقوّة، واصفةً التصريحات بـِ "غير المسؤولة".
 
ويرى الصحافي والكاتب التركي حمزة تكين، أنّ رغم ما جرى خلال الأسبوع من أحداث إلّا أنّ العلاقات بين بيروت وأنقرة لن تتأثّر لأنّ الأخيرة حريصة كلّ الحرص على الشعب اللبناني الذي أظهر وعيه التاريخي وأظهر تقديره الكبير للشعب التركي وللرئيس رجب أردوغان خلال الأزمة، مُعتبرًا أنّه من الغير منطقي مُعاقبة الشعب اللبناني أو أن تقوم الدولة التركيّة بفرض تأشيرة دخول على أراضيها ولاسيّما أنّ المُتضرّر الأوّل سيكون الشعب اللبناني.
وشدّد تكين في حديثٍ مع "لبنان الجديد" على  أنّ التصريحات التي أطلقها رئيس الجمهوريّة لها أهداف وتركيا لن تُقدِم على أيّ خطوة سلبيّة مهما بلغت الإستفزازات من فئة محدودة ومُحدَّدة ومعروفة للعالم فهذه الفئة تُخاطب تركيا بطريقة غير منطقيّة وتُحرّف التاريخ وتُحرّك العصابيّات الطائفيّة.
 
أمّا عن توقيت التصريحات، أشار  تكين إلى  أنّ الأمر بات واضحًا فزيارة وزير الخارجيّة التركي الشهر المُنصرم لبيروت كانت ناجحة ونالت أهدافها على الصعيد السياسي والإقتصادي والسياحي، إلّا أنّ هناك جهّات داخليّة في لبنان وإقليميّة انزعجت من هذا التقدّم بين تركيا ولبنان لذا أوعزت للبعض بأن يستفزّ تركيا من خلال اعتداءات وتصريحات معنويّة لتقوم تركيا في لحظةِ غضب باتخاذ قرار سلبي حيال الشعب اللبناني لكنّ تركيا قطعت الطريق أمام هذا السيناريو لأنّها تُدرك بأنّ الشعب اللبناني لا دخل له بذلك.
 
وتابع:" الجهات الإقليميّة قرّرت أن تُخرّب نتائج الزيارة الإيجابيّة لوزير الخارجيّة التركي ففشلت وتركيا حريصة على العلاقات الطيّبة بين البلدين"، مؤكّدًا "أنّ الحملات ضدّ تركيا هي مضيعة للوقت". 
 
 
في هذا الصدد، اعتبر المدير العامّ للأوقاف في دار الافتاء سابقاً الشيخ هشام خليفه، أنّ العلاقات التركيّة – اللبنانيّة في طبيعة الحال جيّدة والدليل على ذلك  إلغاء تأشيرة الدخول بين البلدين وآخر تحسّن للعلاقة كان زيارة وزير الخارجيّة التركي إلى لبنان لكنّ ما حدث خلال الأسبوع المنصرم أخذ العلاقات إلى شيء من السلبيّة، مُتمنيًّا أن لا تذهب الأمور إلى أبعد من ذلك بل أن تتحوّل إلى إيجابيّة خصوصًا لما لها من مصالح.
 
وأكّد خليفه أنّ تركيا تراعي بحكمة ما حصل خصوصًا على باب سفارتها والإساءة للعلم التركي ولا أحد يرضى طبعًا بذلك وردّة فعل تركيا لم تكن شديدة اللّهجة.
 
واتّخذت الأزمة اللبنانيّة- التركيّة أبعادًا جديدة بعد استدعاء أنقرة السفير اللبناني لديها في ردّ على قيام مجموعة من الأشخاص بوضع لافتة مُستفزّة على مدخل السفارة التركيّة في بيروت، ويصف كثيرون أن ما يحدث لا يعدو كونه "زوبعة في فنجان".