والاصرار الامريكي على عدم رفع اضغوط عن ايران ، كل هذه التطورات السياسية مقلقة وتزيد من ترسيخ الاعتقاد بان لبنان في غرفة العناية المركزة حتى اشعار اخر .
 
لبنان اليوم وضعه شبيه تماماً بوضع المريض الموضوع في غرفة العناية الفائقة .وهو اليوم بالفعل على طاولة التشريح الدولية لتشخيص وضعه الحرج، حيث أن كل المسكّنات التي درج أهل السلطة على استخدامها اصبحت منتهية الصلاحية وغير مفيدة في معالجة الخلل البنيوي المستحكم بمفاصل الدولة استراتيجياً واقتصادياً، لم يعد من مناص ولا خلاص أمام اللبنانيين إلا مواجهة مرآة عورات وضعهم المتردي والتصدي لها تحت طائل الانهيار القادم على جناح السرعة، بشهادة التقارير والتصنيفات الاقتصادية والمالية الآخذة بالتوالي إنذاراً وتحذيراً من مغبة الاستمرار في انتهاج سياسة النعامة، وما كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري عن كون لبنان أصبح في عين العاصفة تحت وطأة حرب حقيقية تمارس ضده اقتصادياً، وحديث رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري صراحةً عن خشيته من أمر وحيد هو الحرب وتشديد قائد اليونيفيل اللواء ستيفانو ديل كول على اعتبار اشتباك 1 أيلول الصاروخي كان من الممكن أن يؤدي إلى تصعيد لا يمكن لـ اليونيفيل والأطراف السيطرة عليه، سوى مؤشرات ودلائل قاطعة للشك باليقين بأنّ لبنان أصبح على خط نار مزدوج بين حربين مفتوحتين على شتى الاحتمالات والمخاطر الاقتصادية والعسكرية.
 
فعلى المستوى الاقتصادي تحدثت مراجع أن ناظر سيدر ﻧﺼﺢ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ اﻟﻠﺒﻨﺎﻧﻴﻴﻦ مجدداً اﻹﺳﺮاع ﻓﻲ إﺟﺮاء اﻟﻤﻄﻠﻮب ﻣﻦ إﺻﻼﺣﺎت وﺧﻄﻂ ﻟﻠﻜﻬﺮﺑﺎء وﻣﺸﺎرﻳﻊ أﺧﺮى. وأن ﻣﻦ أﻫﻢ اﻟﺨﻄﻮات اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻻﻧﻄﻼق ﺳﻴﺪر وﺿﻊ اﻻﺳﺲ اﻟﺜﺎﺑﺘﺔ واﻟﻮﻋﻮد اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﻗﻴﺪ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻤﻮازﻧﺔ، وﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻬﻴﺌﺔ اﻟﻨﺎﻇﻤﺔ، وﻏﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ ﻣﺸﺎرﻳﻊ وﺧﻄﻂ إﻧﻤﺎﺋﻴﺔ. وﻟﻔﺘﺖ تلك المراجع أن ﻛﻞ اﻟﺘﻘﺎرﻳﺮ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻛﺎﻧﺖ أم ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ، وﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻟﻮﺿﻊ اﻟﻤﺎﻟﻲ واﻟﻤﺼﺮﻓﻲ ﻓﻲ ﻟﺒﻨﺎن، ﻳﺮﺗﺒﻂ ﻣﺒﺎﺷﺮة ﺑﻜﻞ اﻹﺻﻼﺣﺎت اﻟﻼزﻣﺔ واﻟﻮاﺟﺐ اﺗﺨﺎذﻫﺎ.
 
 
 وعلى وقع إشارة المبعوث الفرنسي بيار دوكان من السراي الحكومي أمس، إلى ضرورة اتخاذ السلطات اللبنانية عدة إجراءات وخطوات يمكنها وحدها أن تسهم في إطلاق الاقتصاد اللبناني. وزيارة دوكان لن تكون وحيدة، إنما بعد حوالى الاسبوع، سوف يصل إلى لبنان المبعوث الأميركي ديفيد شينكر لإعادة تجديد المساعي الأميركية، والوصول إلى تفاهمٍ بشأن ترسيم الحدود. وسيتم إعادة إطلاق عملية التفاوض غير المباشر برعاية الأميركيين، تمهيداً لإرساء تفاهمٍ يؤدي إلى عقد جلسات تفاوضية مباشرة مع العدو الإسرائيلي برعاية الأمم المتحدة. إطلاق هذا النوع من المفاوضات بغية ترسيم الحدود، يفترض حتماً إرساءً للاستقرار في الجنوب، لأنه لا يمكن لهذه المفاوضات أن تصل إلى النتائج المرجوة، إذا ما استمر التوتر قائماً. ولا يمكن الحديث عن التنقيب عن النفط وعمل الشركات إذا لم يكن الأمن متوفراً.
 
  أما على مستوى الهواجس من إعادة تأزيم جبهة لبنان الجنوبية، ملفت للانتباه، تصريح رئيس الحكومة تسليط الضوء على اعتبار حزب الله مشكلة إقليمية ليس لبنانية فقط، رافضاً تحميل لبنان بأسره تبعات ما يقوم به الحزب من أعمال عسكرية ليوجه تالياً رسالة واضحة إلى كل من يعنيهم الأمر في الغرب والشرق نحن لا نوافق حزب الله على هذه الأعمال وأنا لا أتفق مع حزب الله على هذه الأعمال، وهم لا يديرون الحكومة ولا البلد لكنهم يستطيعون إشعال حريق أو حرب قد تحصل لأسباب إقليمية لا رأي لنا بها في لبنان، وهذا هو سبب الخلاف الكبير بيننا وبينهم.
 
في الخُلاصة، طالما أنّ الصراع الإقليمي والدَولي ما زال مفتوحًا على مصراعيه، وطالما أنّ حزب الله مُنخرط في هذا الصراع، الأكيد أنّ سيف العُقوبات الأميركيّة سيبقى مُسلّطًا فوق لبنان واللبنانيّين. كل تلك العوامل تجعل الحرب غير مستبعدة، خصوصاً أن المنطقة تقف على برميل بارود يمكن ان ينفجر في أي لحظة، مخلفاً ورائه مزيداً من الخراب والدمار.
  والأخطر تزامن التطورات على الحدود مع تصعيد إيران لهجتها مع فرنسا وأوروبا، حيث أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أن إسرائيل أخطأت كثيراً في حساباتها بعد الاعتداء على العراق وعلى سوريا ولبنان. وهدّد في آن بتقليص التزامات بلاده في الاتفاق النووي، فيما شدّد ماكرون على وجوب ضبط النفس بين حزب الله وإسرائيل.
 
والاصرار الامريكي على عدم رفع اضغوط عن ايران ، كل هذه التطورات السياسية مقلقة وتزيد من ترسيخ الاعتقاد بان لبنان في غرفة العناية المركزة حتى اشعار اخر .