«إلغاء القوات» عبارة من كثرة تردادها أصبحت مطلباً وهاجساً للبعض، ومعركة نضالٍ دائمة بالنسبة للبعض الآخر. تباينت الآراء إزاء رد «التيّار الوطني الحر» على مقاربته «إلغاء القوات»، حين نَفت مصادره لـ»الجمهورية» التحليلات الإخبارية التي خَلُصت الى الإستنتاج أنّ هدف «التيّار» إقصاء «القوات اللبنانية»، مُفنّدة بعض ما لديها من إثباتات تؤكّد أنّها كانت السبّاقة الى «شراكة القوات» وليس الى إلغائها أو إقصائها. وأبَدت مصادر «التيّار» استعدادها لتلبية أي دعوة أو أي «نداء طارىء» توجّهه بكركي لجمع الأقطاب المسيحييين بمعيّة البطريرك الراعي لمناقشة المسائل «المفصلية الوجوديّة» والتعالي عن «الخصومات الشخصية».
 

إلّا أنّ عَتب «التيّار» على «القوات» لأنّ «الحكيم» لم يرد زيارات باسيل، وغيرها من المواقف، أحدثت بلبلة في المجالس القواتية والعونية على حد سواء، فأثارت الأوّل واستفَزّت الثاني. البعض قرأها إيجابية، معتبراً أنّها بمثابة مَد يد لتحريك رتابة «الستاتيكو» القائم، فيما اعتبرها البعض الآخر إنتقاصاً من قيمة «القوات» و»حكيمها».

 

وقبل الخوض في اقتراح تشكيل لجنة طوارىء من بكركي، تتأسّف مصادر «القوات» على ضياع فرصة «اللجنة الأهم»، وهي اللجنة المفترضة التي وقّع عليها باسيل وجعجع ضمن إتفاقية معراب، منبّهة الى أنّه لو شُكِّل فريقها لما وصلنا الى ما وصلنا اليه اليوم، ولكنّا نَظّمنا الخلاف لتضييقها، مبررة أنّ باسيل لم يرد مبدأ الشراكة، بل يرفضه، لذلك لم يشكلها وهو يريد التخلص من هذه الشراكة، وصولاً الى نسف الاتفاق وتحقيق أحادية مسيحية.

 

وتضيف مصادر «القوات»: أمّا القول إنّ «القوات» تستخف بباسيل فغير صحيح، لأنها حريصة على احترام الجميع ومواقعهم، ولكن قول الحقيقة ليس عيباً، وهو أنّ المصالحة والاتفاق تمّا مع العماد عون، وهذه حقيقة لا يمكن تجاهلها ولا القفز فوقها، كما لا يمكن القفز فوق واقع أنّ رئاسة باسيل ل»التيَار» وتكتل «لبنان القوي» لا تلغي حقيقة أن باسيل ما زال في موقع القائمقام، وفي موقع الوكيل لا الأصيل.

 

أمّا لجهة زيارة باسيل تساءلت المصادر «هل الحريري يزور باسيل، وهل بري يزور باسيل، وهل جنبلاط يزور باسيل؟ فجعجع هو من فئة قيادات الصف الأول في البلد، وبالتالي من الطبيعي ألّا يزور باسيل».

 

وأمّا لناحية إصرار «القوات» على الموقع الماروني، فتوضح مصادرها «الأمر غير صحيح على الإطلاق، ودعمنا للمرشح سعيد مالك لم يكن انطلاقاً من مذهبه، بل من سيرته المهنية، ولو قبلت «القوات» بما عرض عليها من مقعد أرثوذكسي أو كاثوليكي، لكانت دخلت في عملية المحاصصة التي ترفضها جملة وتفصيلاً، لأنّ أولويتها ليس ان يكون لديها مقعد داخل المجلس الدستوري، بل اختيار الأكفأ والأجدر لهذا المجلس».

 

و توضح مصادر «القوات» أنّ «اتفاق الشراكة واضح وموقع لناحية ان تتوزّع «القوات» و»التيار» مناصفة المقاعد الوزارية المخصصة للطائفة المسيحية، بما فيها السيادية منها والخدماتية، وفي حكومات العهد كافة. وبالتالي، هذا حق من حقوق «القوات» والكلام على إعطائها مرفوض رفضاً باتاً، لأنها لا تستجدي المواقع ولا تقبل التمنين، والاتفاق واضح وكان يجب ان تحصل «القوات» على حقائب سيادية، وقد نكث باسيل بهذا الاتفاق مع تأليف حكومة العهد الأولى».

 

عن «المحاربة القواتية» للتيار في الإنتخابات النيابية، تؤكد «القوات» أنّ «الوقائع الانتخابية واضحة ودامغة بأن من رفض التحالف هو «التيّار» وليس «القوات»، التي كانت تسعى لتحالف في دوائر الأطراف من اجل ضمان وصول نواب مسيحيين منتخبين من بيئتهم، فيما سعى «التيار» الى منع أي تحالف لـ»القوات» بدءاً من «المستقبل» الى المستقلين، وصولاً الى رفضه التحالف في اي دائرة من الدوائر. كما أنّ باسيل هو من فتح النار على القوات عشية الانتخابات، في هجوم قبل ساعات من الصمت الانتخابي من أجل أن يوجّه الناخبين بالاتجاه الذي يريد رفضاً لإقتراع لـ»القوات».

 

امّا «قميص عثمان» لجهة الفساد، فلفتت مصادر «القوات» الى «أنّ بواخر الكهرباء تنطق بنفسها، ونكتفي في هذا المجال بما قاله الموفد الفرنسي المكلّف متابعة مقررات مؤتمر «سيدر» السفير بيار دوكان «بأنه يجب أن نتذكر انّ 60 في المئة من العجز يأتي من كهرباء لبنان، وبالتالي لا بد من التصرّف إزاء هذا الأمر»، وهذا القول كاف لتأكيد وجهة نظر «القوات» من كارثية هذا الملف، ووضعه أولوية إنطلاقاً من كارثيّته على الميزانية والمالية العامة للدولة، فيما كان البعض يَتسابق في كيفية زيادة عدد البواخر. وذكّرت المصادر بـ»تغريدات» ثلاث لجعجع أشاد فيها بالوزيرة ندى بستاني، كما بالوزيرين منصور بطيش وفادي جريصاتي، متسائلة: «هل تكون «القوات» قد نَسفت العهد إذا سألت أحداً من هؤلاء لماذا لم يتم حتى الساعة تشكيل مجلس إدارة لكهرباء لبنان أو هيئة ناظمة؟» رافضة بشدّة اتهامها بمحاربة العهد ورئيسه تحديداً، موضِحة «انها دعمت العهد في أكثر من محطة ومناسبة، وفي طليعتها قانون الانتخاب.

 

أمّا اذا كان المطلوب التصديق والبَصم على كل ما يريده باسيل فهم مخطئون، وإذا كان المطلوب أيضاً الموافقة على بواخر الكهرباء فهم مخطئون كثيراً، ودعم العهد لا يعني دعم باسيل».

 

عن كلام جعجع «كان لازم يعملها من زمان»، أوضحت «القوات» أنه قالها «بسبب تجاوز سياسة النأي بالنفس وتغطية باسيل لهذا التجاوز، والدليل انّ الحريري لم يعد عن استقالته الّا بعد جلسة استثنائية للحكومة التزمَت فيها التشديد على سياسة النأي بالنفس. فمَن ساهم باستقالة الحريري هو باسيل وسكوته عن تجاوزات «حزب الله» وتغطيته هذه التجاوزات». وأضافت: «مَن يحدد بقاء «القوات» في الحكومة أو لا، هو القوات التي دخلت الحكومة بفِعل حيثيتها الشعبية وليس بمِنّة من أحد. ومعلوم انّ الحكومات في لبنان ما بعد اتفاق الطائف هي حكومات وحدة وطنية، أي مُصغّرة عن الكتل النيابية في مجلس النوب، وبالتالي تراقب الكتل الوزارية والنيابية بعضها البعض، وتعارض حيث يجب ان تعارض وتوالي حيث يجب أن توالي».

 

وعن المسوؤل عن إطاحة اتفاق معراب تقول «القوات»: هو باسيل «لثلاثة أسباب أساسية: الأول، لأنه لا يريد الشراكة، ويعتبر أنّ مهمتها انتهَت مع مساهمتها في إيصال عون رئيساً للجمهورية، وبدأ منذ لحظة انتخاب عون تحضير العدة لمحاصرتها وإحراجها فإخراجها.

 

الثاني، لأنه لا يريد الإقرار بثنائية داخل البيئة المسيحية، بل يسعى الى أحادية تستدعي تطويق «القوات» وعزلها لإضعافها.

 

الثالث، لأن هدفه الاول والاخير خلافة عون رئاسياً، وهذا السبب الذي أدى الى تدهور اوضاع البلاد بشكل مأسوي وغير مسبوق. ومن اجل الوصول الى هذا الهدف يريد إقفال طريق بعبدا امام جعجع كخليفة طبيعي لعون في ظل الثنائية التاريخية بين عون وجعجع، ويرى ألّا تبقى «القوات» معبراً وممراً الى بعبدا، ولذلك وضع كل الخطط اللازمة لتطويقها وعزلها».

 

وأشارت القوات الى «أنّ تكذيب الإفتراءات والتحليلات الإخبارية يكون عادة عبر البيانات الرسمية... في وقت لم يصدر التيّار أي بيان يناقض التحليلات التي وصفها بالأكاذيب»... وختمت: «قبل الخوض في اقتراح تشكيل لجنة طوارىء من بكركي أو عن مشاركتنا إذا دُعينا... جوابنا سيكون في وقته في حال بادرت بكركي أو إذا دعا داع ٍ». وتساءلت في الوقت نفسه «ما الحاجة، في هذا الوقت الذي يتجه فيه البلد نحو انهيار اقتصادي وفي ظل خطورة الوضع الاقليمي، الى اجتماعات من هذا النوع؟ فالأولوية رأيناها وعرفناها في قصر بعبدا.