تقدّم الفريق القانوني في تحالف متحدون بدعوى أمام محكمة التمييز الجزائية سُجِّلت تحت رقم 442 بتاريخ 5 أيلول 2019 ضد رئيس اللجنة الفنية في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي سمير مارون عون، لعلة تشويه الوقائع والمضمون الواضح بالمستندات، وذلك على خلفية قرار الهيئة الاتهامية في بيروت الصادر بتاريخ 14 آب 2019 تحت الرقم 766 في ملف "الشكوى الأم" فيما خص فساد الضمان الاجتماعي والقاضي بعدم قبول هذه الشكوى وعدم سماعها بوجه المستأنف سمير عون لعدم تضمنها أي إذن بالملاحقة يتعلق بها، علماً بأن إذناً بالملاحقة فيها قد صدر عن وزير العمل حينها محمد كبارة بتاريخ 10/10/2019 برقم 894/3 قد ضم إلى الملف!! وكانت النيابة العامة المالية قد تقدمت بتمييز مماثل للقرار المذكور بتاريخ 29 آب 2019.
 
وكانت النيابة العامة المالية قد ادعت على عون بتاريخ 13/12/2018 أمام قاضي التحقيق الأول في بيروت بجرائم تزوير في السجلات الرسمية وتزوير تواقيع المفوضين والوقائع والبيانات عن المؤسسات وأنظمتها الأساسية وشهادات التسجيل واستعمال مزور وتقليد خاتم لإدارة رسمية وتبديل معاملات منها براءات الذمة لتغطية السرقات وتنظيم إيصالات مزورة ودس كتابات غير صحيحة في المستندات الرسمية وإثبات وقائع كاذبة واختلاس أموال عمومية ومنها تلك التي سددت إلى الصندوق لإنجاز براءات ذمة والرشوة وهدر أموال عامة والاستيلاء احتيالاً على أموال الغير وابتزاز المؤسسات والشركات والمصارف للحصول على المال وإساءة الأمانة وصرف النفوذ وتشديد عزيمة المرتكبين وتغطيتهم في أعمالهم ومنع اكتشاف أمرهم، وإن كل هذه الجرائم المدعى بها مستندة إلى كافة المستندات المطلوبة وذات الصلة.
 
يشدد محامو متحدون على أنه بالعدل وحده تُبنى الأوطان وتَرقى، والعدل لا يميّز بين مواطن وآخر بالنظر إلى من يدعمه في السياسة أو غيرها، فكيف إذا كان هذا الدعم يهدف إلى الاستيلاء على المال العام دون وجه حق؟! وأين المصداقية فيما سمعناه عن "غرفة عمليات قضائية" إن لم توقف الهدر والاختلاس على حساب خزينة الدولة، وبالأخص ما يتعلق منها بأبرز القضايا التي تهم اللبنانيين، أي قضية الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، هذه المؤسسة التي بنيت بجهد وعرق العمال وتضحياتهم ولا يجوز السماح ببقائها غابة من الفساد مشرّعة أمام السماسرة والنافذين والمرتشين، يتمادون بتجرّئهم على أموالها والتلاعب بمصير أكثر من مليون ونصف من المستفيدين من تقديماتها، لاسيما ونحن في خضم تدهور فظيع يصيب مؤسسات الدولة ولا من حسيب أو رقيب!!
 
وكـ "محامون متحدون ضد الفساد" فإن الحسرة تصيبنا عندما نرى أن من ملفات الفساد ما فُتِح وعُلِّق أو يراوح مكانه ليس لشيء إلا الضغط على القضاء من قبل متنفّذي السياسة حماية لـ "المدعومين" وإزهاقاً للحق وللعدالة. وكأن القضاء، ومن خلفه الضابطة العدلية وما يرفدها من قوى أمنية وعسكرية، قد أريد له حماية "المدعومين" في نظام قائم على المحاصصة الطائفية والحزبية بدل إحقاق الحق وإنفاذ العدل بين المواطنين، بحيث لا يكفينا الغياب الفعلي والمتمادي لـ "المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء" لنصطدم بالحصانات المفروضة قانوناً لصالح أزلام أولئك من كبار "المدعومين" من الموظفين، لا بل وأكثر من ذلك، كما في الحالة الحاضرة، نجد أن إعمال سياسة تحييد كبار الفاسدين من قبل بعض القضاء، للأسف، قد بات القاعدة وليس الاستثناء!
 
فأي عدل هذا الذي ينطلق من قناعات بعض القضاء المبنية على أن أولئك "المدعومين" منزهون عن المحاسبة وأن القانون لا يعنيهم، بحيث يصبح جلّ دأب القاضي هو التفتيش عن أي تفصيل في ملف الدعوى لتحييد أو تبرئة الجاني (المدعوم) ثم إلباس هذا التفصيل وصفاً "قانونياً" لا يلامس أساساً مرتبة حسن تطبيق القانون وبالتالي تكون النتيجة بتر العدالة وطمس الحق!! وهذا ما نحن بصدده، بكل أسف وأسى، من تشويه مرجع قضائي استئنافي للوقائع أو للمضمون الواضح للمستندات المبرزة في ملف دعوى بهذه الأهمية!!
 
يبقى الأمل بما تبقى من "قضاة أحرار" لقيامة بلد متهاوٍ إلى الحضيض، بعد أن أرهقت كاهلنا متابعات ومراجعات وجلسات محاكمة واحدة تلو أخرى لتكاد تنتهي إلى لا جدوى، وبعد أن نالت منا الصدمة لرؤية العدالة تتهاوى في أدراج قصور العدل المنهكة، حيث غادر العدل قاعات المحاكم فلم يبقَ فيها أساس للملك، وحلت الخيبة مكان المكافأة لتعب وكد حقيقيين في سبيل الحق والعدل!