وفيما يتجاوز لبنان القطوع العسكري والأمني، تبقى الأنظار متجهةً إلى التطورات السياسية والاقتصادية، بدءاً من الاجتماع الاقتصادي في بعبدا، مروراً بتداعيات العقوبات الاميركية على مصرف جمّال ترست بنك، وما يمكن أن يلحقها من ضغوط ،وصولاً الى متابعة ناظر سيدر .
 
هل أصبح بالإمكان الحديث عن تجاوز لبنان لقطوع التوترات في الجنوب، من الواضح أن الاستقرار وعدم التصعيد، والاستمرار في التوتر، هو مطلب لبناني ودولي. وهذا ما تلاقت عليه مساعي دولية عديدة منذ اعتداء الضاحية واستمر إلى ما بعد عملية الرد التي نفّذها حزب الله. إذ أن الرئيس سعد الحريري قد باشر باتصالاتٍ مباشرة مع مختلف القوى الدولية، وعلى رأسها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، ومستشار الرئيس الفرنسي، ووزير الخارجية المصري سامح شكري. وبحسب ما تكشفه معلومات فإن الدول الثلاث عملت بشكل سريع على لجم التصعيد، ومنع الأمور من التفاقم. 
 
البلد في عنق الزجاجة، وأهل السلطة السياسية كلما اجتمعوا ذهبوا إلى الإمعان باتخاذ القرارات التي تستهدف لقمة الناس، ولم يعر أحد الانتباه إلى مغزى المظاهرة الشبابية أمام السفارة الكندية طلباً للهجرة، في وقت لا يزال الإنقاذ متاحاً وألف باء المدخل إليه استعادة القرار السياسي ووقف خطف البلد، أما تسليم قرار البلد وتحميل الفئات الأضعف ثمن المحاصصة والفساد فهذا قد يعجل الحريق الذي لن ينجو منه أحد!. 
 
في أي حال حصل الردّ قبل يومين وكان حلفاء الحزب ومعارضوه أو أعداؤه من الدول الكبرى ينتظرونه، ويتمّنون حصوله في سرعة لأن اتصالاتهم بالأطراف المعنيّين كلّهم أوحت أن الرد سيكون محدوداً وكذلك الردّ عليه لأن الحزب وإسرائيل لا يريدان الحرب. والردّان حصلا. لكن التساؤلات كثيرة إذا كانت النهاية. نعم. و ذلك نهاية الجولة الحاليّة. لكن السؤال ماذا عن الجولة المقبلة أو الجولات؟ القراءة الاسرائيلية تغيرت. لجهة اعتبارها  إيران النوويّة خطراً وجوديّاً، بحيث اصبح الخطر الان هو مشروعها الصاروخي الباليستي وتطوّر صواريخها من حيث الدقّة. واليات مواجهة الخطر الجديد هذا . ماذا يعني ذلك ؟
 
 
هذا يعني انه تم زج لبنان في المواجهة المفتوحة بين أميركا وإيران، وا لتساهل بقبول خرق القرار الدولي 1701 وتعريضه للانهيار أمر مقلق، لأنه فقط في ظلِّه نعم الجنوب بالاستقرار، وبعد الحديث بأن بيروت واحدة من العواصم الأربع التي تهيمن عليها طهران، تم تثبيت لبنان ساحة مفتوحة متصلة بسوريا والعراق، لكن، هل يمكن القول إنّ المواجهة انتهت فصولاً بعد هذه العمليّة؟ وهل يكتفي حزب الله بما حصل؟ وما صحّة ما حُكي عن أنّ الردّ جاء مدروساً بحيث لا يؤدّي إلى اندلاع حرب، وفقاً لتقديرات الحزب، بالحدّ الأدنى؟ وأين كانت الدولة اللبنانية من كلّ ما حصل؟!. إلا أن إثارةملف الصواريخ الدقيقة إسرائيليا، وإعلان حزب الله عبر مصادره أن عملية الأحد في افيميم هي رد على استهداف عنصرين له في الغارة الإسرائيلية على سوريا، وأن ما جرى في الضاحية الجنوبية من استهداف إسرائيلي، لم يتحقق الرد عليه بعد،هذا يعني أن الحساب سيبقى مفتوحا بين الطرفين، وثمة توقعات دبلوماسية في بيروت، بأن مرحلة ما بعد الانتخابات الإسرائيلية هذا الشهر ستشهد تطورات ساخنة مع لبنان، في وقت يبدو أن ملف النفوذ الإيراني بات على سلم أولويات إسرائيل من العراق إلى سوريا ولبنان، وهو مرشح لأن يحتل موقعا متقدما وأن يشكل عنصر ضغط على لبنان. وفيما يتجاوز لبنان القطوع العسكري والأمني، تبقى الأنظار متجهةً إلى التطورات السياسية والاقتصادية، بدءاً من الاجتماع الاقتصادي في بعبدا، مروراً بتداعيات العقوبات الاميركية على مصرف جمّال ترست بنك، وما يمكن أن يلحقها من ضغوط ،وصولاً الى متابعة ناظر سيدر .