ايناس كريمة

شكّل خطاب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مساء أمس في ذكرى "شهداء القوات" تأسيساً لمرحلة جديدة على صعيد التحالفات والعلاقات مع القوى السياسية ولا سيما مع "التيار الوطني الحر"، حيث غابت المُسالمة وبلغ التصعيد ذروته، الأمر الذي حرص جعجع مدّة طويلة على ضبطه، الا ان التطورات الأخيرة في المشهد السياسي اللبناني بدت كافية لاستنفار مواقفه وإعلانها بمطلق الصراحة! 

ووفق مصادر مطّلعة، فإن خطاب جعجع بدا بمجمله نقطة على سطر "اتفاق معراب" من جانبه، وذلك بعدما كان "التيار الوطني الحر" قد ألمح الى ذلك في اكثر من مناسبة على لسان رئيسه الوزير جبران باسيل، في حين بقيت "القوات" آنذاك متمسكة بالتفاهم، أقلّه على المستوى الاعلامي، رغم كل التباينات السياسية وكثرة الاستفزازات على صعيد أداء الحكومة. 


وبحسب المصادر فإن جعجع قد استنفد كلّ صبره على الكيدية التي يمارسها "التيار الوطني الحر" لا سيّما بعد ملفّ تعيينات المجلس الدستوري، وبدأ مرحلة جديدة لعودة الخلاف القواتي - العوني، الأمر الذي برز من خلال المصطلحات النارية التي استخدمها في خطابه، والتي وصفتها المصادر بـ "رد الفعل الشجاع" على ما قام به رئيس الحكومة سعد الحريري بالتنسيق مع الوزير جبران باسيل، حيث أنّ جعجع يأخذ على الحريري تراجعه عن التزامه دعم العضو الماروني الثاني في المجلس الدستوري معتبرا أنه اتخذ قرار الاصطفاف الى جانب باسيل، الأمر الذي أثار حفيظة "القوات" التي يبدو أنها حسمت أمرها بالمواجهة السياسية مع قُطبي التسوية الرئاسية والتي افتتحتها شكلياً بالهجوم على "الوطني الحر". 


من جهة أخرى، لفتت المصادر الى ان "القوات" ستتجه في الايام المقبلة نحو التصعيد السياسي على المستوى الاعلامي والحكومي، ولن تقبل بعد اليوم مواصلة "المسايرة" وتدوير الزوايا مع الأفرقاء لأنها، وبحسب المصادر، لن تسكت عن محاولات تحجيمها وإقصائها بشكل نهائي في سائر التعيينات معتبرة أنّ محاصرتها سياسياً هي عملية مشتركة بين خصمها المسيحي الوزير جبران باسيل وحليفها الاستراتيجي الرئيس سعد الحريري. 


وتابعت المصادر أنّ استحضار جعجع للملفات المتعلقة بالفساد والإصرار على الإصلاح في الدولة ومواجهة وزراء القوات للارتكابات الحاصلة في الحكومة هي تمهيد غير مباشر للتصويب بشكل أوضح في المرحلة المقبلة على مهادنة الرئيس الحريري لحلفائه المستجدّين. 


وبالرغم من ان الاضواء اتجهت أمس نحو العملية العسكرية التي قام بها "حزب الله" في الجنوب، الا أن خطاب جعجع كان موقفاً مفصلياً في الديناميكية السياسية اللبنانية وسيصبح الحديث في الأيام اللاحقة عن أن ما بعد خطاب جعجع ليس كما قبله!