إنَّ بإمكان أيَّ شيعيٍّ خارج ما يسمَّى "الثنائي الشيعي" المراقب لكلام الرئيس نبيه بري في ذكرى (41 سنة) لتغييب الإمام الصدر ورفيقه، كانت باختصار إعادة مشروع الإمام الصدر حول لبنان الواحد، أرضاً وشعباً وجيشاً ومقاومةً تحت وفاقٍ سياسي لبناني، بالإضافة إلى موقفٍ عربي موحد يشكِّل ضغطاً سياسياً على القوى العالمية التي تتمكن من الضغط على العدو الإسرائيلي للعرب والمسلمين في المنطقة، والواجب على لبنان أن يقف في وجه هذا العدو  حتى نتمكن أن ننفتح اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً وديبلوماسياً على العالم العربي، كل العالم العربي، حتى لا يبقى الجنوب وحده يتحمل هذا الواجب وخصوصاً عبء القضية الفلسطينية عن كل لبنان، وكان اللافت في كلام الرئيس بري من أن القضية الفلسطينية هي أمانتنا، فلتكن قضية سياسية، وبالتالي تكون أمانتنا حولها هي أمانة سياسية، وأيضاً حول علاقتنا مع العرب فهم أشقاؤنا وعزتهم هي عزتنا، وهزيمتهم هزيمتنا، نصاب بما يصابون، وعليهم أن يقدروا المواقف حق قدرها، أمام هذه القضية المشتركة التي ما زالت تتفاعل في كل أوطاننا العربية، ويمضي في تثبيت لبنان الواحد حول خطر الطائفية، لأنها ليست مبدأ مشكوراً في الأديان، لأنَّ الأديان لا تدعو إلى السلبية، والطائفية في لبنان هي عقدة العقد، لأنها تشكل سلبية في لبنان، وإذا ما حوَّلنا الوطن إلى أحزاب، وكل حزبٍ يتعصَّب لأفكاره، فالتعصب يؤدي إلى السلبية والشك، ولا فرق عندئذ بين الطوائف والأحزاب التي تكِّن نفس الروح، ولكي لا نعيش الفئوية التي تتحوَّل في كل يوم إلى صراع طبقي، بعد أن ظهرت من قبل صراعاً حزبياً وصراعاً طائفياً، فالدولة في مفهوم موسى الصدر، يجب أن تكون سماوية، لا دولة دينية، فإذا كانت الدولة تمثل مصالح الأقلية، فهذا ظلم للأكثرية، وإذا كانت الدولة تمثل الأكثرية فما هي مصائر الأقلية.؟ فالدولة يجب ألا تمثل مصالح الأكثرية أو الأقلية، بل يجب أن تترفع، أي تقترب إلى السماء، أي تكون بعيدة عن الحزب والطائفة والفئة.. وإلاَّ إذا لم نشعر بحقيقة المواطنية الصادقة في هذه الدولة، فيكون الوطن غريباً عنا، ونحن غرباء في وطننا، وهذا هو الخطر الذي يبقي الباب مفتوحاً في كل الإتجاهات للإستعمار والإستحمار ولأعدائنا، فهذه العقلية التي تأخذ من الدين مركباً تمتطيه من أجل مصالحها، علينا أن نتطور عقلياً، وتطورنا العقلي، دولة وشعباً، هو الحس بالروح الوطنية، وعلينا أن نمارس هذا، فالتفكير إذا لم يقترن بالممارسة يتحول إلى نقص، ويجب أن نشعر بثقل المسؤولية... وفقك الله دولة الرئيس، وكشف الله مصير إمامنا ومصير رفيقيه، لأنَّ قضيتهم ليست قضية قتلٍ أو إختفاءٍ أو إغتيالٍ، بل هي قضية مأساة وقضيةٍ إنسانية ووطنية.