تفقد وزير الثقافة الدكتور محمد داود داود ظهر اليوم المواقع الأثرية المكتشفة، والآثار القديمة في موقع سد بسري، يرافقه المدير العام للآثار المهندس سركيس خوري، ومدير موقع سد بسري لدى مجلس الإنماء والإعمار ايلي موصللي ومسؤولون ومهندسون.


وكانت محطة داود الأولى في موقع كنيسة مار موسى الواقعة عند الطرف الشمالي من موقع سد بسري، حيث اطلع بالقرب من الكنيسة على موقع لدير أثري يعود للحقبات التاريخية التي مرت على البلاد، وهو عبارة عن ثلاثة أقبية مبنية من الحجر الصخري (العقد)، في حضور مختار بلدة خربة بسري وبعض من الاهالي.

 

وأبدى داود إعجابا كبيرا بالمنطقة وأهميتها وموقع الطبيعي والتاريخي، حيث استمع من موصللي الى تفاصيل بناء السد ومساحته وعمقه وأهميته، حيث سيختزن سنويا 120 مليون متر مكعب من المياه، كونه سيغذي منطقة بيروت الكبرى بالمياه، والتي تقدر سنويا بحوالي 90 مليون متر مكعب من المياه.

 

كما قدمت مسؤولة الآثار في الشوف وصيدا ميريام زيادة شرحا للوزير داود عن المواقع الأثرية والمكتشفات التي تمت في المواقع.

داود
وصرح داود في ختام زيارته الأولى لأحد المواقع: "هذه الزيارة اليوم تأتي في اطار الزيارات التي نقوم بها للمواقع التابعة للمديرية العامة للاثار في وزارة الثقافة، وهذا جزء من عملنا، طبعا أثيرت بعض الضجة حول موضوع سد بسري، وموضوع الاثار التي تكتشف ضمن السد".


وأضاف: "أتوجه الى الحريصين على الآثار بالقول: نطمئنكم ان الوزارة ممثلة بالمديرية العامة للاثار حريصة وبشكل مضاعف على هذه الاثار، وليكونوا اكيدين اننا لن نفرط بأي جزء او مكون لهذه الاثار لاننا نؤمن بأهميتها في بلادنا، وكم هي قيمة تاريخية".

 

وتابع: "جئنا ايضا لنتأكد من سير العمل للفرق المتخصصة التابعة للمديرية العامة للاثار، هناك خطط موجودة للحفاظ على هذه الاثار، فهناك اثار ستنقل ضمن خطة للحفاظ عليها". وأكد ان "الحفريات مستمرة والمديرية ستتصرف انطلاقا من حرصها على المحافظة على هذه الاثار"، مشددا على ان "الوزارة موجودة بشكل دائم لنتأكد من حسن سير العمل في سبيل المحافظة على هذه الاثار، وكل ما يقال غير ذلك غير صحيح".

 

وقال: "نحن نستعين بخبراء، اضافة الى اللبنانيين، الى خبراء من الاونيسكو، وبالتالي نحن نطمئن الناس وخاصة اهالي بسري وكل من يهتم بالاثار، اننا حريصون ايضا، واكثر منكم، على هذه الاثار، وسنتعاون جميعا للحفاظ على هذه المواقع".

 

وختم: "ما زلنا في مرحلة الحفر، وكل الكلام الذي صدر لا يستند الى وقائع، ولا زلنا في مرحلة تشخيص، لذلك لا داعي لكل هذه الهمروجة التي تحصل، فالدولة اللبنانية حريصة كثيرا وستعالج كل الامور، ونحن لسنا اول دولة تجد اثار فالامثلة كثيرة وكلها حوفظ عليها، لذلك يجب ان نكون عمليين ولا نأخذ الامور الى اماكن اخرى".

 

المحطة الثانية
بعدها انتقل داود والوفد المرافق الى الطرف الشرقي من موقع سد بسري لجهة منطقة الوادي التي تفصل بين منطقة جزين والشوف الأعلى، حيث تفقد الآثار الموجودة في تلك المنطقة، والتني هي مخلفات من معبد قد يكون روماني انشئ على ضفاف نهر بسري، ومازالت الأعمدة الرخامية للمعبد شاهدة على ذلك، كما تفقد داود الجسر التاريخي والأثري الواقع فوق مجرى نهر بسري في تلك المنطقة، والذي يعود للحقبة العثمانية.

 

وبعدما استمع داود الى شرح مفصل من موصللي عن مشروع جر مياه بسري الى بيروت وضواحيها، ومن زيادة عن تاريخ المعبد الأثري في المنطقة، قال: "أولا انطلق من الفكرة الأساسية وهي أن وزارة الثقافة والمديرية العامة للآثار حريصة كل الحرص على المحافظة على الآثار أينما وجدت على كل الأراضي اللبنانية تحت المياه اوفوقها، فهذا واجبنا ولن نتهاون به.

 

وثانيا ان الدولة اللبنانية بحد ذاتها مجتمعة لديها حرص على الآثار لأنها تعرف قيمتها سواء الحكومة أو مجلس الإنماء والأعمار، وكل الجهات المولجة والمختصة لديها حرص على هذا الموضوع ولن تتهاون به ابدا باي شكل من الاشكال، والجميع لديهم من الحرص ما يكفي ونحن سنبذل جهدنا لتكون هذه المواقع الأثرية التي يتم اكتشافها محط اهتمام".

 

وأضاف: "اما بالنسبة الى موقع سد بسري بشكل خاص، فهناك اكتشافات أثرية والناس مهتمون بالموضوع، وهذا أمر عظيم نقدره ونحترمه ونشجع عليه، لأن ما يهمنا هو أن يكون لدى الناس الوعي والمبادرة للاهتمام بإرثها الثقافي والمحافظة عليه، وهذا أمر مهم، وأقول لهم في الوقت نفسه إننا كوزارة وكمسؤولين نعتبر هذا الملف أولوية بالنسبة الينا، نتابعه بأدق تفاصيله، ولكن هناك بعض المغالطات التي تصدر بين الحين والآخر حول بعض الامور، ولكننا لن ننجر وراء هذه المغالطات".

 

وتابع: "لكي نكون واضحين، هناك مشروع حيوي للوطن، وهو مشروع سد بسري وأهميته الوطنية واضحة جدا لا تخفى على احد، وفي نفس الوقت لدينا الآثار المكتشفة، لذا أقول أن المشروعان هما مصلحة وطنية، فالحفاظ على الآثار مصلحة وطنية وبناء السد مصلحة وطنية ايضا. فنحن نقيم السد لأنه حاجة وليس من الكماليات، لذلك له أهمية وطنية والحفاظ على الآثار ايضا، من هنا فإن دورنا أن نوفق ما بين هاتين المصلحتين ضمن الضوابط والأطر التي يحددها الاخصائيون من الطرفين، فنحن في المديرية العامة للآثار وفي وزارة الثقافة لدينا أخصائيون على درجة عالية من الكفاءة يستلمون هذا الملف ويتعاملون معه كما يجب، والحفريات التي تجري هي بغاية الدقة وتعمل وفق الأصول مثل اي مكان في العالم، ولدينا ايضا خبراء محليين ونستعين ايضا بخبراء أجانب ومن اليونيسكو ايضا لنتأكد من أن هذه الآثار يتم المحافظة عليها دون أي ضرر يطالها".

 

وقال: "الخبرات التقنية موجودة لكنها تكشف تباعا بحسب ما يظهر، فنحن في الوقت الحاضر ليس لدينا تصور كامل وشامل عن كل الآثار في هذه المنطقة، ولكن بحسب ما يظهر معنا تباعا نحن لدينا خيارات تقنية، مثلا أشياء يتم نقلها وأخرى تطمر وأخرى تغمر بالمياه، وأخرى تفكك ومن ثم يعاد تركيبها، اذا هذه امور تقنية موجودة في علم الآثار وتطبق في كل أنحاء العالم وتحافظ على الآثار".

 

وختم: "لدينا حرص كاف للمحافظة على هذه المواقع الأثرية الموجودة، ونحن سنتابع وسنكون دائما، كما يمليه علينا واجبنا، خط دفاع عن هذه الآثار والمكتشفات، مع الأخذ بعين الاعتبار دائما الحرص على المصلحة الوطنية العامة، وهذا الموضوع يجب أن يعالج بالتفاهم والروية وضمن الأطر والضوابط القانونية المطلوبة".

 

وعن أهمية وجود الآثار في بسري قال: "لبنان بلد غني بالآثار وهذه نعمة،لأن هناك حضارت كثيرة تعاقبت على لبنان منذ حضارات ما قبل التاريخ وصولا ال الحضارات الحديثة نسبيا حتى الحقبة العثمانية، لدينا غنى بالآثار وهذا يدل على عراقة وحضارة وثقافة في لبنان، لذلك لن نتهاون بهذا الأمور لأنها جزء من تاريخنا ولن نفرط به".