ترحيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني لا يعدو كونه استعراضا لا يعول عليه في ظل بقاء الشروط الأميركية أساسا لأية مفاوضات بين الطرفين.
 

يركز الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على الاتفاق النووي فيما صار ذلك الاتفاق بالنسبة للولايات المتحدة جزءا من الماضي.

 

حقيقة الانسحاب الأميركي من ذلك الاتفاق تؤكدها العقوبات الاقتصادية المفروضة على إيران والتي حاول الأوروبيون القفز عليها وفشلوا.

 

أما ترحيب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بلقاء الرئيس الإيراني حسن روحاني فإنه لا يعدو كونه استعراضا لا يعول عليه في ظل بقاء الشروط الأميركية أساسا لأية مفاوضات بين الطرفين. وليست هناك إمكانية لعقد تلك المفاوضات في ظل تلك الشروط.

 

ما تفكر فيه فرنسا من خلال رئيسها شيء، وما يعرضه الأميركان على الإيرانيين شيء آخر.

 

فلا عودة إلى الاتفاق النووي الذي وقعت عليه الولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما. ذلك مؤكد غير أن تلك المسألة لا تمثل المشكلة كلها.

 

هناك سلة من المشكلات التي يعتقد الأميركان أنها تفرعت عن مشكلة الاتفاق النووي بسبب قصر النظر في التعامل مع إيران، كونها قوة توسعية تقوم سياستها على استدراج منطقة الشرق الأوسط إلى الفوضى.

 

تلك حقيقة يخشى الإيرانيون أن يواجهوها. لذلك يجد الرئيس الإيراني روحاني أن لقاءه بالرئيس الأميركي لن يكون ذا نفع لبلاده.

 

الولايات المتحدة لا تقف وحدها في مواجهة السياسة التوسعية الإيرانية القائمة على تمويل الميليشيات الشيعية المسلحة التي صارت جزءا من الواقع السياسي القائم في اليمن والعراق ولبنان. وهي دول كُتب عليها أن تفقد قدرتها على أن تُسيّر نفسها بنفسها بعد أن تم ربطها بالحرس الثوري الإيراني، ومن خلاله بالولي الفقيه.

 

من المؤكد أن السعودية ومعها دول الخليج ومصر من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى، تقف مع الولايات المتحدة في موقفها المتشدد ضد السياسة الإيرانية.

 

ولكن ينبغي عدم النظر إلى ذلك الاتفاق في الموقف بين الدول العربية وإسرائيل على أنه نوع من المؤامرة. ذلك كلام ينتمي إلى عالم غطت فيه الشعارات الكاذبة والمحتالة على الحقيقة.

 

لا ترغب الدولة العبرية في أن تكون إيران جارة لها. ذلك أمر مؤكد. لكن العرب مجبرون بسبب الجغرافيا على أن تكون إيران جارتهم.

 

وإذا ما عدنا إلى الشعارات الإيرانية المعادية لإسرائيل فإنها تنص على أن الحرب على إسرائيل لن تبدأ إلا بعد ابتلاع الجزء الشرقي من العالم العربي. علينا أن نتذكر أن طريق القدس يمر بكربلاء حسب الرواية الإيرانية.

إسرائيل تفكر في خطر مستقبلي، أما العرب فإن حاضرهم هو المهدد.

 

وإذا ما كانت الولايات المتحدة تأخذ في عين الاعتبار مخاوف إسرائيل والدول العربية من الخطر الإيراني، فإنها ترى أيضا ضرورة في أن لا تقع معادلات الشرق الأوسط في قبضة إرهابيين حكموا على الحياة في إيران بالعدم وقرروا أن ينشروا تلك التجربة في أنحاء الشرق الأوسط.

لذلك يمكن القول إن ماكرون يسخر من نفسه حين يبدو بريئا وهو يعالج مشكلة إيران من جهة كونها اختلافا على الملف النووي. الرئيس الأميركي هو الآخر عرف كيف يداعب إيران المذعورة برغبته في لقاء الرئيس الإيراني.

 

وإذا ما كان الرئيس روحاني لم ينخرط في المشهد المسلي فلأنه يدرك أن الكارثة التي تعصف ببلاده بسبب العقوبات لا يمكن أن تنتهي إلا من خلال قرار لا يملك القدرة على اتخاذه.

 

لا يرغب روحاني في لقاء ترامب لأنه لا يريد أن يستعرض ضعفه ويبدو على حقيقته باعتباره دمية. لا يملك روحاني أن يقول شيئا في ما يتعلق بالشؤون التي هي من اختصاص المرشد الأعلى والحرس الثوري. ذلك ما يعرفه ترامب وما ترى فيه الإدارة الأميركية مناسبة للتشهير بإيران.

 

بالنسبة للإيرانيين فإنهم سينتظرون مناسبة أفضل لعقد قمة بين رئيسهم ورئيس الدولة التي يعتبرونها الشيطان الأكبر.

 

ولكن انتظارهم سيطول. ذلك لأن أحدا من الأوروبيين لا يفكر في إقناع الولايات المتحدة بالتخلي عن شروطها.