في ظل حالة التوتر جنوباً، ينتظر لبنان ملفات دسمة عديدة، أولها الملف الاقتصادي إذ دعا رئيس الجمهورية، ميشال عون، إلى اجتماع شامل يوم الإثنين المقبل في قصر بيت الدين ستحضره مختلف الشخصيات السياسية، وذلك للبحث في كيفية الخروج من الأزمة.
 
تسارعت التطورات عشية عطلة الأسبوع، التي تمتد من يوم غد السبت إلى الثلاثاء المقبل، لمناسبة عيد رأس السنة الهجرية، لتمعن في خلط الأوراق، ومضاعفة الضغوطات على الواقع اللبناني، في وقت تتجه فيه الأنظار إلى خلوة بيت الدين لمناقشة جملة اقتراحات ذات صلة بالخروج من دوّامة الضغط الاقتصادي، بعد ترتيبات تكاد تبعد المخاطر الأمنية أو أي اشتباك عسكري محتمل، تكون فيه إسرائيل طرفاً على الساحة اللبنانية . بينما تُستكمل الاتصالات السياسية والديبلوماسية لمعالجة تحفظ لبنان بحق الدفاع عن نفسه، بالإضافة إلى الخروج من شبح الحرب، أو التصعيد الذي خيّم في الأيام الماضية، هناك استحقاقات كثيرة تلوح في الأفق، أولّها اقتصادي، وثانيها يتعلق بعلاقات لبنان الإقليمية والدولية.
 
 فبالعودة إلى المساعي الديبلوماسية التي انطلقت لأجل لملمة ذيول حادثة فجر الأحد في الضاحية الجنوبية، وتأكيد الإدانة لهذا الإعتداء الإسرائيلي، فإن لبنان حفظ حقه بالرد، والذي بدأه الجيش بالأمس، وسيستكمله حزب الله قريباً، وفق حديث أمين عام الحزب السيّد حسن نصر الله. عسى أن يتكامل الإجماع اللبناني في إدانة الاعتداءات الإسرائيلية، والخروج بموقفٍ موحدٍ حول ضرورة الرد لحماية لبنان وسيادته ووحدة أراضيه، وأن يستمر هذا الإجماع في مختلف الملفات المصيرية التي تواجه لبنان. 
 
حان الوقت للخروج من دوّامات الصراعات الضيقة والمصلحية إلى الأفق الرحب والواسع في بناء الدولة ومؤسساتها بعيداً عن منطق المزايدات أو المطامع. وخيراً فعل الجيش اللبناني بالأمس في تصدّيه لطائرات استطلاع إسرائيلية خرقت الأجواء اللبنانية، إذ أكّد مجدداً أن لبنان قادر على المواجهة والدفاع عن أهله ووحدة أراضيه، خصوصاً وأن هناك إجماعاً وطنياً ودولياً على اهمية دور الجيش.
 
 
 إن التحديات والصعاب تطل من اكثر من جبهة، فالاقتصاد من جهة هو على حافة الانهيار، والتهديد بالحرب يدق بأعلى قوة دون أن تملك الدولة أية فكرة عما يرسمه حزب الله للأيام المقبلة وكيف سترد ايران على الضغط الامريكي . في موازاة ذلك، ثمة رسائل تحذير عديدة تلقاها لبنان حول وجوب منع التصعيد كي لا تتدهور الأوضاع، ويخسر لبنان كل ما يحضر له من مؤتمرات ومساعدات. وهذا بالتحديد ما أبلغته القائمة بأعمال السفارة الفرنسية بالأمس، والتي شدّدت على الحفاظ على الهدوء.
 
 وفي هذا السياق علّقت الصحف الأميركية والإسرائيلية على التوترات الأخيرة في المنطقة، لا سيما حادثة الطائرتين المسيرتين في الضاحية الجنوبية لبيروت، ونبّهت من مخاطر اندلاع جولة جديدة من الحرب. ولفتوا فيه إلى أنّ الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط زادت حدّة التوتر والتهديدات بالانتقام وسط مخاوف من اندلاع صراع أكبر. الأمر الذي رآه البعض أنّه تصعيد إسرائيلي لاحتواء توسع النفوذ الإيراني في المنطقة، مما قد يعرض استمرار وجود القوات الأميركية في العراق للخطر، ودفع لبنان إلى حرب جديدة. وفي ظل حالة التوتر جنوباً، ينتظر لبنان ملفات دسمة عديدة، أولها الملف الاقتصادي. إذ دعا رئيس الجمهورية، ميشال عون، إلى اجتماع شامل يوم الإثنين المقبل في قصر بيت الدين ستحضره مختلف الشخصيات السياسية، وذلك للبحث في كيفية الخروج من الأزمة، وتُجمع مختلف القوى السياسية على الحاجة الماسة لوقوف المجتمع الدولي إلى جانب الدولة اللبنانية للخروج من مأزقها.
 
هذا الامر سيدفع ببعض الدول إلى إرسال تحذيراتٍ عديدة، أو رسائل عتب حول ما ظهر من تكاملٍ بين حزب الله والدولة اللبنانية بحسب ما تكشفه مصادر غربية. هذا الأمر ستضعه الدول الغربية على الطاولة للمفاوضة عليه تحت عنوان:" إذا ما أراد لبنان الحصول على المساعدات عليه الإلتزام بمجموعة نقاط. أولاً تغليب عمل الدولة اللبنانية في القرارات الأساسية والحفاظ على السيادة، وهذا سيرتبط بالملف الأساسي الذي تهتم فيه كل الدول، وهو ترسيم الحدود والتنقيب عن النفط، خاصةً وأن المفاوضات ستتجدد في منتصف الشهر المقبل. وطبعاً ستكون مرتبطةً بسياق التطورات في المنطقة.