في غياب سنيِّك، من سنين إختفائك، ستبقى تطلُّ علينا بعباءتك وقسمك ولكنتك القريبة من كل قلبٍ لبناني
 

موسى الصدر، أيها السيد الإمام، والعالم الذي تنفَّس من رئة القرآن وقلب محمد (ص)، والعقل الذي توغَّل في بحر علي (ع)، والقلم الذي غرف من محابر أئمته العظماء (ع)، والآخذ بأوراق التاريخ الحاضر منه والمنسي، ليعيد لنا ضوء الصبح الطالع من سِوَر عينيه وآياته الكبرى، لأنَّ تاريخنا قلَّ فيه الضوء، وكثرت فيه الظلمة والظلمات، ليس غريباً على موسى الصدر الذي عشق وطنه وإنسانه، وأقسم بأنه لا يهدأ حتى يحفظ كرامة كل محرومٍ في أرضه وبلده، أيها السيد الإمام يا تاريخاً مفتوحاً على كل التاريخ، ويا بسمةً الماء والأرض، وكنيسة الوطن ومأذنة المسجد والجامع، ويا محراب الأحرار ومحاريث الفقراء والأفئدة، ويا كعبة الجنوب وسبيل المحرومين والمتوضأين، ويا مكة الوطن وبئر البحر والنهر والماء القراح.. أربعون عاماً وأكثر، وأنت يا سيدي الحقيقة التي ما زلنا ننتفع منها، وينتفع كل الوطن بوجودها لأنها لن تمت، لأنك شريف النسب والنفس، لا تداهن، لا تجامل، لا تأكل جهد الآخرين، وتعب الفلاحين والفقراء والمحرومين، ولن تعيش بعمتك وجبتك ولا تترك للعقيدة الدينية في الوطن مجالاً للعبث بجوهرها وبجوهر حقيقتها، أيها الجليل التقي نعرفك لا تكتم الحسنة إذا رأيتها في المجتمع اللبناني، وأيها السيد الذي لا يشمت بالسيئة إذا عثر عليها، لأنَّ الإنسان أخو الإنسان.

إقرأ أيضًا:" إخترقنا مفتي إيروتيكي....! "

أيها السيد الأمين الذي لا يتلوَّن ولا يحنث بعهده ويمينه، ولا ينكث بوعد ولا يُزِّين عمامته بزخرف الألوان، ليزخرفها في أعين الناس ويجمِّلها لهم، تعلمنا منك موسى الصدر أنَّ الكذب لا يبني بيتاً ولا وطناً، وأن التدليس ليس شرطاً من شروط الربح في الدين والسياسة، أيها الصدر يا واسع الصدر ويا صدرنا وتاجنا وإمامنا، ويا رقعة الحلم في هذا البلد، على كل الذين نطقوا ولم يسكتوا عن وأدك ووأد حركة المحرومين، ولبسوا ثوب الشتم، وكمنوا وراء أكمة الدين والعمامة، ليرجموك وليرموك بأحجار سمومهم، ليشوِّهوا وجه تاريخنا وتاريخك، وحاولوا أن يلموا آثار الهزيمة ، لكنهم حوَّلوا كل شيء إلى تجارةٍ تكسبهم ثروات لم تشهدها قوافل الحجيج ولا تجارة توابل قريش.

يا صدرنا، ستبقى صدرنا وصدر كل شيعي وكل لبناني، وترفض رصاص الدم في الوطن، أيها الإمام يا عذوبة النفس وطهارة القلب واللسان، ويا جمال الذوق والدين والعفة، ما زلنا نتظرك إماماً لوطنٍ يستعيد الدور الذي بدأته، واللاءات التي كتبتها على مداخل أبواب الوطنية والعروبة، لا لبقاء محرومٍ في أرضه، لا لدولة المزرعة والمزارع الجديدة، لا لجنوبٍ يبقى متاعاً ودولٍ ضاحكة مستبشرة، في غياب سنيِّك، من سنين إختفائك، ستبقى تطلُّ علينا بعباءتك وقسمك ولكنتك القريبة من كل قلبٍ لبناني،والخاطفون في نعش الشعب سقطوا وأُسقطوا، والحارمون يحترقون في نار الذنوب.... موسى الصدر يا أمل المستضعفين وسلامٌ لعينيك..