يُعتبر السمك من أفضل مصادر البروتينات، والأحماض الدهنية الأساسية الأوميغا 3، ومغذيات أخرى بما فيها الحديد، والكالسيوم، والفوسفور، والبوتاسيوم، والزنك، والماغنيزيوم، واليود، والفيتامينات B وD. لكن لسوء الحظّ، فإنّ غالبية ثمار البحر ملوّثة بمستويات عالية جداً من الزئبق السامّ. فما المطلوب للتمكن من الاستمرار في تناول السمك والإفادة من خصائصه الصحّية والغذائية ولكن بأقلّ أضرار ممكنة؟
 

إستناداً إلى إدارة الغذاء والدواء الأميركية (FDA)، يُنصح بتناول 2 إلى 3 حصص من السمك في الأسبوع لاستمداد فوائد صحّية كثيرة، علماً أنّ حجم الحصة الواحدة يبلغ نحو 4 أونصات أو حجم كف اليد. وفي هذا السياق، أوضحت اختصاصية التغذية، راشيل معوّض، لـ«الجمهورية» أنّ «استهلاك السمك المشويّ يخفض خطر الإصابة بالجلطات، ويحمي القلب، ويدعم وظائف الدماغ والذاكرة، ويتصدّى لضعف النظر، والفضل في كل هذا يرجع تحديداً إلى الأوميغا 3. لذلك تُنصح الحامل بالتركيز على هذه المادة لتقوية مناعة جنينها، ودماغه، وحمايته من الربو مستقبلاً».

مشكلات صحّية جدّية
غير أنّ المشكلة الكُبرى التي تردع العديد من الأشخاص من تناول هذا الطعام، هو احتوائه على نسبة عالية من الزئبق. وعلّقت معوّض قائلةً إنّ «هذا الأخير موجود عادةً في المياه والهواء والتربة، ويأتي بأشكال مختلفة أبرزها الـ»Methylmercury» المُسمِّم جداً للجسم، والذي تبيّن أنه يسبّب مشكلات صحّية جدّية عند تخطّيه مستويات معيّنة. وجدت دراسة نُشرت عام 2012 في «Journal of Preventive Medicine & Public Health» أنّ مستويات الزئبق المرتفعة قد تدمّر الجهاز العصبي المركزي وتشكّل تأثيرات ضارة على الدماغ، وتحديداً انخفاض الانتباه والذاكرة، جنباً إلى ظهور أعراض مثل الارتجاف وضعف البصر. كذلك ربطت دراسة أخرى صدرت عام 2012 في «Journal of Biomedicine and Biotechnology» التعرّض العالي للزئبق بارتفاع احتمال الإصابة بأمراض القلب. وفسّر الباحثون ذلك أنّ الزئبق يستطيع زيادة إنتاج الجذور الحرّة في مقابل خفض مضادات الأكسدة في الجسم، ما يؤدي إلى إجهاد تأكسدي. من دون نسيان ذكر أنّ التسمّم من الزئبق يخفض المهارات الحركية، ويزيد خطر الباركنسون، والألزهايمر، والتوحد، والكآبة، وارتفاع ضغط الدم، والجلطات، والموت المُبكر».

كيف يمكن تفادي كثرة الزئبق؟
كشفت خبيرة التغذية أنه «وبشكل عام، لا بدّ من أخذ حجم السمك في الاعتبار، بحيث إنّ الأنواع الأصغر حجماً تحتوي على زئبق أقلّ مقارنةً بنظيراتها الأكبر. يرجع السبب إلى أنّ السمك الكبير يأكل كمية عالية من السمك الصغير الذي لا يخلو كلّياً من الزئبق، ما يؤدي إلى تراكم هذا الملوّث فيه».
وقدّمت معوّض دليلاً للمساعدة على التمييز بين أبرز أشكال السمك:

الأنواع الأفقر بالمُلوّث
يمكن تناولها 2 إلى 3 مرّات أسبوعياً، وهي تشمل الأنشوجة، والسلور، والرخويات، والسلطعون، وجراد البحر، والمفلطح، والحدوق، والنازلي، والهارينغ، والبوري، والمحار، والفرخ، والبولوك، والسلمون، والسردين، والقريدس، والأسقلوب، والتونة، والسمك الأبيض، وسمك موسى...

... والمعتدلة
يُنصح بالاكتفاء بحصّة واحدة أسبوعياً من القنبر، والجاموس، والشبوط، والهلبوت، والصخر، والنهاش، والقرميدة...

... والأغنى 
يجب تفادي هذه الأنواع تماماً، وتحديداً الماكريل الملك، والمارلين، والسمك الخشن البرتقالي، والقرش، وأبو سيف.

وفي النهاية، شدّدت معوّض على «ضرورة إدخال ثمار البحر باعتدال إلى النظام الغذائي المتوازن بفضل احتوائها على البروتينات الصحّية والأوميغا 3 المضادة للإلتهابات. غير أنّ المطلوب ببساطة اختيارها بحكمة، والتركيز على الأنواع المنخفضة الزئبق، خصوصاً بالنسبة إلى الأطفال والحوامل والمرضّعات».