الثابت أن الحرس الثوري، سيقوم بأي فعل لمنع أي تقارب بين حكومة روحاني وبين الاميركي في هذه اللحظة.
 

لا يمكن مقاربة ما سوف يقدم عليه "حزب الله" بدون القراءة المتأنية للساحة الايرانية وما تقتضيه المصلحة العليا للجمهورية الاسلامية، لأن من بديهيات القول أن الترابط العضوي بين حزب الله من جهة وبين النظام الايراني لم يعد خافيا على أحد، وبات مسلمة معلنة لم تعد تحتاج إلى نقاش.
 

 


فإيران المحاصرة بالعقوبات الاميركية والمتأثرة إقتصاديا إلى درجة الاختاق منقسمة هي الأخرى على نفسها بين وجهتي نظر، واحدة يعبر عنها فريق الرئيس روحاني، والتي تعتبر أن خطة "الصبر الاستراتيجي" لا يمكن الاعتماد عليها بالخصوص بعد مرحلة "تصفير" الصادرات النفطية وما يشكل من رافعة أساسية للاقتصاد الايراني، وأن معاناة الشعب الايراني المتفاقمة قد يصل به الأمر لتهدد أصل بقاء النظام وبالتالي فلا مندوحة أمام النظام إلا البحث الجدي عن مخارج حتى لو اقتصر الأمر جلوس روحاني مع ترامب كما صرح منذ أيام، ولا معنى لانتقاد نواب المعارضة ولغة التخوين التي عبر عنها مسؤول كبير في الحرس الثوري.


 


ومن جهة أخرى، فإن الرؤوس الحامية من قادة الحرس، الذين يعتبرون أن أي تفاوض مع الاميركي تحت ظلال العقوبات هو بمثابة الهزيمة، ويفسر عندهم أن إيران جاءت صاغرة إلى مفاوضات لن تستطيع معها  من تحصيل الحد الأدنى من شروط "العزة" والكرامة وما التفاوض الآن إلا إعلان عن الاستسلام والخضوع للاميركي ليس إلا .

 

فالحرس (ومعه حزب الله) بعقليتهم الراديكالية، والمشبعة عقليتهم بجذور الادلجة وقفوا بوجه المفاوضات الايرانية الامركية حين كانت إيران بأحسن حالاتها، وعبروا عن ذلك بكل أصناف التعابير بدء من الرفض المعلن ووصولا إلى التجارب الصاروخية التي أطلقها الحرس عشية توقيع الاتفاق النووي مع ادارة اوباما .

 

في هذا السياق، عمل المرشد الأعلى السيد علي الخامنئي يومها، على الامساك بالعصا من الوسط، فسمح لحكومة روحاني بالمضي قدما بتوقيع الاتفاق النووي، وبنفس الوقت أعطى الضوء الأخضر للحرس الثوري بالاستمرار بسياسات توسيع النفوذ "تصدير الثورة" والاستفادة من الامكانيات المالية الضخمة التي يدره الاتفاق مع الاميركي وهذا ما حصل.

 

 

إقرأ أيضًا: التهديد في الزمن الخطأ

 


الآن، الوضع مختلف تماما، لأن أي تفاوض جديد، وأي اتفاق جديد، لن يكون إلا من خلال شروط واشنطن ال 12 التي جاءت بورقة بومبيو، وهذا ما أكده بالأمس جون بولتن، وهذا ما لا يمكن للحرس الثوري القبول به بأي شكل من الأشكال، لأنه سوف يعتبر بمثابة رصاصة الرحمة على كامل مشروع الثورة الايرانية وبمثابة الانتحار لنظام ولاية الفقيه .


 
الثابت أن الحرس الثوري، سيقوم بأي فعل لمنع أي تقارب بين حكومة روحاني وبين الاميركي في هذه اللحظة، تماما كما أن اسرائيل نفسها تخشى من أي تقارب قد يكون على حساب دورها بالمنطقة حتى وإن كان هذا الاحتمال مستبعدا بالمنظور القريب.

 
فاذا كانت اسرائيل تسعى لإشعال المنطقة عبر تسخين الجبهة مع حزب الله من خلال غارات سوريا واستهداف الضاحية، لاحراج الادارة الاميركية واستبعاد إمكانية أي تقارب بينهما، يبقى السؤال هنا، هل  يلاقيها الحرس الثوري أيضا ولنفس الهدف بالرد على الهجمات الاسرائيلية، وتسخين الجبهة أيضا بحيث يكون الرد فعلا هو على الرئيس روحاني وليس على الاعتداءات الصهيونية ؟؟؟؟

 

 أعتقد أن هذا الخيار مطروح بقوة بانتظار أن يحسم المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية  القرار بذلك .