يرغب الرئيس الأميركي دونالد ترامب في عقد لقاء مع نظيره الإيراني حسن روحاني على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الشهر القادم، وتعمل الإدارة الأميركية في هدوء وسرية من أجل عقد هذا اللقاء.
 
بهذه الكلمات بدأ نيكولاس هيراس، خبير شؤون الشرق الأوسط بمركز الأمن القومي الأميركي الجديد حواره مع الجزيرة نت بشأن التطورات المتعلقة باحتمال عقد قمة تجمع ترامب وروحاني.
 
وكان الرئيس الإيراني قد جدد طلبه للولايات المتحدة بـ"اتخاذ الخطوة الأولى" من خلال رفع العقوبات عن إيران، وذلك بعدما أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب انفتاحه على فكرة عقد لقاء قمة معه توافقا مع جهود وساطة يقوم بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
 
وكان ترامب قد ذكر في ختام أعمال قمة مجموعة السبع أنه من المتوقع عقد لقاء مع نظيره الإيراني في الأسابيع المقبلة، وأعلن ترامب موافقته على لقاء روحاني "إن كانت الظروف مناسبة".
 
ويعتقد هيراس أن ترامب "يؤمن بأنه إذا التقى نظيره الإيراني وجها لوجه سيتمكن من إقناع الإيرانيين بالعودة للمفاوضات حول برنامجهم النووي وبرنامجهم الصاروخي، إضافة لسلوك إيران الذي يهدد استقرار الشرق الأوسط".
 
في الوقت ذاته، يلقي الخبير في الشؤون الإيرانية بمعهد كوينسي تريتا بارسي، كما جاء في تغريدة له، اللوم على ترامب ويقول إن "الأزمة التي تواجهها واشنطن وطهران منبعها بالأساس مخالفة واشنطن تعهداتها إثر انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي". 
 

لوبي المعارضين
ووصف بن رودس كبير مستشاري الرئيس السابق باراك أوباما سياسة ترامب تجاه إيران بالخطرة وشبهها بقطار يسير على قضبان مكسورة، وهو ما يضر بصورة كبيرة بمصداقية الولايات المتحدة.

وأكد أن سياسة ترامب "امتداد منطقي لوجهة نظر بنيامين نتنياهو والجمهوريين والمراكز البحثية الممولة من الإمارات التي يجمعها العداء للاتفاق النووي. وترامب يفعل فقط ما يملونه عليه".

من ناحيته عدد جيرالد سيب خبير الشؤون الخارجية بصحيفة وول ستريت جورنال ثلاث عقبات أمام عقد أي قمة بين ترامب وروحاني، إلا أنه أيضا ذكر طرقا للتغلب عليها.

أول هذه العقبات يتمثل في طلب طهران رفع العقوبات التي فرضتها واشنطن على طهران منذ انسحابها من الاتفاق النووي. ومن الصعب تصور حدوث ذلك، لكنه يمكن العمل مع الحلفاء الغربيين لتقديم قروض أو تسهيلات مالية ضخمة لطهران للتغلب على آثار تلك العقوبات.

وثاني هذه العقبات يرتبط بالمعارضة الواسعة التي قد يواجهها عقد لقاء قمة بين روحاني وطهران من الدوائر التي وصفها بالمتشددة في منظومة الحكم الإيرانية، خاصة قبل أن تقدم واشنطن ما يُظهر حسن نيتها تجاه طهران، ومن شأن هذه المعارضة أن تضعف موقف روحاني ووزير خارجيته ظريف الراغبين في عقد مثل هذه القمة.

آخر هذه العقبات يتعلق بما أعلنه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو العام الماضي من ضرورة انصياع طهران لـ 12 شرطا قبل الجلوس على مائدة التفاوض.

ومن الصعب أن تلبي طهران هذه الطلبات التي تركز على رفع الدعم الإيراني عن حلفائها الإقليميين مثل جماعة الحوثيين وحزب الله، إضافة لتحجيم برنامجها الصاروخي. ويعتقد سيب أن هذا الطلب قد تتغاضى عنه واشنطن من أجل تحقيق هدف عقد قمة ترامب روحاني.

ويرى بارسي أن التطورات الأخيرة حول عقد لقاء قد يسهل معها فهم التصعيد الإسرائيلي الأخير بقصف أهداف داخل سوريا والعراق ولبنان، "فإذا اختارت طهران الرد، سيقضي ذلك على أي احتمال لعقد قمة بين روحاني وترامب".

رغبة ترامب في اللقاء
يرى الكثير من خبراء الشؤون الأميركية أن الرئيس ترامب لا يستطيع إخفاء رغبته  في عقد قمة مع الرئيس روحاني كتلك التي جمعته بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.

ومن شأن عقد مثل تلك القمة أن يمنح ترامب دعما شعبيا واسعا على خلفية استمراره بالوفاء بوعوده الانتخابية. "لو تم عقد اللقاء، سيتلقى الرئيس ترامب دعما من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي لجهوده في إعادة التفاوض مع إيران".

ويدعم الجمهوريون ترامب بصورة كاملة، في حين يطالب الديمقراطيون ترامب بأن يكون أكثر حنكة في تعامله الدبلوماسي مع الإيرانيين، وفقا للباحث نيكولاس هيراس.

ورغم إدراك فريق ترامب أنه "لا يمكن تصور قبول طهران بالمطالب الأميركية، فإن تصور عقد اللقاء يزداد مع ضغوط فرنسا والأوربيين على إيران من أجل منح الرئيس ترامب ما يريد بعقد لقاء مباشر".

ومع بدء موسم الانتخابات الأميركية الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، يرى هيراس أن ترامب يدرك أن "عقد قمة مع روحاني من شأنه أن يفتح الباب لمفاوضات واسعة بين الأميركيين والإيرانيين، وهو ما سيكون دفعا كبيرا لترامب وللجمهوريين ونحن على أعتاب انتخابات 2020".