اشتقت إليها فنادتني، وعلى أجنحة الشوق حملتني الريح وجهتها، فاستقبلتني حبيباً ضمها واستراح في  حضنها حباً ووفاء وشوقاً لها… إنها تونس الساحرة.
 
وصلت المنستير للمشاركة في المهرجان الدولي للمسرح الجامعي الثامن عشر من 17-23 آب 2018 بدعوة من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ممثلة برئيس المهرجان الأستاذ حمادي السيفي الراقي الذي كان حاضراً ليلاً نهاراً للمساعدة في أي موضوع وحل أي مشكلة مرتبطة بتنظيم المهرجان بحب العطاء.
 
تزامن وصولي مع وصول فرقة ساحل العاج المسرحية ووصلنا ليلاً لنجد بهجة الفرق التي وصلت قبلنا. التقينا بباقي الفرق المسرحية القادمة من أوروبا وافريقية والعالم العربي مما جعل بهجة العالم بسمة عالمية لا تعنى إلا بلون الإنسان الفني الحضاري الذي ارتسم على الوجوه نضارة لا يعرفها إلا من حمل قلب إنسان… فابتسم العالم في ألق مدينة المنستير، زهرة مضيافة بألوان الفرح والبهجة والكرم. 
 
كان الافتتاح سيمفونية جابت شوارع مدينة المنستير بأزياء الدول العشر المشاركة على أنغام الفرقة الموسيقية والألبسة الوطنية المختلفة كما  الدمى العملاقة المزركشة الألوان. ليتم بعد ذلك الافتتاح الرسمي.  
 
توالت بعد ذلك العروض المسرحية التي شاهدتها كلها كوني من أعضاء لجنة التحكيم.وكانت النشاطات الصباحية لا تخلو من ورش العمل واجتماعات الندوة العلمية والنقاشات حول عروض الليلة السابقة. نقاشات بناءة تألق بها رئيس لجنة التحكيم د.حميد صابر علي بواسع معرفته وعمق رؤياه. وأخيراً كان حفل الختام الذي أبهج من تألق بميدالية أو تكريم لنغادر الحفل دون وداع بل على أمل اللقاء ثانية ذات يوم على مسرح الحياة.
 
 كانت الرحلة مثمرة العطاء، متعبة حد الارهاق كون الرطوبة عالية مع طقس صيفي حار. لكن  قلوب الشعب التونسي ومحبتهم التي احتضنتني منذ اللحظة الاولى بالحب والوفاء حتى ظننت بأنني لم     أغادر وطني. عناية الاستاذ حمادي السافي والفريق القائم على التنظيم والتنسيق كانوا في غاية العطاء    والحرص على سعادة الضيوف وراحتهم.
 
وعلى هامش المهرجان كان هناك عدة لقاءات اذاعية اتممتها في اذاعة المنستير مع الاعلاميتين المبدعتين نجوى مهري وفتحية جلاد واخرى لم يسمح بها الوقت. التقيت اصدقاء أوفياء احبهم في الله، الاعلامي والكاتب القدير د.محمد البدوي، الاعلامي د. الأسعد العياري، والاعلامي محمد علي خليفة والصديق الوفي وليد استمبولي. والشعراء فاتن بلحاج وسامي العقاب وفاضل المهري، والأستاذ عبد اللطيف السماري. لا استطيع أن أعبر عن مدى سعادتي بالصديقين الوفيين اللذين جاءا من مسافة بعيد، منير وزهرة تابت. كم وددت أن أرى كثير من الأصدقاء الذين يعيشون في أماكن بعيدة. لم أتصل بهم كي لا أحملهم عناء السفر رغم شوقي لهم.
 
هذه المناسبة المسرحية كانت علامة فارقة في المشاهدة والتحكيم والنضج المسرحي، كما كانت تدعيماً قوياً  لانصهاري الفكري والاجتماعي مع باقة من رواد المسرح، رواد الفكر والكلمة، رواد المحبة والوفاء.
 
تحياتي لكل من التقيته وتعرفت به من شخصيات عرفتها سابقاً وشخصيات جديدة. أخاف من ذكر    الأسماء كي لا انسى أحدا. أخيراً عدت إلى لبنان وبجعبتي ثروة كبيرة من المعرفة والصداقات الغنية وشتلتين من الفل التونسي زرعتهما في داري كي أستشف من عبقهما ذكرى سعيدة.
 
محمد إقبال حرب- لبنان