تصرّف «التيار الوطني الحر»مع «القوات اللبنانية» في التعيينات وفق قاعدة حان وقت الحساب، يبدو حساباً مفتوحاً. وحسبما تقول مصادر «التيار» إن العلاقة مع القوات تخضع لموازين القوى،»فما نستطيع أخذه سنأخذه»، ولـ «القوات اللبنانية» الحق في الاعتراض.
 

تعدّد مصادر «التيار» مآخذ سياسية كبيرة على الدكتور سمير جعجع، وتقول إنّه أخطأ في الحساب، فلم يتصرّف مع العهد كحليف، مع انّ العهد تمسّك بعدم إقصائه، وهو يعرف أنّ الرئيس سعد الحريري كان يريد بعد أزمة الاحتجاز في السعودية أن يستقيل ليقدّم تشكيلة حكومية جديدة خالية من مشاركة «القوات اللبنانية»، وقد قال ذلك للوزير جبران باسيل في باريس، لكن الرئيس ميشال عون رفض ذلك، وقال للحريري إنّ مشاركة «القوات» مستمرة في الحكومة، وانّ الانتخابات النيابية هي التي تحدّد مشاركتها في الحكومة المقبلة.

 

تستغرب مصادر «التيار» في مأخذ آخر، كيف يمكن للدكتور جعجع ان يخرق مبدأ المجالس بالامانات في مقابلته التلفزيونية، وتسأل، هل يجوز له ان يكشف ما يدور بينه وبين رئيس الجمهورية؟ وهل كان مناسباً ان يقول ذلك بطريقة استدراج التهريج الكلامي؟ وتشير الى أنه اصبح هناك شك كبير في أن يستقبل الرئيس عون الدكتور جعجع حتى نهاية العهد، بعد أن تعمّد اعلان مضمون لقاءاته معه. اما بخصوص «تيريز» فتقول المصادر بسخرية: «لم يعد امام الحكيم إلاّ ان يعيّن «تيريز» في الادارة. فالخلاف معه يعطينا المشروعية كي نترجم حضورنا النيابي والوزاري في الادارة، دون الالتفات الى تفاهم، طعنته «القوات اللبنانية» بالتآمر مراراً على العهد».

 

وتضيف المصادر، أنّ التعيينات التي ستحصل تباعاً لن تشذ عن هذه القاعدة، وهي ليست منة من أحد لا من الرئيس الحريري ولا من غيره. فنحن نمتلك الثلث المعطل، ومن دوننا لا مرور لأي تعيين، والحصّة المسيحية هي بالتالي للتكتل المسيحي الاكبر، وهذا سيُطبّق على المراكز الـ 37 الباقية، التي سيعيّنها المسيحيون. اذ انقضى عهد السطو على حصّة المسيحيين، من قبل هذه المرجعية او تلك، تحت طائلة إما تترك الحصّة لمن يقرّرها او لا تعيينات، وما على من لا يصدّق الّا الانتباه لكون بعض المرجعيات قد اسقطت مطالبها بتعيين اي مسيحي ولو كان مديراً عاماً واحداً، كما انها صارت تتهيّب الموقف، لأنّ اي «فيتو» على تعيين مسيحي سيقابله «فيتو» على تعيين مسلم، والامثلة كثيرة، منها موقع المدّعي العام التمييزي، ورئاسة مجلس ادارة شركة طيران الشرق الأوسط «الميدل ايست» (الحريري) وبنك «انترا» (بري).

 

وكشفت المصادر، انّ زيارة الوزير باسيل للرئيس سعد الحريري كانت لهدفين: الاول التأكّد من نيته السير بالتعيينات، والثاني معرفة ما دار في زيارته لواشنطن. وقد اكّد الحريري أنّه لم يسمع مطلقاً بأي كلام من المسؤولين الاميركيين عن عقوبات على شخصيات حليفة لـ»حزب الله»، وأنه صارح الاميركيين بأنّ أي عقوبات على الحزب لا تؤثر فيه انما تضرّ بالاقتصاد اللبناني، كون الحزب يتعامل خارج النظام النقدي اللبناني. اما العقوبات على البيئة الشيعية فهي ترتد سلباً على الاقتصاد اللبناني وعلى النظام المصرفي على وجه التحديد، وقد تسبب مصاعب كبيرة لهذا القطاع.

 

وتتمنى المصادر على «القوات اللبنانية» الاقلاع عن وهم الحسابات الخاطئة التي ادّت الى نسف «تفاهم معراب». فالرهان على العامل الاقليمي للضغط على الرئيس الحريري فشل، ليس لأنّ الحريري لا يريد أن يراعي «القوات»، بل لأنه لا يستطيع أن يتخطّى قوة التيار وحضوره الوزاري والنيابي. اما الرهان على العقوبات الاميركية على قياديين في التيار فهو ساقط ايضاً ولا وجود له، وما على المتابعين الّا التمعن في هوية من كرّمتهم المؤسسة المارونية للانتشار، لمعرفة مدى انتشار المؤثرين على عواصم القرار. ومن جهة ثانية، لن يكون هناك مصلحة لأحد لا في الداخل ولا في الخارج، بأن يعتمد خيار العقوبات، لأنها سترتد بنتائج معاكسة لاهداف واضعيها.