القوّات أصبحت بعد خيبة الأمس أكثر ادراكًا لواقع حلفاء الأمس الذين أصبحوا أسرى التسويات
 
أظهرت الجلسة الحكوميّة أمس وجود محاولة اقصائيّة سياسيّة واضحة مُدبّرة لفريق أساسي في الحكومة هو حزب "القوّات اللبنانيّة"، فاستبعاد مرشّح القوّات بهذه الخفّة عن التعيينات في المجلس الدستوري لم يجد ما يبرره بالرغم من البيانات التوضيحيّة الصادرة اليوم عن أوساط كلّ من الرئيسين بري والحريري. هذا الإلغاء حمل في طيّاته دلالات محبطة للغاية لصورة وصدقيّة من نكثوا بالالتزامات التي سبق واعطوها للقوّات عندما أمّنت النصاب في مجلس النواب خلال جلسة انتخاب أعضاء المجلس الدستوري الخمسة الأول مُقابل تعهّد قطعه كلّ من رئيسي المجلس والحكومة بتأييد مُرشّح القوّات للمجلس الدستوري عند اختيار الحكومة للأسماء الخمسة المتبقيّة.
 
وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإداريّة د. مي شدياق، لفتت في حديثٍ الى "لبنان الجديد" إلى أنّ المعنيين مدركون تمامًا لعدم احترامهم للكلمة التي اعطوها، قائلةً:" نحنُ كقوّات لبنانيّة لسنا سذّج لنثق ثقة عمياء بأحد. فنحن نُدرك جيّدًا أنّه في أماكن مُعيّنة الألاعيب السياسيّة مُباحة اذ وبحسب البعض تبيح المحظورات لكنّ الأعذار التي سمعناها هذه المرّة لم تكن مقنعة مطلقاً. ساعة يتحدّثون عن ترشيح القوّات لماروني فقط وعدم طرحها أسماء للمقاعد الكاثوليكيّة الأرثوذكسيّة وساعة يقولون أنّ وعدهم جاء مُسايرة ولم يكونوا في صلب الاتفاق. كلّ هذه تبريرات واهية، فنحنُ كنّا على طاولة مجلس الوزراء ورأينا كيف تمّ سلق المسألة وتمريرها في آخر الجلسة من خارج جدول الأعمال وبأي خفية طُرح الموضوع".
 
وسألت:" هل يضحكون علينا وعلى انفسهم عندما يقولون أن مجلس الوزراء اختار الأكفأ من بين المرشحين! هل كذبوا الكذبة وصدقوها؟ اي تقييم للمرشحين حصل في هذه التهريبة على طاولة مجلس الوزراء؟عن جدّ " يللي استحوا ماتوا!!"
 
أمّا عن تزعزع الثقة بالحريري فأجابت:"أنا شخصيًّا أتحفظ عن أيّ تعليق على هذا الموضوع وأحاول دائمًا أن أتفاءل بالخير وأرى حسن النوايا لكنّ ما نشهده لغاية الآن ولسوء الحظ غير مُشجع".
 
 
تؤكد شدياق أنّها "من جهتها مُتمسّكة باطار العمل المؤسّساتي كما أنّنا في القوّات نحترم دائمًا الآليّات ونبتعد عن المُحاصصة. في وزارة التنمية آليّة للتعيينات سبق أن اعتُمدت منذ الـ٢٠١٠ في تعيين أكثر من ٤٠ شخصاً في أعلى المناصب. اليوم لم يعودوا يعترفون بها كونها غير مُلزمة، ويريدو تمرير الأسماء وفقًا لمبدأ المُحاصصة والمحسوبيّات. لذا قرّرت أن أعمل انطلاقًا من كلام فخامة الرئيس الذي طلب وضع قانون للسير به على وضع قانون يتضمّن آليّة تعيينات يتم التوافق عليها لعرضه على مجلس الوزراء وأعمل عليها لكيّ تَصدر في قانون واقراره قبل أيّ تعيينات جديدة. واتمنى في هذه الأثناء اأن يتم تجميد التعيينات أو اعتماد الآيّة الموجودة"
 
امّا عن مدى تفاؤلها باحترام هذا المبدأ، أوضحت شدياق "أنّها ستقوم بواجبها لضمان العمل المؤسّساتي في هذه الدولة حتى وإن كانت مقتنعة أن البعض مصرّ على المحاصصة وتقاسم الجبنة بعيدًا عن أي أصول وشفافيّة".
 
وأضافت:" إذا صدرت هذه الآليّة بقانون لن تُغطي القضاء وبعض المراكز من هذا النوع ولكنّها  ستُغطي المراكز الأخرى وستتم الأمور عندها بحسب الكفاءة بعيدًا عن المحسوبيّات"، خاتمةً:" تبيّن أنّ هناك مُخطط لابتلاع البلد وتسييره بطريق تُفيد جهّة مُعيّنة ولا تُفيدُ البلد ككلّ، وتقاسم المغانم لا يُفيد لبنان نهائيًّا على المدى الطويل".
 
قد تكون القوّات أصبحت بعد خيبة الأمس أكثر ادراكًا لواقع حلفاء الأمس الذين أصبحوا أسرى التسويات ولم يبقَ يجمعهم بها إلّا دماء الشهداء وذكريات الساحات.
ربما تكون الحسابات مُختلفة في الوقت الراهن فطبيعة الظروف ونتيجة الإنتخابات النيابيّة جعلت الأهداف تتبدّل إذ اصبح الهدف الأكيد الوحيد لدى البعض هو البقاء في السلطة بأيّ ثمن، لا الحفاظ على المبادئ وتطوير الزعامة.