تتعرض النساء لكثير من الأذى بسبب المعتقدات الخاطئة حول الدورة الشهرية، لكن يبدو أنه لا أساس للاعتقاد بدخول النساء في حالة من الهيستيريا العاطفية خلال فترة الحيض؛ فبعض النساء يشعرن حقا بقلق وتوتر خلال فترات من حياتهن، إلا أن هذه الأعراض لا يمكن دوما تفسيرها على أساس الدورة الشهرية واضطراب الهرمونات.
 
أثبتت دراسة عن جامعة كاليفورنيا عام 2013 أن هناك عوامل أخرى غير الدورة الشهرية والهرمونات تؤثر على الرغبة الجنسية للمرأة.
 
وفي دراسة للمعهد المركزي للصحة العقلية في ألمانيا عام 2016، والتي استهدفت فهم الاختلالات المزاجية للنساء خلال فترة الحيض؛ تم فحص مجموعة من النساء تتراوح أعمارهن بين 18و44 سنة، واختبارهن عشر مرات في اليوم، على مدار ثمانية أيام أثناء الدورة الشهرية، لتغطية كافة مراحلها، ومع تقييم الباحثين لنتائج الاستبيانات لم يظهر للدورة الشهرية أي تأثير على الحالة المزاجية.
 

ما لا يعرفه كثيرون هو أن الدورة الشهرية تؤثر على أدمغة النساء بطرق إيجابية مختلفة؛ فقد اتضح أن النساء يتمتعن بمهارات خاصة في هذا الوقت من الشهر، مثل الوعي بالمكان، والتواصل مع الآخرين بشكل أفضل، كما أن المرأة وقتئذ تعرف بأن هناك شخصا في محيطها يشعر بالخوف.

فكانت نتيجة دراسة منشورة بمجلة أبحاث الإيقاع البيولوجي، بغرض قياس تأثير الدورة الشهرية على الأحلام وجودة النوم والمزاج، هي أن أحلام النساء خلال الدورة الشهرية كانت إيجابية ومفعمة بالمشاعر، وقلت فيها الشخصيات الذكورية، كما أن الأحلام كانت أطول قبل وأثناء تلك الفترة؛ مما أثبت أن الاختلافات الهرمونية تعزز عمليات الذاكرة المشاركة في إنتاج الأحلام.

ومن أفضل ما تقدمه الدورة الشهرية للنساء هو قدرتهن على الإقلاع عن التدخين؛ فما عرفه الباحثون لسنوات أن للتدخين عواقب وخيمة أكثر حدة بالنسبة للنساء، ومن المفارقات أيضا أنهن يواجهن صعوبة أكبر للإقلاع عن هذه العادة من الرجال؛ لذا ظل الباحثون يسعون لاكتشاف خطط تزيد فرص إقلاع النساء عن التدخين.

وكانت المفاجأة أن المرأة يمكنها أن تحقق نجاحا أكبر في خطتها للإقلاع عن التدخين إذا تزامنت محاولتها الأولية مع أول أيام الدورة الشهرية. وأثبتت ذلك دراسة من جامعة بنسلفانيا، حيث حاول القائمون عليها مساعدة المدخنين من الجنسين لمدة ثمانية أسابيع ببدائل النيكوتين، حتى لجؤوا إلى العلاج السلوكي، الذي نجحت فيه النساء الحائضات.

الدورة الشهرية أسعد أوقاتها
وبحثت دراسة قام بها قسم الطب النفسي بمستشفى سانت مايكل، التابع لجامعة تورنتو الكندية، حياة مئة امرأة تتمتع بصحة جيدة، وما إذا كانت تعاني من تغيرات ما قبل وأثناء الدورة الشهرية، وإلى أي مدى تحدث منفردة، أو مع تغيرات سلبية؛ وكانت النتيجة مخالفة لكل الظنون، فقد أبلغت 66% من النساء عن حدوث تغير إيجابي واحد على الأقل قبل الدورة الشهرية، وفي الغالب زاد لديهن الميل للتنظيف والترتيب، والميل لإنجاز مهامهن المؤجلة، وأكثر رضا حول أجسادهن، مع المزيد من الطاقة والأفكار المبدعة.

وأعاد بعض علماء النفس ذلك لاختلاف أساسي بين عقل الرجل والمرأة لصالحها؛ فتقول بولين ماكي أستاذ علم النفس بجامعة إلينوي بشيكاغو إن النساء يتكلمن قبل الذكور في الطفولة، ويتحدثن بطلاقة أكبر، كما أنهن أفضل في الهجاء من الرجال؛ وتعتقد (لم تؤكد ذلك الدراسة بصورة تامة) أن هذا الاختلاف هو السبب في ارتفاع احتمالية إصابة الذكور بالتوحد أكثر من الإناث بأربعة أضعاف.

النساء أذكى في فترة الحيض
في دراسة صغيرة شملت 16 امرأة، طلب منهن حل بعض الاختبارات العقلية، من أجل بحث لمركز أبحاث علم الشيخوخة في بالتيمور بولاية ميريلاند.

تم حساب الأوقات التي ترتفع وتنخفض فيها هرمونات النساء، وخلال الأيام التي كانت هرموناتهن في أعلى مستوياتها، كن أفضل في حفظ عدد أكبر من الكلمات الجديدة، حيث تحسنت قدراتهن على التذكر الضمني، والقيام بعمليات عقلية متتالية في وقت قصير، وحل مسائل رياضية أسرع من الرجال؛ وخلصت الدراسة إلى أن هذه التغيرات كانت مدفوعة -في الأساس- بهرمون الإستروجين.

فليس للرحم دور في هذه التغيرات في هذا الوقت، ولكن المبايض التي تطلق الإستروجين والبروجيستيرون بكميات مختلفة على مدار الشهر. وتتمثل مهمة الهرمونات في المهام الأولى في تكثيف بطانة الرحم، وتحديد موعد إطلاق البويضة، بالإضافة إلى تأثيراتها القوية على أدمغة النساء وسلوكهن.