شهِد العالم منذ عقود تقدماً في مكافحة أمراض القلب. وبينما بقيَت القاتل رقم 1 عند الرجال والنساء في الولايات المتحدة، لكنّ المعدلات استمرّت في الانخفاض بثبات. غير أنّ هذا الواقع توقف أو حتى بدأ يسير في الاتجاه المُعاكس في أميركا وبلدان عدة أخرى ذات الدخل المرتفع، إستناداً إلى دراسة أخيرة صدرت خلال آب 2019 في «International Journal of Epidemiology». فما الأسباب وكيف يمكن إعادة ضبط الوضع بفاعلية؟
 

شدّدت إختصاصية التغذية، باتريسيا بنّان، من لوس أنجلوس على أنّ «عادات الأكل السيّئة وقلّة الرياضة تُعتبر من الأمور الرئيسة لتدهور القلب والأوعية الدموية. جنباً إلى عوامل خطر أخرى تشمل التدخين، وضغط الدم العالي، والكولسترول المرتفع، والسكري».

وفي حين أنّ النتائج العلمية الأخيرة مُقلقة، لكنّ الخبر الجيّد أنه يمكن بواسطة خطوات صغيرة وبسيطة المساهمة في الحفاظ على قلب صحّي! إليكم 10 تعديلات على غذائكم ونمط حياتكم ثبُت أنها تساعد على تقليل خطر أمراض القلب، وفق بنّان:

إستبدال الدهون

اعتُقد منذ القِدم أنّ الغذاء الصديق للقلب هو الذي يحتوي على دهون منخفضة، ولكنّ هذا الأمر غير صحيح. فمن المعلوم أنّ الدهون ليست كلها مُماثلة، وأنّ النوع الذي يتمّ استهلاكه هو الذي يهمّ.

يجب خفض كمية الدهون المشبّعة الموجودة غالباً في اللحوم ومنتجات الألبان والوجبات السريعة إلى 10 في المئة أو أقلّ من السعرات الحرارية اليومية، والامتناع قدر الإمكان عن نظيراتها المهدرجة في المقالي والسناكات المعلّبة، بحسب جمعية القلب الأميركية.

المطلوب استبدال هذه الأنواع بالمأكولات التي تحتوي على الدهون غير المشبّعة المفيدة للقلب، كالأفوكا، والمكسرات النيئة، والبذور، وزيت الزيتون، والسمك الدهني مثل السلمون.

الحصول على مزيدٍ من الألياف

الألياف القابلة للذوبان الموجودة في الأطعمة النباتية تساعد على خفض مستويات الكولسترول في الدم، إستناداً إلى «National Lipid Association». فضلاً عن أنها تساهم في توفير الشبع وبالتالي خفض احتمال المبالغة في الأكل، وفق مراجعة نُشرت في «Journal of the American College of Nutrition».

يجب على النساء استهلاك 25 غ من الألياف على الأقل في اليوم، في حين أنّ الرجال عليهم تأمين 38 غ. المصادر الجيدة للألياف تشمل الفاكهة، والخضار، والحبوب الكاملة، والبقوليات.

في الواقع، أظهرت دراسة صدرت آب 2019 في «Journal of the American Heart Association» أنّ تفضيل المأكولات النباتية على نظيراتها الحيوانية رُبط بتحسين صحّة القلب وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.

تناول السمك مرّتين أسبوعياً على الأقل

تنصح جمعية القلب الأميركية بتناول السمك، خصوصاً الأنواع الدهنية مثل السلمون والماكريل والسردين والتونة، مرّتين في الأسبوع على الأقل.

يرجع السبب إلى أنها مصدر جيّد للأحماض الدهنية الأساسية الأوميغا 3 التي تستطيع خفض مستويات التريغليسريد والكولسترول، وإبطاء تراكم الترسبات في الشرايين. ولكن لا بدّ من التعامل مع هذا الأمر بحذر، بما أنّ بعض السمك، كالقرش وأبو سيف، قد يكون غنيّاً بالزئبق الذي يتراكم في الدم وقد يؤدي إلى مشكلات أخرى.

النوم أكثر

 
 

عدم تأمين 7 إلى 9 ساعات من النوم كل ليلة قد يكون مؤذياً لصحّة القلب. الأشخاص الذين لا يحصلون على ما يكفيهم من النوم الجيّد مساء كل يوم هم أكثر عرضة للبدانة، وارتفاع ضغط الدم، ونوبات القلب. لذلك يجب وضع النوم من بين أولوياتكم، وإذا كنتم لا تنامون جيداً بانتظام، فهناك أمور عدة يمكنكم القيام بها لتغيير ذلك، مثل الحرص على أن تكون الغرفة مظلمة وهادئة، وتعديل حرارتها ما بين 18 و20 درجة مئوية.

خسارة الوزن

أشارت الدراسة المنشورة آب 2019 في «International Journal of Epidemiology» أنّ زيادة الوزن ترفع خطر أمراض القلب، جنباً إلى أمراض أخرى مُزمنة.

وفي حين أنّ خسارة الكيلوغرامات الإضافية ليست دائماً سهلة، لكن توجد تطبيقات عدة تساعد على تتبّع الوحدات الحرارية اليومية وتقدّم مجموعة من ألذّ الوصفات الصحّية والخفيفة.

التحرّك معظم الأيام

تمارين الأيروبك المنتظمة، مثل المشي السريع وركوب الدراجة وصعود الدرج والسباحة والرقص، تُبقي القلب رشيقاً وترفع مستويات الكولسترول الجيّد HDL وتساهم في خسارة الوزن أو الحفاظ على معدل وزن صحّي، وفق «Mayo Clinic». لذلك ينصح الخبراء بممارسة 30 دقيقة على الأقل من الأيروبك المعتدل لـ5 أيام أسبوعياً.

الشرب باعتدال

بيّنت الأبحاث الحديثة أنّ احتساء الكحول باعتدال قد يؤدي إلى ارتفاع طفيف في معدلات الكولسترول الجيّد (HDL). لكنّ الجدال هنا أنه يمكن استمداد هذه المنافع ذاتها من الرياضة واستهلاك الخضار والفاكهة من دون الآثار السلبية المُحتملة لشرب الكحول، مثل زيادة خطر الإصابة بالسرطان والسكتات ومشكلات صحّية أخرى، بحسب «National Institutes of Health». وتوصي جمعية القلب الأميركية الرجال باحتساء 1 إلى كأسين من الكحول والنساء كأس واحد فقط في اليوم.

الإقلاع عن التدخين

من المعلوم حتى الآن أنّ كيماويات مختلفة متوافرة في دخان التبغ قد تُدمّر القلب. غير أنّ التدخين يخفض أيضاً إمدادات الجسم للأوكسجين ويتسبب في انقباض الأوعية الدموية. تخفيف عدد السجائر أو الانتقال إلى منتجات السجائر المنخفضة النيكوتين ليس كافياً لخفض خطر أمراض القلب بشكل ملحوظ.

الأمر ذاته ينطبق على السجائر الإلكترونية، بحيث تبيّن أنها لا تزال تضع الناس في خطر التعرّض لنوبات قلبية، إستناداً إلى «American College of Cardiology». أمّا الإقلاع التامّ عن التدخين فيُساهم في بدء انخفاض احتمال الإصابة بأمراض القلب على الفور، على أن يقلّله بشكل كبير خلال العام الأول.

التحكّم في التوتر

عدم السيطرة على التوتر قد يرفع خطر أمراض القلب عن طريق زيادة مستويات ضغط الدم والكولسترول. ناهيك عن أنه قد يؤدي إلى القيام بسلوكيات غير صحّية، مثل التدخين واحتساء الكحول، وفق جمعية القلب الأميركية. وصحيحٌ أنه لا يمكن تفادي التوتر كلّياً، ولكن يمكن التحكم فيه من خلال الرياضة، واليوغا، والتأمل، والاسترخاء، والنوم لساعات كافية.

الخضوع لفحوصات منتظمة

من المهمّ استشارة الطبيب لإجراء اختبارات سنوية تشمل ضغط الدم والكولسترول، خصوصاً في حال وجود تاريخ عائلي لأمراض القلب. من خلال هذه الطريقة، يستطيع الطبيب تحذيركم من أيّ علامات مُبكرة مرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويمكنكم العمل سوياً على وضع خطّة صديقة للقلب من شأنها تقليل الخطر.