يُعتبر الزّواج من المراحل المهمّة في حياةِ كلّ إنسان حيث يقترن الزوجين ببعضهما حتّى يُحقّقا التآلف والمحبة والتعاون بينهما.
 
كما أن الحياة الزوجيّة هي مدرسة الأجيال الجديدة، وتُساهم في توجيه الشباب إلى تعمير المجتمع وإصلاحه.
 
حيث إن للأب والأم تأثيراً كبيراً في أولادهما، فهما حجر الأساس الذي يبني مجتمعاً صالحاً عندما يكونا صالحين، وهما المسكن الأساسيّ للرحمة والمودة والعطف والرعاية الكاملة للجيل الناشئ، ويجب على كلا الزوجين الحِفاظُ على رباطِ الزوجيّة، فيترتب على الزوج أن يُنفّذَ واجباته تجاه زوجته، ويعطيها كامل حقوقها، ويُحسنَ لها ولا يُسيء معاملتها أو يتوجّه بسوء إلى أهلها وعائلتها، كما يجب على المرأة تأدية واجباتها، وإعطاء زوجها حقوقه، ومعاونته في خضم الحياة، وإطاعته بالمعروف، وحُسن عشرته وعدم إيذائه، ويجب على كلٍّ منهما أن يبادر بإصلاح أي خللٍ حاصل وأن يتحلى بالصبر على الآخر.
 
وتدخل العروس عش الحياة الزوجية وقد رسمت في خيالها صورًا خيالية عن الزواج والحياة الوردية التي تنتظرها، وتنسى أن الأزواج حديثي العهد بالزواج معرضين لهزات واقعية تختلف حدتها باختلاف أسبابها وطبيعتها، وتصبح هذه الهزات بمثابة تهديد لكيان العش الأسري في بداية التكوين، إذا كانت مناعة الزوجين ضعيفة، بينما يجب أن يوضع هذا العش على السكة الصحيحة لتنطلق قافلة الأسرة في أمان واستقرار.
 
وللأسف تصاب العروس أحياناً بما يسمى "اكتئاب ما بعد حفل الزفاف" والذي يعتبر أمراً غير مستغرب وغير مستحب في نفس الوقت، حيث تعتبر هذه المرحلة هي مرحلة حاسمة في حياة العروس المستقبلية.

وهناك العديد من الأسباب التي قد تولد مشاعر الاكتئاب لدى العروس وقد ينتج عنها العديد من الآثار السلبية التي تنعكس على الحياة الزوجية، ومن ذلك:

1- ترسم العروس في خيالها صورًا خيالية عن زوج المستقبل، بغض النظر عن عيوبه أو سيئاته التي قد تغاضت عنها خلال فترة التعارف والخطوبة، وبالتالي تشعر بالتباعد بينها وبين الشخصية الحقيقية التي تعيش معها الآن، وتنسى أن لا وجود لانسان كامل بدون عيوب.

2- تنسى العروس أن "الدنيا يوم عسل ويوم بصل" حيث هذه القاعدة الذهبية يجب أن ترسخ في أذهان المقبلين على الزواج، ليتفادوا الكثير من الهزات التي تعترض حياتهم الزوجية في بداياتها، ومن هنا تأتي ضرورة تعلم كل فتاة مفاهيم وقيم الزواج قبل الزفاف.

3- تساهم الأعباء المادية في نشوء مشاعر الاكتئاب، ولا شك تهدد كثرة الديون بعد الزواج الحياة الزوجية، لذلك تأتي أهمية الصراحة والتنظيم بين الطرفين بشأن الأمور المالية منذ البداية.

4- العلاقة الحميمية محوراً أساسياً للزواج، ويعزو عليه عوامل كثيرة ترتبط بالتباعد أو التقارب بين الطرفين، لذا يجب التغلب على معوقات هذا المحور بين الطرفين بالصراحة والوضوح ومعالجة وجود أي مشكلة حقيقة تتعلق بهذا الجانب بينهما. 

5- هناك بعض العبارات والأسئلة التي قد يطرحها الأهل الأصدقاء والمقربون على العروس بعد حفل الزفاف مباشرة، والتي من شأنها أن تثير قلقها حول ما ينتظرها في المستقبل القريب أو أن إجابتها باختصار هي ملك وشأن العروسين وحدهما لا غير، مثل موعد إنجاب الأطفال، كيفية معاملة الزوج وطباعه، طبيعة الحياة الزوجية، وغيرها من الأمور التي قد تسبب ضغطا نفسيا للعروس فتشعر بالاكتئاب.

6- تتغير الأولويات بعد الزواج، فتبدأ العروس التفكير بالالتزامات العائلية ومسؤوليات المنزل والفواتير أكثر من الرومانسية التي اعتادت التفكير بها سابقاً، كما أن راحة الشريك وتأمين متطلباته ستكون أولى أولوياتها، وهذا شيء طبيعي يجب أن تتهيأ له العروس، بل وأن تسعى للاستمتاع به.

7- لإهمال الحمية الغذائية وممارسة التمارين الرياضية دور كبير في تولد مشاعر الكآبة لدى العروس، فعليها ألا تهمل نفسها ورشاقتها، وألا تنسى العناء الذي تكبدته للوصول إلى الوزن الذي مكنها من القيام بارتداء فستان زفاف أحلامها.

8- قد يسبب شعور العروس بالكآبة بعد حفل الزفاف وبعد انتهاء شهر العسل، للمسارعة باتخاذ قرارات غير مناسبة للوضع الحالي، فمثلا يسارع البعض للقيام بشيء ضخم كشراء منزل أو إنجاب طفل، بينما يجب أن يترك العروسان لنفسيهما بعض الوقت للتمتع برفقة بعضهما دون اتخاذ قرارات كبيرة، ليعيشا حياتهما الجديدة من دون أي ضغوطات وتوتر.