تعلو مجدداً وتيرة الاعتراض الفلسطيني على عدم استثناء اللاجئين من قانون العمل، وتحضّر الفصائل لتحركات شعبية مضبوطة عصر اليوم في المخيمات على أن لا تتعداها، كما العادة الى خارجها، لعدم تحويلها الى شغب يؤذي قضية اللاجئين.
 

وتأتي هذه التحرّكات بعد أن قونن الفلسطينيون حركتهم الاعتراضية في الاسابيع الماضية، فحصرت بيوم الجمعة من كل أسبوع، كما بلقاء سياسي مع قوى لبنانية كل خميس، لكن ما اختلف اليوم هو انعقاد جلسة الحكومة غداً التي يُفترض أن تبحث في قرار وزير العمل تطبيق القانون دون استثناء اللاجئين، وهو ما ترفضه القيادة الفلسطينية التي تتمسك بأن يكون هذا الاستثناء أساساً دائماً مشرَّعاً بالقانون، سواء عبر تجميد مجلس الوزراء القرار ورفع المسؤولية عن وزير العمل، او لاحقاً عبر تعديل القانون بإرسال الحكومة مشروع قانون معجّل مكرّر الى مجلس النواب بجملة استثناء الفلسطينيين من تنفيذه.

 

استعد الفلسطينيون لجلسة الحكومة، وحصل تواصل بين القيادة في رام الله والمسؤولين الفلسطينيين في لبنان، ويتمسك الفلسطينيون بما جاء في بيان اللجنة التنفيذية لحركة «فتح» الذي شدّد على إنصاف اللاجئين وعدم تصنيفهم كعمالة اجنبية ورفض القوانين المجحفة، واعتبارهم ضيوفاً على لبنان، في انتظار عودتهم وفقاً للقرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة.

 

كيف تبدو خريطة القوى المؤيّدة والمعارِضة لإمساك الحكومة هذا الملف؟ الواضح أنّ تفاهماً حصل بين الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري على أن يعود ملفُّ تطبيق قانون العمل على الفلسطينيين الى مجلس الوزراء، وقد شهدت الجلسة الاخيرة سجالاً في غياب الوزير كميل أبو سليمان الذي احتجّ على بحث القضية في غيابه عن الجلسة باعتباره الوزير المختص، وأيّد بعض الوزراء هذا المنحى فطوي، لكنّ السؤال ماذا سيحصل في جلسة الغد، اذا ما أصرّت غالبية داخل الحكومة على هذا الامر؟ وهل يرفض وزراء «القوات اللبنانية»، وهل سيتّجه وزراء رئيس الجمهورية الى دعمهم، مع احتمال أن ينتقل الموضوع الى التصويت في حال رفض وزير العمل ومن يدعمونه من وزراء؟

الواضح أنّ اصطفافاً بدأ يتشكل دعماً لوزير العمل، وهذا الاصطفاف يقابله تفاهم بين معظم القوى الاخرى وابرزها «تيار المستقبل» والحزب التقدمي الاشتراكي وحركة «امل» و»حزب الله» الذي لا يغامر بأيّ توجّه يمسّ الوضع الفلسطيني، وامام هذا التوجّه تتمنى مصادر فلسطينية أن يتّخذ وزير العمل قراراً شجاعاً بعدم الاعتراض على إحالة الملف الى الحكومة مجتمعة لكي تقرّرَ فيه، وحينها يرمي الوزير أبو سليمان المسؤولية على الحكومة، ولا يتحمّل مسؤولية استمرار الأزمة. علماً انه، كما تقول المصادر، لم يكن له أيّ توجّه عدائي ضد الشعب الفلسطيني، بل على العكس تمسك بمعادلة أنّ القانون ينصّ على شمول الفلسطينيين بالاجراءات، وانّ القضية ليست عنده كوزير للعمل، بل تكمن في وجود قانون يفترض تطبيقه. بناءً عليه تتمنى المصادر على الوزير أبوسليمان أن يضع هذه المسؤولية في تصرف الحكومة، التي تجمع اكثريتها على التعامل مع الفلسطينيين كلاجئين، والتي تتّجه ايضاً للبحث في تعديل القانون عبر إرسال قانون معجّل مكرّر يستثني الفلسطينيين من إجازة العمل.

يتحرك الجانب الفلسطيني اعتراضاً على قانون العمل بكثير من التأنّي، فالإشراف على التحرك الشعبي داخل المخيمات لن يترك الباب مفتوحاً أمام أيّ خلل، والتنسيق مع القوى الامنية مفتوح، وتغيب اللغة الهجومية في الادبيات الفلسطينية، حيث تمّ استيعاب الكلام غير الصحيح الذي نشرعن لسان أبو سليمان بسرعة، وجرى ذلك بالتنسيق مع عزام الاحمد موفد الرئيس محمود عباس، والهدف أكل العنب وليس قتل الناطور، وفي الأذهان مصالحة لبنانية فلسطينية لا يريد الجانب الفلسطيني المَسّ بها، بل تطويرها، في اتجاه طيّ صفحة الحرب، وتوجيه البوصلة الى ما يجري في فلسطين.