وهكذا أكد الرئيس عون مزاح الدكتور سمير جعجع، عندما سأله الإعلامي مارسيل غانم: لماذا لا تُثير أموراً خطرة وحسّاسة والتي تطرحها دائماً مع الرئيس عون؟ فأجاب جعجع: بعد كل مقابلة مع الرئيس عون لساعة كاملة أو أكثر، كان يقول لي: تفضّل بوس تيريز.
 
حسناً فعلَ ويفعل وزير الخارجية جبران باسيل هذه الأيام في انكفاءته الأخيرة( بعد ذيول حادثة قبر شمون المؤسفة)، توقفت الجولات المناطقية التي كانت بمعظمها استفزازية، وتوقّفت معها التصريحات المثيرة للنعرات الطائفية والعنصرية، والتي كادت في بعض محطاتها أن تُهدّد السلم الأهلي، صحيحٌ أنّ تصريحات النائب زياد أسود التي يطلقها بين الفينة والأخرى لا تقلُّ خطورةً واستفزازاً عن تصريحات باسيل، إلاّ أنّها تنقضي بأقل ّ قدرٍ من الاضطرابات السياسية والأمنية والإجتماعية.
 
 
بيد أنّ أحوال أهل قصر بعبدا المثيرة للجدل والخصام، لم تهدأ مع عُزلة باسيل، القسرية ربما، فقد استأنفها الصهر الثاني للرئيس عون النائب شامل روكز بتصريحٍ غريب عن مهمات الجيش الوطني( لا سيما أنّه كان ضابطاً مُميّزاً فيه)، ثمّ أكمل الرئيس عون سدّ الفراغ الذي خلّفه باسيل  ببيانات مكتوبة وتصريحات صحفية ارتجالية غداة وصوله إلى مقره الصيفي في قصر بيت الدين التاريخي،  ممّا جعلنا نترحّم ونحِنُّ إلى أيام عزّ "المارونية السياسية"، فقد كان رئيس الجمهورية "أباً" لجميع اللبنانيين بالفعل، كان يعتصم في القصر الجمهوري، لا يُغادره إلاّ لرعاية عيد الجيش وتقليد سيوف الضباط في الأول من شهر آب من كل عام، ويكتفي بمقابلتين في الأسبوع( هذا مع الاجتماعات الجانبية مع المسؤولين الأمنيين والإداريين والوزراء المختصّين)، مقابلة يوم الثلاثاء مع رئيس مجلس الوزراء، وأخرى مع نقيب الصحافة( الشهيد رياض طه تحديداً)، لا يُخاطب اللبنانيين سوى مرّة واحدة حين يوجّه لهم رسالة الإستقلال، أمّا اليوم، ومنذ الحرب الأهلية السيّئة الذّكر، فلا حُرمةَ لشيئٍ في هذه الأيام، وآخر تجلّيات خرق الحُرُمات والأعراف تلك "الدردشة الصحفية" التي أجراها فخامة الرئيس عون مع ثُلّة من أهل الصحافة في حدائق قصر بيت الدين الغنّاء، ليُخبرنا أنّه كان يهزأ ويضحك ساخراً ممّن يهمس بأنّ جبران باسيل هو الرئيس الفعلي للبلاد، ليعود فيؤكّد ذلك بالفم الملآن، فيعترف بأنّه كان يُحيل كبار المسؤولين والسياسيين الذين " يحظون" بمقابلته إلى الوزير باسيل، فعند باسيل الخبرَ اليقين، باسيل، يقول رئيس الجمهورية، رئيس أكبر حزب (أو تيار) في البلد،  وباسيل رئيس أكبر تكتل برلماني، وعند باسيل أكبر عدد من الوزراء( كاد أن يقول بامتلاكه للثّلث المُعطّل)، وهكذا أكد الرئيس عون مزاح الدكتور سمير جعجع، عندما سأله الإعلامي مارسيل غانم: لماذا لا تُثير أموراً خطرة وحسّاسة والتي تطرحها دائماً مع الرئيس عون؟ فأجاب جعجع: بعد كل مقابلة مع الرئيس عون لساعة كاملة أو أكثر، كان يقول لي: تفضّل بوس تيريز، أي أنّ مركز القرار عند الوزير باسيل.
 
 
بكلمة مختصرة ولمن يهمّه الامر، على البعض أن يُقبّل يد باسيل، ولربما يضطر البعض الآخر أن يُقبّل نعل باسيل، والعياذ بالله،  المهم أنّ الرئيس دائماً يقول ويدعو لباسيل بالتوفيق وأن يغفر الله تعالى ما تقدّم من ذنبه وما تأخرّ.
سمع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه أعرابيّاً يقول : اللهُمّ اغفر لأُمّ أوفى، قال: من أُم أوفى؟ قال: امرأتي، وإنّها لحمقاء مراغمة( التي تُغضِب زوجها)، أكول قامة( اكولة شرهة)، لا تُبقي لها حامة،  غير أنّها حسناء فلا تُفرَك (لا تُبغض)، وأمّ غلمان فلا تّترك.