في أي شأن يتكلم به حسن نصرالله سيبدو خطيباً مفوهاً ومقتدراً وواسع الحيلة يُطَوِّع اللغة والمفردات كما يشاء لكن ، في كل خطبه من دون استثناء يتلعثم ويرتبك ويبتلع كلماته حين يتحدث عن سوريا وهذه هي مفارقته الفادحة .
حسن نصرالله السوري هو كارثة وفضيحة ، سوريا هي الثقب الأسود في لغة قائد حزب الله وعندما "يضطر" للحديث عن القضية السورية تتغضن عضلات وجهه ، ويروح يلهج بعبارات ضبابية ومجردة وأشد ما يفضحه أن نبرته العاطفية التي تصاحب أحاديثه عن اليمن أو البحرين أو إيران أو فلسطين تختفي تلقائياً ما إن يبدأ كلامه عن سوريا ، تصعد الكلمات إلى شفتيه باردة وميتة وعلى غير عادته في قاموسه الواسع وتضيق عبارته السورية فيتحول إلى ترداد بضعة مفردات خشبية معلوكة : محور المقاومة ! المؤامرة الكونية ! التكفيريين ! الإرهاب ! وبشار الأسد !
أظن أنه ما إنْ يفكر بالحديث عن سوريا حتى يمسح من وعيه البلد كله والشعب كله ويُحَوِّلها إلى مجرد خريطة عسكرية بكماء ليس فيها ناس ولا أطفال ولا نساء ولا شباب ولا رجال ولا بيوت ولا بساتين ولا شيء ! ! يجعلها مجرد موقع عسكري خلاء ! ! وأرض غنيمة وربما مرقد ديني وحسب ! قد يبكي على مشهد الطائرات التي تقصف صَعَدَة في اليمن ، لكنه يحذف على الفور عشرات آلاف البراميل المتفجرة الساقطة على مئات آلاف المدنيين في سوريا ! ! قد يبكي على قتل الإسرائيليين لطفل أو شاب فلسطيني لكنه يلغي تماماً كل مشاهد وصور الإبادة الجماعية في سوريا ! ! ! قد يحزن على اعتقال معارض بحريني ( وعن حق نشاطره الحزن ) لكنه يتعامى تماماً عن ذبح عشرات الآلاف من المعارضين المعتقلين في أقبية المخابرات السورية ! ! ! .
أن يبتلع نصرالله كل هذا التناقض " الأخلاقي " لا شك أنه عمل شاق يكابده في دخيلته ، كي لا يقع في اضطراب أخلاقي مُنْهِك ، ولذا فهو يخسر كل براعته الخطابية لحظة تلفظه سوريا ، ويخسر بالتالي كل صواب مُفْتَرَض يعتنقه سواء في فلسطين أو في اليمن أو حتى في فنزويلا ،فلا يشفع حنانك تجاه طفلك حين تعمل سكينك بأطفال الآخرين 
و" أزمة " حسن نصرالله ليست وخزاً في ضميره ، بل في عجزه عن إقناع جمهوره أولاً في ورطته السورية ، طالما أن هذا الجمهور لديه معرفة تامة وخبرة معيوشة مع قذارة النظام السوري وإجرامه ونذالته . يكفي هنا تذكيره بخطبه الأولى في آذار ونيسان 2011 عن حق الشعب السوري بأن يرى إصلاحاً في نظامه ، وحماسته لثورات الشعوب العربية ، قبل أن ينحاز بكل برودة دم إلى الحرب الكونية الفعلية على الشعب السوري - ( وليس على النظام السوري ) - .
ليس حسن نصرالله دجالاً أو كاذباً إنه نموذج المتعصب " الأيديولوجي " في نظرته إلى " الحق والخير " بوصفهما حقه هو فقط وخيره هو حصراً دون الآخرين وهذا ما يُتيح له تسوية مُريعة مع ضميره .