بعد أشهر من المفاوضات بين اميركا وأنقرة أعلن وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أن مركز العمليات العسكرية المشترك في "المنطقة الآمنة" السورية، سيتم تفعيله بالكامل في الأسبوع المقبل، في خطوة حداً للمخاوف الأمنية المتبادلة.
 
وقال محلل الدفاع في مركز أبحاث نيو أميركا أوبي شهبندر إن تطوير "منطقة آمنة" في شمال سوريا سيزيد من الأمل في السلام الإقليمي، مضيفاً أن "المنطقة الآمنة تعني أنه يمكن لمئات الآلاف من اللاجئين السوريين العودة يوماً ما دون خوف من تدمير النظام السوري لمنازلهم"، بحسب صحيفة "عرب نيوز".
 
وأضاف شهبندر أن المركز يعني أن أنقرة وواشنطن على وشك الوصول إلى حل جيوسياسي لمخاوفهما الأمنية المتبادلة في سوريا. ومن المقرر، أن يكون المركز بمثابة منصة للمفاوضات بين تركيا والولايات المتحدة، وهما حليفان في الناتو، يشتبكان حول وجود ميليشيا YPG الكردية السورية، شريكة الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش.
 
وذكرت الصحيفة أنه "ليس من الواضح ما إذا كان المركز العسكري الجديد سيعمل على وقف الهجوم العسكري الثالث المحتمل من تركيا باتجاه شمال سوريا، أو ما إذا كان يهدف إلى إصلاح العلاقات بين أنقرة وواشنطن.. هناك شيء واحد واضح أن الولايات المتحدة تولي الكثير من الاهتمام لأمن المنطقة، حيث يوجد حالياً ما بين 900 إلى 2000 جندي من قواتها".
 
ممر للسلام
 
ووفق الصحيفة، سيتم إنشاء مركز قيادة مشترك في تركيا، وسيتم إنشاء "ممر للسلام" في سوريا.
 
ولم يرق الاتفاق إلى مستوى توقعات تركيا، حيث كان الجيش التركي يريد الإشراف على ممر بعرض بين 30 كم إلى 40 كم، وطول 470 كم، على امتداد الحدود التركية السورية. بدلاً من ذلك، تشير الاتفاقية إلى "ممر السلام"، الذي سيكون هدفه الرئيسي مساعدة السوريين المشردين على العودة إلى ديارهم.
 
كما أن السفارة الأميركية في أنقرة، بحسب تقرير "عرب نيوز"، سربت وثيقة إلى وسائل الإعلام التركية تقدم مزيداً من التفاصيل، حول كيف ترى واشنطن "الممر".
 
ووفقاً لهذه الوثيقة، تقترح الولايات المتحدة ممراً أضيق كثيراً بطول 5 كم. وسيتم الإشراف عليه بشكل مشترك من قبل جنود أتراك وأميركيين. وسيتم تسيير ممر آخر بطول 9 كيلومترات في عمق سوريا بواسطة الجنود الأميركيين فقط. كما تحتفظ أميركا بممر آخر بعرض 4 كيلومترات لأغراض المساومة، ولتمديده في البلدات ذات الأغلبية العربية مثل تل أبيض ورأس العين.
 
ويشير تقرير صادر عن مجموعة الأزمات الدولية الأسبوع الماضي أن هناك 60،000 مقاتل من الإدارات الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في المنطقة، ومن غير الواقعي، وفق تقرير "عرب نيوز"، طرد هذه المجموعة الكبيرة من المقاتلين من الممر المزمع إقامته، كما تطلب تركيا من الولايات المتحدة.
 
اقتراح أميركي
 
ومن جهتها، ترغب تركيا في تمديد الممر على طول الحدود التركية السورية حتى الحدود العراقية، مما يجعل طوله حوالي 430 كم. وقد ذكرت وكالة أنباء بلاد الرافدين المؤيدة للأكراد، أنه تم التوصل إلى اتفاق في أنقرة للحفاظ على هذا الممر بطول 100 كم فقط، بحسب "عرب نيوز".
 
وبحسب هذا الاقتراح الأميركي، ستظل البلدات ذات الأغلبية الكردية تحت إدارة المجالس العسكرية المحلية، وسيتم إنشاء مراكز مراقبة تحت إشراف التحالف الدولي.
 
وقال وزير الخارجية التركي ميفلوت كافوسوغلو، مؤخراً في كلمة له: "تركيا لن تسمح للولايات المتحدة بقطع عملياتها شرق الفرات كما فعلت في منبج".
 
وركزت صفقة منبج بين تركيا والولايات المتحدة على انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من المدينة، ولكن سرعان ما توقفت العملية.
 
تضارب المصالح
 
ومن جهته، قال محمد أمين جنكيز، مساعد باحث في منتدى الشرق في إسطنبول، إن الرؤى التركية والأميركية حول المنطقة الآمنة لا تتداخل إلى حد كبير. ما تريد تركيا إنشاؤه هو منطقة آمنة، يمكنها من خلالها تقويض الآلية الإدارية والأمنية لـYPG ،PYD ،SDF  خطوة بخطوة. وفي المقابل، من وجهة نظر أميركية، يجب أن تكون المنطقة "منطقة عازلة" يمكنها من خلالها حماية PYD SDF"".
 
وأضاف جنكيز أن الجانبين سيحاولان إيجاد آليات لإدارة الاختلافات، فيما يتعلق بتفاصيل المنطقة الآمنة المخطط لها في شمال سوريا، وأن مركز العمليات العسكرية المشتركة مهم لتحقيق ذلك.
 
وقال: "إذا تم إنشاء المنطقة الآمنة على ثلاث مراحل، وإذا كان أمن المنطقة المقرر إنشاؤها ستوفره المجالس العسكرية المحلية، فستجد الولايات المتحدة فرصة لإصلاح العلاقات مع تركيا".
 
وفي حين أن الصفقة يمكن أن تساعد في تخفيف المخاوف الأمنية التركية، فإن الانتقال الحقيقي للسلطة إلى المجالس العسكرية المحلية من شأنه أن يساهم في مشروع توطين وحدات حماية الشعب الكردية، وتقليل اعتمادها على حزب العمال الكردستاني، وفق جنكيز.
 
وكان المسؤولون العسكريون الأميركيون، وصلوا مؤخراً إلى مقاطعة سانليورفا الحدودية في تركيا لإعداد المركز، وإقامة "منطقة آمنة" في شمال سوريا، ومعالجة المخاوف الأمنية لأنقرة على طول حدودها الجنوبية، حيث تعتبر تركيا وحدات حماية الشعب الكردية جماعة "إرهابية"، وفرعاً لحزب العمال الكردستاني الذي يقود تمرداً ضدها منذ أكثر من ثلاثة عقود.