الخوف الرسمي من العقوبات ليس على الوطن كدولة وككيان بل الخوف على المصالح الخاصة وعلى الشركات الخاصة وعلى الرساميل الخاصة، الخوف هو على مصالحهم.
 
تنشغل الاوساط السياسية والإعلامية  اللبنانية بزيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الولايات المتحدة الأميركية ولقاءاته هناك، والتي طغت عليها مسألة العقوبات الاميركية على حزب الله ومحاولات تجنيب لبنان الرسمي هذه العقوبات نظرا للوضع الإقتصادي الصعب الذي يمرّ به، إلا أن ما يتسرب من هنا وهناك عن عقوبات جديدة ضد حلفاء لحزب الله ظهر اكثر لتداعياته المباشرة على بعض الزعامات والقيادات فيما لو اتخذت الإدارة الاميركية هذا القرار.
 
لا شك أن العقوبات الاميركية بكل أشكالها لها تداعياتها السياسية والاقتصادية والمالية المباشرة على لبنان الرسمي والشعبي، إلا أن الإهتمام الرسمي والإعلامي طغى على هذه الأخبار في الوقت الذي يشهد لبنان الشعبي المزيد من الإنهيارات على المستوى المعيشي والخدماتي والبيئي والصحي والمزيد من الفلتان الأمني دون اي اهتمام يذكر رسميا وشعبيا وحتى من قبل أحزاب الأمر الواقع في نطاق سيطرتها وتواجدها النيابي والبلدي، وكأن كل الجمهورية أعلنت الإستنفار السياسي والدبلوماسي لمواجهة العقوبات الخارجية فيما العقوبات التي يتعرض لها المواطن اللبناني خارج أي اهتمام.
 
الحدث الابرز في نهاية الاسبوع الفائت الذي مرّ مرور الكرام ما انتشر عن حوادث السير خلال ايام التي ذهب ضحيتها ثلاثة قتلى وعدد كبير من الجرحى دون أي التفاتة على المستوى الرسمي ودون أي أفق للمعالجة الرسمية من المؤسسات المعنية، ودون أي توعية حول مشاكل السير في لبنان .
 
 
 أضف إلى ذلك الملفات التي لا تزال عالقة دون أي بادرة للحل من أزمة النفايات الى الكهرباء إلى التلوث البيئي والأهم من كل ذلك الوضع المعيشي المأساوي.
 
الخوف ليس على لبنان واللبنانيين والخوف ليس على الشعب اللبناني الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة، الخوف الرسمي من العقوبات ليس على الوطن كدولة وككيان بل الخوف على المصالح الخاصة وعلى الشركات الخاصة وعلى الرساميل الخاصة، الخوف هو على مصالحهم والتسويات التي يجري الحديث عنها في واشنطن هي محاولات لإبقاء الوضع على ما هو عليه طالما لم تتضرر المصالح الشخصية للاحزاب ولرؤساء الاحزاب ولصقور العهد ورجالاته الأبطال الذين اعلنوا مقاومين كذبا وزورا .
 
تبقى الإشارة إلى أن المواطن اللبناني ما زال وسيبقى ضحية الكذب والنفاق السياسي في أعلى مستوياته، وهم اليوم يثبتون ذلك باستنفارهم ضد العقوبات ومواجهتها بأي ثمن لأنها تضر جيوبهم ومصالحهم، فيما تستمر العقوبات على أشدها على المواطن اللبناني الذي لا حول له ولا قوة وجل ما يقوم به هو الصراخ والعويل على التواصل الاجتماعي من جهة والتصفيق لخطابات الزعماء من جهة ثانية .