سمع الحريري من المسؤولين الأميركيين ان الأموال التي يدفعها المواطن الأميركي كضرائب ليست للإنفاق على لبنان بما يساعد حزب الله بأي شكل من الأشكال، وان استمرار هيمنة حزب الله على لبنان ستحجب عن لبنان أموال المساعدات.
 
ذكرت مصادر لبنانية تابعت زيارة رئيس الحكومة إلى واشنطن إن ما استمع إليه الحريري من المسؤولين الأميركيين يوحي بأن أجواء البيت الأبيض غير مرتاحة للمسار الذي تنتهجه الحكومة اللبنانية حيال حزب الله. وتلفت مصادر سياسية إلى أن موقف واشنطن الجديد كان لافتا وهو يعبر عن اختلاف مقاربة إدارة ترامب عن إدارة أوباما، إلا أنه يحتاج إلى سلسلة إجراءات وقرارات تكميلية تعيد تصويب توازنات داخلية رجحت لصالح إيران وحزب الله بسبب الفراغ الذي تركته سياسة اللاقرار التي اعتمدتها واشنطن والعديد من حلفائها الغربيين في العالم حيال لبنان.
 
 وكان حزب الله قد تعمّد تفخيخ زيارة الحريري إلى واشنطن حين أعلن قبل ساعات على لقاء الحريري مع بومبيو بعد سلسلة اجتماعات عقدها مع مسؤولين كبار في واشنطن، عن برقية وجهها أمينه العام حسن نصرالله الى وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، تضامنا معه على خلفية فرض الإدارة الأميركية عقوبات شخصية عليه. ووجه الحزب من خلال هذا الإعلان رسالة مزدوجة إلى الحريري وإلى واشنطن على السواء، في وقت ما زال الحريري يسعى فيه إلى التموضع في موقع وسطي بين ضغوط المجتمع الدولي وشراكته مع حزب الله داخل الحكومة التي يترأسها في لبنان.
 
السؤال الاساسي في هذه المرحلة .ما هي طبيعة المشهد السياسي في البلد بعد زيارة واشنطن؟ .
 
 تمر البلاد في هذه الايام بنوع من الهدوء وهذه مسألة ايجابية في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها لبنان والمنطقة والتي تهيمن عليها حال من التوتر على مستوى المنطقة وفي الداخل العقوبات الاميركية التي تشكل سيفاً مسلطاً فوق الرؤوس والتي عبر عنها الرئيس الحريري إثر لقائه بومبيو  ان موضوع العقوبات قرار لا رجعة عنه وامه من الصعب تجاوزها خصوصاً انها مدعومة من الكونغرس . 
وهذا ليس جديداً بأن هذه العقوبات سيكون لها تداعيات كبيرة إذا طالت حلفاء حزب الله. في الواقع فإنّ للحزب حلفاء عديدين في لبنان إلاّ أنّ العقوبات المزمع فرضها على الحلفاء ستستهدف التيار الوطني الحر في الدرجة الأولى. والولايات المتحدة الأميركية لا تكنّ مودة للرئيس ميشال عون.
 
 
 وهذا موقف أميركي يبدو ثابتاً وإن تغيرت الإدارة الأميركية أشخاصاً وأحزاباً، وإنّ تناوب على البيت الأبيض رؤساء سيّان أكانوا جمهوريين أم ديموقراطيين.
 
وللتذكير فإنّ واشنطن وقفت، بقوّة، ضد الجنرال ميشال عون منذ أن دخل قصر بعبدا رئيساً للحكومة في آخر عهد الرئيس أمين الجميل إلى أن عاد إليه رئيساً للجمهورية قبل نحو ثلاث سنوات.
سمع الحريري من المسؤولين الأميركيين ان الأموال التي يدفعها المواطن الأميركي كضرائب ليست للإنفاق على لبنان بما يساعد حزب الله بأي شكل من الأشكال، وان استمرار هيمنة حزب الله على لبنان ستحجب عن لبنان أموال المساعدات ضمن سيدر أو خارجه. وسمع ان ترسيم الحدود البحرية والبرية مع اسرائيل سيلقى مساعدة الولايات المتحدة كي يستفيد لبنان من نفطه وغازه في المتوسط، إنما بشرط أن تكون الدولة اللبنانية وحدها هي التي تسيطر على البلاد، وليس حزب الله ولا إيران. 
 
كما سمع انه ليس مسموحاً لأيٍّ كان أن يكون حليفاً لـ حزب الله بلا محاسبة وعقوبات، أو أن يكون شريكاً سياسياً يوفّر له الغطاء. بكلام آخر، وصلت الرسالة الأميركية بأن حتى حلفاء واشنطن لن يكونوا معفيين إذا ظنوا أنهم صمّام الأمان لمنع انهيار لبنان فيما هم في نظر حزب الله صمّام الأمان للحزب طالما هو جزء من الحكومة بموجب التسوية التي أوصلت سعد الحريري الى رئاسة الحكومة . 
ففي ظل هذه المعطيات الوسط السياسي اللبناني يترقب بكثير من القلق والحذر نتائج زيارة رئيس الحكومة لواشنطن وانعكاساتها على اوضاع لبنان الداخلية السياسية والاقتصادية، خصوصاً ان هناك إصرار من الادارة الاميركية نحو مزيد من الضغوط والعقوبات على لبنان وأنها قد تشمل حلفاء الحزب في الحكومة اللبنانية،
والقلق والخوف من أن تعمد الادارة الاميركية الى استصدار قرار اميركي يُربك لبنان ويُدخله مجدداً في آتون صراع وتوتر سياسي كبيرين، من ضمن الضغوط الاميركية على ايران وحزب الله وحلفائه، خصوصاً أن الرئيس الاميركي دونالد ترامب لا يراعي أي وضع أو ظرف خاص يمر به لبنان، ورجحت مصادر إن الحريري سينقل أجواء واشنطن إلى عون وباسيل بعد عودته إلى بيروت وأنه تعمد تأكيد وجود نقاش حول فرض عقوبات على حلفاء حزب الله في محاولة لتنبيه شركائه داخل الصفقة الرئاسية إلى التطور المتشدد لموقف واشنطن حيال حزب الله ولبنان. الامر الذي يخشى معه ان تكون المرحلة المقبلة مرحلة كباش سلبي سينعكس حكما بشكل سلبي على المشهد السياسي .