ان التعددية داخل الطائفة وراء ثنائية الحزب والحركة موجودة منذ عقود عبر جماعة السيد فضل الله على الحد الأدنى. فإذن هناك مكون آخر يختلف عن الحزب والحركة.
 

خلافا لعادته في المناسبات الوطنية والنضالية وخاصة لإحياء ذكرى انتصار حرب تموز الذي يمثل انتصارا وطنيا  تطرق أمين عام حزب الله السيد نصر الله خلال الاحتفال الاخير لذكرى حرب تموز إلى مواضيع كان في غنى عنها. فانه اكد على الوكالة الحصرية للطائفة الشيعية في لبنان تقتصر على حركة أمل وحزب الله وليس هناك أي مكون يحق له تمثيل تلك الطائفة وبل ان هناك من لا يمثل الا نفسه وحتى السائق الذي يعمل لديه لا يؤمن به و....


هناك مجموعة من الملاحظات على هذا الكلام. أولا لم يكن ينبغي لأمين العام ان يحرف مناسبة انتصار حرب تموز من التركيز على الكيان الصهيوني الذي يشكل المصدر الاول لتهديد الأمة الإسلامية والدول العربية وخاصة لبنان. فإن من يقدر على هزيمة اسرائيل بطبيعة الحال هو قادر على حسم اي معركة في الداخل. خاصة عند ما يكون الطرف الآخر هو شخص واحد لا يمثل إلا نفسه! 


ثانيا: حرية التعبير هي حق للجميع وقد أكد الإمام الخميني على ان النقد والتخطئة نعمة إلهية ولا أحد يكون فوق النقد. 


ثالثا: اذا يكون الكيان الصهيوني هو مصدرا للقلق فهذا معقول ومنطقي حيث انه يمتلك قوة عسكرية وإعلامية هائلة ولكن عند ما يعارضك شخص لا يمثل الا نفسه فهذا لا يستحق أن يصبح مصدرا للقلق عندك. 


رابعا: المطلوب هو التعددية حتى داخل بيت واحد وأسرة واحدة عند ما يكون الهدف الإصلاح. 


خامسا: العقلية التي تقف وراء تصريحات أمين العام التي اشرت إليها تنافي عقلية المرشد الأعلى الإيراني آية الله خامنئي الذي يحرص دوما على توحيد الصفوف بين المحافظين والاصلاحيين في الداخل وتوجيه اتهاماته على الأعداء الأجانب وتنبيه الشعب بأن لا ينحرف عن القضايا الرئيسية ( معارضة الشيطان الاكبر واسرائيل) ووصل هذا الحرص ذروته عند ما طلب خامنئي من جميع معارضيه المدنيين الذين لا يعترفون بالجمهورية الإسلامية أن يدلوا بأصواتهم عبر صناديق الاقتراع من أجل إيران وليس من اجل الجمهورية الاسلامية. ولم يقلل آية الله خامنئي من حجم الملكيين والشيوعيين والملحدين ولم يقل انهم شردمة قليلون ولا يمثلون شيئا او انهم منفخون. ان اعتراف خامنئي بمعارضيه وطلبه منهم للمجيئ إلى صناديق الاقتراع لم يخفف من شعبيته وقوته. انه لم يقل لهم لا يمثل الشعب الإيراني إلا الإصلاحيين والمحافظين وعلى الآخرين ان يذهبوا إلى جهنم!


خامسا: المنطق الذي استخدمه امين العام خلال تلك التصريحات المذكورة آنفا يثير القلق فيما يتعلق بتصرفه مع قسيمه او شريكه وما يقوي هذا القلق هو الماضي الدامي الذي يخيم عاى علاقات هدا المكونين الرئيسبين الذين يمثلان الطائفة الشيعية. فهل يصدق احد أن هذه العقلية هي التي تماشت مع شريكها وشاركت وتقاسمت معه بكل محبة طيلة ثلاثة عقود لو لم يكن هناك برهان المرشد الأعلى الإيراني الذي ردع فعلا حليفه اللبناني من الدخول في اي معركة مع حركة أمل. 


ان التعددية السياسية في إيران لم تدفع المرشد الأعلى خامنئي إلى توجيه الاتهامات للاطراف التي لا تنسجم مع مواقفه مائة في المائة او الإساءة اليهم. فما هو سر غضب نصر الله على من لا يمثل إلا نفسه؟
ينبغي على السيد أن يحتذي بالمرشد الأعلى ويسيطر على اعصابه ويتحمل التعددية ان لم يشجعها. ان التعددية داخل الطائفة وراء ثنائية الحزب والحركة  موجودة منذ عقود عبر جماعة السيد فضل الله على الحد الأدنى. فإذن هناك مكون آخر يختلف عن الحزب والحركة.

علي الفارسي