إذا كان رئيس الوزراء سعد الحريري تعمد لغة الصراحة  التامة في ايضاح نقاط الاتفاق ونقاط التباين مع الجانب الاميركي وتحديداً في موضوع العقوبات الاميركية على "حزب الله"، فان هذه الصراحة بدت انعكاساً لنجاح المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو والمسؤولين في الخارجية ووزارة الخزانة الاميركية في "تحييد" أو "عزل" ملف العقوبات عن الدعم الاميركي للاستقرار الاقتصادي من جهة وللانخراط أكثر في وساطة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل من جهة أخرى.

 

وبيّنت المعطيات المتوافرة عن محادثات الحريري في واشنطن ان الاخيرة ترغب فعلا في الحفاظ على الاستقرار الداخلي بدليل تجديد الالتزامات الاميركية للمضي في برامج الدعم العسكري والتسليحي للجيش اللبناني والاستعدادات الثابتة للانخراط في بعض المشاريع الاستثمارية المتصلة بمقررات مؤتمر "سيدر" كما في تفعيل قريب جداً للوساطة الاميركية في ملف ترسيم الحدود الذي بدا الرئيس الحريري متفائلاً بامكان ان يبلغ نتائج ملموسة في ايلول المقبل. وفي المقابل أكدت المعطيات ما لمح اليه الحريري نفسه بصراحة من ان الموقف الاميركي من العقوبات غيرقابل لاي تعديل.

 

وصرح الحريري بأنه سمع من الإدارة الأميركية كل الدعم للجيش اللبناني، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي جدد خلال اللقاء الذي جمعه واياه الخميس دعم بلاده للبنان سياسياً واقتصادياً، من خلال مؤتمر "سيدر" والمؤسسات الدولية، وتطبيق الإصلاحات التي تعهدتها الحكومة، كما أعرب عن حرص الولايات المتحدة على مواصلة العمل على حل مسألة تحديد الحدود البرية والبحرية. وشدد على "أن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني مستمرة، وهذا أمر محسوم، ونحن اليوم في إطار التفاوض في شأن مساعدات مالية واقتصادية". وعن العقوبات الأميركية على "حزب الله" قال: "نحن لا يمكننا أن نغير وجهة نظر الإرادة الأميركية في ما خص هذه العقوبات، لكن ما نحاول القيام به هو تجنيب لبنان أي تبعات في هذا الخصوص".

 

وأضاف: "في ما يخص هذه العقوبات، فإنها في رأيي لا تفيد بشيء، لكنهم بالتأكيد سيتشددون في كل ما يتعلق بإيران ومن يساعدها ويتواصل معها، وقد شرحنا لهم وجهة نظرنا بضرورة تجنيب لبنان تبعات هذه العقوبات، وأعتقد أن رسالتنا وصلت بشكل جيد". اما الجانب الاشد اثارة للاهتمام في إمكان أن تطاول العقوبات حلفاء لـ"حزب الله"، والمعني بهم "التيار الوطني الحر"، فقال عنه الرئيس الحريري: "هذا الحديث يتم في الكونغرس في أكثر الأحيان، وكانت هناك محاولة في العام الماضي لوضع نص من هذا القبيل في الكونغرس، ولا شك أن هذا الكلام يتم تداوله أكثر مما هو حقيقة، لكني لا أرى أننا يمكن أن نصل إلى ذلك".

 

ومعلوم ان بومبيو كان أكد استمرار بلاده في "دعم المؤسسات اللبنانية التي تتمتع بصدقية داخل لبنان، وهي ضرورية للمحافظة على استقرار وأمن وسيادة لبنان، ولتوفير كل حاجات الشعب اللبناني، وهي ضرورية أيضا لرد فعّال على التحديات السياسية والإنسانية والاقتصادية الموجودة في لبنان". وقال: "هذه المنطقة مهددة من إيران، وهذا الشعب مهدد بما يقوم به نيابة عنها حزب الله. ونحن نقدر الالتزام الشجاع لرئيس الحكومة لتحمل كامل المسؤولية في الدفاع عن لبنان وفي القيام بالإصلاحات الضرورية التي ستفتح المجال لتعزيز الاقتصاد اللبناني... أننا ممتنون أيضا لتصريح رئيس الوزراء في ما يتعلق بالالتزام لمتابعة النقاط المتبقية والمتعلقة بالخط الأزرق والحدود البحرية اللبنانية - الإسرائيلية، ونحن مستعدون للمشاركة كمسهلين ووسطاء أيضا، ونأمل أن نرى أيضا نتائج حسية لهذه المناقشات، وهو ما سيكون ذا فائدة كبيرة للبنان وللمنطقة ككل".