ليس بالانتصار العسكري وحده نبني دولة وليس بالانتصار العسكري وحده نبني الجيل والوطن .
 
في الرابع عشر من شهر أب  صدر قرار مجلس الأمن الدولي بوقف الأعمال الحربية في جنوب لبنان عام 2006 بعد ثلاثة وثلاثين يوما من حرب طاحنة أرادها العدو الأسرائيلي ردا على ما سمي حينذاك عملية الوعد الصادق.
 
انتهت هذه الحرب بتدمير شبه كامل للبنية التحية اللبنانية وتدمير بنية الإقتصاد اللبناني بالاضافة إلى خسائر كبيرة ما زال اللبنانيون يدفعون ثمنها حتى اليوم.
انتهت هذه الحرب وأعلن يومها ما يسمى بالانتصار الالهي بالرغم من كل المشاهد البشعة التي سببتها هذه الحرب.
 
 وبعيدا عن النقاش في مفهوم الانتصار كمصطلح وكثقافة وما تلاه لاحقا من تكريس ثقافة الانتصار بعيدا عن  معناه الحقيقي في الاستراتجيات العسكرية، وبروز مقولة "ولى زمن الهزائم وجاء زمن الإنتصارات" فإن من ضرورات القول اليوم ماذا فعلنا بكل هذه الانتصارات منذ عام 2000 مرورا بعام 2006 حتى اليوم ؟ 
 
إقرأ أيضًا:" جمهورية الصّبيان "
 
 
مما لا شك أن الشعب اللبناني هو صاحب الانتصار الحقيقي لوقوفه إلى جانب المقاومة ولتضحياته وهو أيضا ضحية هذه الانتصارات حيث  لم تتحول الانتصارات بالرغم من اعتبارها انتصارات الهية إلى تحرير الانسان اللبناني من البؤس الحرمان والواقع المعيشي والبيئ الصعب. 
 
فماذا قدمت هذه الإنتصارات للشعب الذي استشهد وضحى وقدم الغالي والنفيس في سبيلها وشارك فعليا في تحقيقها  بالالتفاف حول المقاومة ومشروعها من جهة وبالتضحيات الجليلة التي قدمها وما يزال من جهة ثانية.
 
الانتصار بوصفه محطة وفرصة لتعزيز الحضور السياسي،  هو في مكان آخر أكثر أهمية وهو طريق نحو تعزيز الروح الوطنية والإنتماء الوطني  وتحرير الانسان من البؤس والحرمان والفساد بكل أشكاله والتردي المعيشي .
 
ولكنّ ما يحصل أن هذه الانتصارات لم يرد منها إلا اهدافها السياسية ولم يسخرها أصحابها إلا في مشاريع محددة تتصل بالخارج أكثر من الداخل فبقيت اسيرة دون أي مفعول داخلي دون اي استغلال باتجاه المصلحة العامة الأكثر إلحاحا لا سيما في هذه المرحلة الخطيرة التي تمر بها البلاد على الصعيد الاقتصادي والمالي والمعيشي والبيئي.
 
وبقي شعب المقاومة كله في الشعوب الأكثر بؤسا وفقرا وحرما من الجنوب الى البقاع وبيروت والضاحية.
 
نحن نريد أن ننتصر على الفقر والإهمال والحرمان والفساد المالي والاداري والسياسي.
نحن  نريد أن ننتصر على المحسوبيات والمخالفات لتبقى القوانين هي المرجع الحكم .
نريد أن ننتصر في صناعة وطن يحكمه القانون بعيدا عن الطائفية والمذهبية والزعامة . 
نريد أن ننتصر في بناء وطن قائم على المحبة والحوار والتلاقي وقبول الرأي الآخر بعيدا عن لغة التخوين .
 
نريد أن ننتصر على عدونا الإسرائيلي ايضا  بتكريس  دولة القانون والمؤسسات والمحاسبة  لنكون على قدر عال من التحدي والمواجهة ولنستعد أكثر لهزيمة هذا العدو بالفعل وليس بالقول والشعارات فقط.
 
ليس بالانتصار العسكري وحده نبني دولة وليس بالانتصار العسكري وحده نبني الجيل والوطن .