وظلّ لافتاً إغفال خليل، عن قصدٍ ربما، مسؤولية حزب الله وسلاحه عن حال البلاد المأساوية، كذلك المسؤولية المباشرة للتيار الوطني الحر وحرتقات رئيسه السياسية والإعلامية وفرض نظام المحاصصة،
 
ظهر إسم حسن خليل على الساحة السياسية والإعلامية اللبنانية قبل عدة سنوات، كناشرٍ لصحيفة الأخبار اللبنانية الموالية لحزب الله اللبناني،  وذهب البعض لاعتبارها الناطق الإعلامي للحزب، وليظهر في ما بعد كخبير إقتصادي في مقابلات تلفزيونية وكناشط سياسي لامع، وليُعلن فيما بعد عن قطع علاقته بصحيفة الاخبار، ومن ثمّ راح يُصلي الطبقة السياسية الحاكمة ألسنةً حِداداً بما يتصل بقضايا الفساد ونهب المال العام والاثراء غير المشروع وصرف النفوذ وتكديس الثروات وسوء الادارة العامة للدولة، ممّا أوصل البلد إلى حال الخراب الحاصل والذي ينذر بانهيار مالي واقتصادي وشيك، وخلال اليومين الماضيين خرج السيد خليل على اللبنانيين بمقالة بليغة ولافتة وجارحة، وصف فيها جمهورية العهد " القوي" بجمهورية " التّنك"، ومعروفٌ أنّ معدن التنك يُشير غالباً للرّكاكة والليونة والعطب، بخلاف المعادن الصّلبة والشريفة، ومن هشاشة دولة التنك أنّ الجمهورية بكاملها تترقّب ببالغ القلق والتوتر تقرير وكالة التصنيف الدولية " ستاندرد اند بورز "، وامعاناً في إذلال مسؤولي هذه الجمهورية، يذهب خليل إلى أنّ المسؤولين باتوا جميعاً بانتظار " ذهبية غويتا"، وذهبية هذه هي موظفة عادية في وكالة التصنيف المعنية بتقييم وضع دولة التنك المالية، ليغدو بلد العجائب والاشعاع والحضارة وسويسرا الشرق ونقطة الوصل بين الشرق والغرب مرهوناً بيد موظفة أجنبية( ولمزيدٍ من هول المفارقات أنّ "ذهبية" ليست غربية شقراء، بل من بلاد الهند النامية)، وفي خضمّ انتظار تقرير ذهبية في ٢٣ آب الحالي، يأمل المسؤولون أن يكون وقع التقرير برداً وسلاماً على قلوبهم، مُتجاهلين ٢٥ سنة كاملة من النهب والسلب والسرقة واستباحة المال العام( ١٣٠ مليار دولار دَين وعجز تجاري بخمسة عشر مليار دولار )، ليستفيض خليل بعد ذلك في فضح موبقات ومساوئ الطبقة السياسية الحاكمة والقوى المساندة لها: تلويث البيئة برّاً وبحراً ونهراً، استباحة مؤسسات الدولة المنتجة ونهبها في الريجي والكازينو والخليوي واوجيرو والمرفأ والمطار والجمارك والدوائر العقارية والبلديات، وتسليط صناديق المجالس للإبداع والابتكار في تبديد الأموال العامة، من مجلس الإنماء والاعمار إلى مجلس المهجرين ومجلس الجنوب والهيئة العليا للإغاثة.
 
 
يخلص خليل بعد عرض أوضاع البلد المأساوية فيُناشد ذهبية أن تبقى أمينة للأرقام، لأنّ الأرقام ليست وجهة نظر،  ومن نِعم الله تعالى على عباده أنّ الأرقام لا تستُر العيوب، بل تفضح حيث تقتضي لُغتها الفضيحة، وتُشيد حين تنطق  حقائقها بالمكارم.
 
في ثنايا مقالة خليل  الجارحة بحقّ الحكّام الحاليين والذين منحهم هذا الشعب الصابر ثقته منذ عامٍ مضى فقط، يتساءل خليل عمّن يقع اللوم ويتحمّل المسؤولية؟ هل هم أهل السُّنّة، أم حركة المحرومين، أم هم الموحّدون، ومار مارون ومار نقولا؟، وظلّ لافتاً إغفال خليل، عن قصدٍ ربما، مسؤولية حزب الله وسلاحه عن حال البلاد المأساوية،  كذلك المسؤولية المباشرة للتيار الوطني الحر وحرتقات رئيسه السياسية والإعلامية وفرض نظام المحاصصة،  وهذا ربما يعود إلى أنّ الخبير الاقتصادي والاجتماعي والإعلامي والسياسي خليل ما زال أميناً لتوجهات صحيفة الأخبار الموالية لحزب الله،  وصوناً ربما لتماسك البيئة الحاضنة للحزب والمقاومة،  لا سيّما أنّ رئيس كتلة الوفاء للمقاومة كان قد حذّرنا منذ يومين فقط من نوايا الاحتلال الإسرائيلي بضرب لبنان والمقاومة،ونبّه الجميع إلى ضرورة التزام الصمت والهدوء والسكينة وعدم " تعكير الأجواء"، لتتفرغ المقاومة لمواجهة العدو الصهيوني وقهره، وهذا يعود بالذاكرة لاقطاب القومية العربية( رحمهم الله وأحسن إليهم) الذين لطالما ردّدوا عند احتدام الصراع مع العدو الصهيوني: لا صوت يعلو فوق صوت المعركة.