وصل رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، فجر أمس، إلى واشنطن، في مستهل زيارة للولايات المتحدة يلتقي خلالها (يوم الخميس المقبل) وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، وعدداً من المسؤولين الأميركيين، حسبما جاء في بيان صادر عن مكتبه في بيروت.
 
واكتفت مصادر الحريري بالقول لـ«الشرق الأوسط»، إن موعد الزيارة كان محدداً في وقت سابق، و«ستكون مناسبة للقيام بجولة أفق حول الوضع العام في لبنان والمنطقة، وما يتعلق بالعلاقات الثنائية بين البلدين».
 
من جهته، قال نديم المنلا، مستشار الحريري، لـ«الشرق الأوسط»، إن زيارة رئيس الحكومة إلى واشنطن هي في الأساس خاصة، ولا جدول أعمال لها، لكنه سيعقد على هامشها لقاءات مع المسؤولين الأميركيين لوضعهم بأجواء الأوضاع اللبنانية، وليسمع منهم وجهة نظرهم».
 
وحسب أوساط أميركية، فإن ملف «حزب الله» يتوقع أن يكون على رأس جدول مباحثات الحريري مع المسؤولين الأميركيين، في ظل الضغوط المتصاعدة والمتواصلة التي تفرضها واشنطن على قيادات الحزب وعلى شبكاته وأنشطته المالية، سواء في الولايات المتحدة أو في أميركا اللاتينية وفي لبنان أيضاً.
 
غير أن تلك الأوساط اعتبرت أن ممارسة واشنطن لضغوط مكثفة على الحريري، في هذا الملف، قد لا تكون حكيمة أو مجدية، نظراً إلى الوضع المعقد الذي تعمل فيه حكومته، واختلال ميزان القوى بين الأطراف اللبنانية لمصلحة «حزب الله»، الحاكم الفعلي للبنان، واختلال القاعدة السياسية التي يستند إليها الحريري في ظل الأزمات التي يواجهها.
 
في المقابل، قالت أوساط توصف بأنها «متشددة» في واشنطن، إن ممارسة الضغوط على الحكومة اللبنانية «ضرورية لوضع كل الأطراف أمام مسؤولياتهم، في مواجهة الدور الذي يقوم به (حزب الله)، الذي لا يعبأ بالأكلاف التي يمكن أن يتحملها اللبنانيون جراء سياساته وتدخلاته في الأزمات الإقليمية، بعدما تحول إلى أداة رئيسية في يد إيران»، حسب تلك الأوساط.
 
كانت أوساط إعلامية أميركية قد أشارت إلى أن إدارة الرئيس دونالد ترمب، ترغب في فرض المزيد من الضغوط على المؤسسات المالية اللبنانية للتأكد من تطبيقها للشروط والعقوبات المفروضة على «حزب الله». وحسب تلك الأوساط، سيتم التشديد أيضاً على ضرورة التزام لبنان بالعقوبات المفروضة على إيران، ومنعها من استغلال مؤسساته السياسية والمصرفية والتجارية للالتفاف على تلك العقوبات.
 
وسيحظى ملف الدعم الأميركي للجيش اللبناني باهتمام خاص، خصوصاً أن واشنطن تولي أهمية قصوى للحفاظ على أمن المناطق الحدودية بين لبنان وسوريا. وتسعى الولايات المتحدة لمنع عودة ظهور تنظيم «داعش»، في الوقت الذي تعمل فيه على ضمان مشاركة القوى المحلية والإقليمية في تولي مهمة التأكد من عدم عودة التنظيم للظهور مجدداً في حال انسحابها من سوريا.
 
ويطرح عدد من أعضاء مجلس الشيوخ خطاً أكثر تشدداً بخصوص الدور الذي يلعبه الجيش اللبناني في مواجهة نفوذ «حزب الله». ويدعو بعض الأوساط، الإدارة الأميركية، إلى ممارسة ضغوط أكبر على الجيش اللبناني لحضه على فرض سيطرته على المرافئ والمعابر الحدودية، ووقف التهريب والأموال التي يجنيها «حزب الله» جراء سيطرته عليها، وهو ما كان محط قرارات أخيرة صدرت عن وزارة الخزانة الأميركية بحق قياديين من «حزب الله»، بينهم أعضاء في مجلس النواب اللبناني.
 
ومن بين الملفات التي يتوقع أن يتم بحثها، ملف الوساطة التي تقوم بها واشنطن بين لبنان وإسرائيل لترسيم الحدود البحرية بينهما، لضمان تنظيم استغلال حقول الغاز المكتشفة في البحر المتوسط.
 
وكان مساعد وزير الخارجية الأميركي لموارد الطاقة فرانسيس فانون، قد التقى رئيس الوزراء سعد الحريري، في بيروت، حين قام بجولة شملت اليونان والأردن وقبرص، ناقش فيها خطط لبنان لإصلاح قطاع الكهرباء وتطوير موارد الطاقة ودعم الولايات المتحدة لجهوده في هذا المجال.
 
وتأتي زيارة الحريري لواشنطن في وقت طُرحت تساؤلات حول الاستقرار الحكومي في لبنان بعد الحادثة التي جرت في بلدة قبرشمون، التي كادت تؤدي إلى تطورات أمنية خطيرة في منطقة الجبل بين الدروز أنفسهم، ومع المسيحيين، في تذكير بالظروف التي عاشها لبنان خلال الحرب الأهلية في سبعينيات القرن الماضي. وأصدرت السفارة الأميركية في بيروت بياناً نادراً، الأسبوع الماضي، دعت فيه كل الأطراف إلى الابتعاد عن تسييس القضاء، لتمكينه من متابعة ملف حادثة قبرشمون، وإلى الحفاظ على السلم الأهلي.