نحن أمام إستحقاق استثنائي في بلد علماني و مجتمع اسلامي و على ضوء الانتخابات الرئاسية ستتضح صورة الوضع المأساوي في تونس في ظل كساد سياسي و اقتصادي و بطالة متكدسة
 
لأوّل مرة ترشح جماعة الإخوان في حزب النهضة الغنوشية مرشحاً لرئاسة الجمهورية بعد أن اكتفت في السيطرة على البرلمان واختبأت خلف رؤوساء غير مأخونين مخافة الوقوع في فخ الإصطياد كما حصل مع جماعة إخوان مصر و كما حصل مع إخوان السودان وكما هو حالهم في ليبيا حيث هناك من يحول بينهم و بين الوصول الى الحكم باستقرار يعطي جماعة المرشد أحقية قيادة البلاد والعباد باعتبارهم من المفوضين بأمر الأمّة و بأمر مباشر  من الله .
 
حسمت النهضة أمرها بقرار فوقي من مرشدها راشد الغنوشي الذي سمّى نائبه عبد الفتاح مورو مرشحاً لإنتخابات الرئاسية في شهر أيلول بعد أن أخذ الله و ديعته في الرئيس الباجي قايد السبسي الذي كان دسستورياً لا دينياً . و يبدو أن توصل النهضة الى قرار غير مفاجىء بخصوص الرئاسة التونسية قد وضع تونس داخل دار الحرب لأن الإسلام السياسي يسقط كل ما يتصل بدار السلام ولا يعير اهتماماً إلاّ لدار الحرب وما يستلزم من جهاد مفتوح ضدّ الداخل بإلزام التونسيين في العودة الى إسلامهم وترك الكفر تماماّ كما هي نظرية تكفير المجتمع عند أميرهم  سيد قطب .
 
لا شك بأن النهضة قد اختبرت مسبقاً مواقف الغرب من وصولها لرئاسة تونس وأنها أمّنت ما يشبه عدم الإعتراض الفرنسي على ذلك بعد أن استمزجت آراء الولايات المتحدة الأميركية و التي تعتمد على علاقة الإخوان الأكثر من إيجابية مع بريطانيا حيث ينعم الإخوان بدفء الثلوج في المملكة المتحدة . وتبدة تجربة الإخوان في البرلمان و في الحكومة مقبولة بالنسبة للغربيين لذلك تجرأت النهضة على التقدم الى رئاسة الجمهورية بمرشح معروف هو من خاض غمار التجربة السياسية لحزب النهضة في البرلمان التونسي خصوصاً .
 
 
اذا لم يعترض التونسيون  على مرشح الإخوان و رضيوا بدخول النهضة الى المحظور الرئاسي فهذا يعني أن ثمّة فرصة مؤاتية لتمكين الإخوان من السلطات كافة و هذا ما يجعل البلاد خاضعة وخاشعة للمرشد بحيث تتم السيطرة على الحكومة بعد الرئاسة و هنا تنتفي مسؤولية القوى التونسية غير الإسلامية  و تذهب ريح العلمنة عن تونس التي ترعرعت وسط ثقافة إسلامية معلمنة لا مأخونة كما تسعى جماعة إخوان المسلمين .
 
وعدم الإعتراض سيجعل من سكوت الغرب تأييداً لتجربة الإخوان في الحكم كما فعلوا في مصر حيث تجاوبوا مع خيارات المصريين الإخوانية و لم يهضم الغرب فكرة الإنقلاب على إخوان مصر بتشجيع مباشر من خيار المصريين الواضح في صناديق الإقتراع لصالح تيار الإخوان .
 
نحن أمام إستحقاق استثنائي في بلد علماني و مجتمع  اسلامي و على ضوء الانتخابات الرئاسية ستتضح صورة الوضع المأساوي في تونس في ظل كساد سياسي و اقتصادي و بطالة متكدسة و ثمّة إشارات تونسية متخوفة من وصول النهضة الى قصر الرئاسة خاصة و أن المال القطري جاهز لخوض الإنتخابات الى جانب الإخوان و هذا ما سيدفع بدول خليجية أخرى الى وضع سد منيع أمام الإخوان بواسطة ضغوطات متعددة تبدأ بالأموال و لاتنتهي عند التوسط لدى فرنسا و أميركا لفرملة اندفاعات الإخوان نحو الرئاسة للحدّ من نتائج سيطرة الإخوان على السلطويات العربية .