لماذا تراجع فريق باسيل_ حزب الله عن لغة التصعيد والوعيد؟
 
أولاً: زفرة ارتياح ودمعة حُزن...
لن ننسى غداة مصالحة قبر شمون التي حصلت بالأمس في قصر بعبدا برعاية رئيس الجمهورية وحضور كلٍّ من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء والزعيمين الدرزيين وليد جنبلاط وطلال ارسلان، من إطلاق زفرة ارتياح وفرَج بعد طول ضيقٍ لأكثر من شهر، ودمعة حزن على ما تبقّى من هيبةٍ للمنظومات القضائية والأمنية والمؤسسات الدستورية في لبنان الكبير، مع تغليب مشاعر الإرتياح والغبطة بما آلت إليه أمور أقطاب المحاصصات الطائفية والسلطوية وتوزيع المغانم بعودة مجلس الوزراء للاجتماع ومعالجة الملفات المالية الخانقة والتي يُنذر انفجارها بكارثة لن يسلم من تبعاتها أهل السلطة، وإن كان الغُرم الأكبر سيطال الجموع الغفيرة (أو الغفورة كما كان يقول الراحل فيلمون وهبة).
 
 
ثانياً: الرئيس عون زعيم المصالحات العشائرية...
في هذا الخِضمّ، أجمع المتابعون والمهتمون بشؤون أزمات نظام الطوائف-المحاصصة، والتي زادتها حادثة قبر شمون المؤسفة التهاباً، ما كان لوقع بيان السفارة الأمريكية السياسي من أثرٍ واضح في إنضاج المصالحة،  وتفاوتت التعليقات  بين مستنكرٍ ومُستهجنٍ ومُرحّب، ونسبَ لها البعض الفضل الأكبر والدور الحاسم في المصالحة، إلاّ أنّ ذلك لم يحجب عن بال بعض النّابهين إلى أنّ صمود الزعيم وليد جنبلاط( بما يختزن من حكمة ودهاء وصلابة وشعبية) هو الذي قلبَ الأمور رأساً على عقِب، مع تسجيل أهمية وقوف رئيس الحكومة بجانبه، والموقف الحازم والجادّ لقائد القوات اللبنانية سمير جعجع، الذي نفخ في روح فريق الرابع عشر من آذار،  ودبّ فيه الحياة في مقابلته التلفزيونية الاخيرة، هذه الاصطفافات هي التي أملت على فريق باسيل-حزب الله التراجع عن لهجة التصعيد والوعيد، ومحاولات تحجيم من لا يزال واقفاً في وجه سطوة حزب الله على مقاليد الحكم في لبنان،  وليتأكّد من لا يزال في شكٍّ من أنّ الأميركيين لا يخوضون معاركاً نيابةً عن أحد، مع استعدادهم لدعم مَن يصمد ويُكافح من حلفائهم، إلاّ أنّ ما استقرّ في وعي اللبنانيين، وتأكّد بالأمس  أنّ أقطاب السلطة الذين انضجوا بالأمس "تفاهم" قبر شمون، إنّما كانوا يضيفون إلى سجلّهم الحافل بالتفاهمات والمصالحات إنجازاً آخر في السجل الذهبي للمصالحات العشائرية، مع احتفاظ الرئيس عون بقصب السبق في هذا المضمار، فهو زعيم المصالحة العشائرية الكبرى مع حزب الله بتفاهم مارمخايل عام ٢٠٠٥، وينسب البعض هذا التفاهم "التاريخي" للوزير جبران باسيل الذي يُمثّل مع الرئيس عون ما كان يقوم به من دور عمرو بن العاص مع الخليفة الأموي معاوية بن أبى سفيان،  والرئيس عون هو صاحب المصالحة العشائرية في معراب مع الدكتور سمير جعجع، والتي وضعها منذ يومين فقط الوزير باسيل دبْرَ أُذنه وتحت قدمه،(رغم وصفها من قبل الوزير رياشي بالتاريخية)، وهو صاحب المصالحة العشائرية مع الرئيس سعد الحريري، بعد الابراء المستحيل، وبطاقة الذهاب دون إياب التي قطعها له عام ٢٠١١ عندما أطاح بحكومة اتفاق الدوحة،  لنصل اليوم إلى مصالحة قبر شمون التي يمكن نعتها  ب"أُمّ المصالحات العشائرية".
 
كان الرئيس الراحل رفيق الحريري يضحك على اللبنانيين بقوله "البلد ماشي" في حين كان النّهب والنّصب هو "الماشي"، واليوم يقول أقطاب المصالحات العشائرية: الصّلح سيد الأحكام، وعفا الله عمّا مضى،  إلاّ أنّ ما يتوجس منه اللبنانيون اليوم، غداة مصالحة قبر شمون، أنّ أبرز أبطال الحادثة، وصاحب الفِتن المتنقلة كان الغائب الأبرز عن تفاهم قبر شمون في قصر بعبدا.